وأنا أقول لصاحب العنوان الذي اشتققت شطره الأول (جدد حياتك)، ويزودنا بزاد من المعدن النفيس كل جمعة، الدكتور: «خالد بن صالح المنيف».. وهو دكتور بالتخصص، لكنه بغنى عنها؛ إذ ترى ما يزجيه قد علا واستعلى، بل استغنى عن درجته العلمية (الدكتوراه).. كيف لا وهو من فرادى: أن تجد ترب ذاته وترائب كأفعاله.. فهو الذي (خلد) ورده، و(أصلح) بعطائه من عطبنا، من يوم (أناف) بنا سامياً متابعيه بل قراءه أيضاً إلى رجو العوالي بسلّم تحبيره ودرجات تسطيره.. تصعداً بفعل تأثيره.. نحو ما رامه أحمد شوقي: فليس كثيراً على صياغته هذا النعت من أنه: عزف (منفرد) كانفراده بين أنداده بشق طريق لم يُسبق إليه: ولا غرو البتة في ذاك.. فعندما تتسامى الأحرف لتعانق أفق الكلمات فيجدلن جُملاً لا هي بالنثر فيحاكَى، ولا بالشعر فيُبارى.. تكاد ترتجف لغة التعبير، وربما تتهاوى من أن توافي ما يلقى على الآذان. وما دعاء الكروان ليطرب أو صدح البلابل أن يعذب إلا لأن تلك لغة قلما تجيد آلات الطرب تشنيفاً موازياً مما ترهف له الآذان وهي تُلفح بعبق فواح عبيره من جُمل تأخذ بلب المطالع؛ فلا يستطيع عنها انفكاكاً.. أسحر منها؟ أو أسر بها؟ أو لأن مذاقه صبَّ في المسمع عسلاً سائغ الشراب ككنه معانيه؛ فجاست الذات في طيب مغانيه.. أكلامك هذا سال من عسل؟ أم قد صببت على آذاننا العسل؟ .. لا، بل فاق وقعه واستحلى لذعه أو كاد سمعه.. أن يفتل حبال تجديله ناصية التلقي حتى لا يستطيع المتتبع منها انفكاكاً.. وعنده لا تثرّب على من كان حاله إثرها متمثلاً أهي السحر الحلال..! - قال ابن الرومي يصف حديث امرأة: ف(مسلم) و(متحرز)، ومع هذا لا تستنكف عن...! أجل، فكم (حبيبنا) وددنا - مع المحدث - أن لا توجز؛ فجملك كأنها سحرت بلا أدوات سوى صيغ نظمت كالدر النفيس أبا صالح.. خفف وطء انجذابنا تلقاء ما تأتي من جليل معانٍ وبديع بيانٍ يشغف العينين حين تطّلع.. ويأسر الأذنين أن تستمع.. وقد جددت خطابك فجدّلها وراءه خطونا، وأطمعها أن تستزل عما أبلغته بها القدم.. وأحييت مقاصد كم عدونا قربها فلم نسمع لها ركزاً.. أو طمرنا ثراها ولم يؤثر بنا رمسها.. سوى يوم امتشقها بيانك فكان بالمرصاد لها بنانك، حتى عبّدت طريقها الوعر، وسلكت بنا وهادها القفر.. أسلوبك.. تمثيلك.. تقريبك.. عبيرك.. .. الفواح هل فقت منه يا قوم؟ أم بعد.. رغم أنه أنبأني بالصباح.. لا شهريار بل طلع النهار.. وطلح ثمار ما أثرى.. وما أبقى بعد عليّ وأختم: ما سطرت إلا بعض الحق الذي لك، وأبديه لا مراء فيه؛ فهكذا أعرف في نفسي (لا تتزلف)، كما لا يستخف بها عرضا مما تطالع.. لكن هل بالغت؟! أبداً، بل ثناء و(دين) يستحقه بلغت.. إذ (لا يشكر الله من لا يشكر الناس) حديث الذي أتى متمماً للمكارم ورافداً لذي العزائم.. فشكراً يا أهل المغانم، وإن كنت - وهذا مما أعرفه عنك وعن كثب - (تقدم للمغرم وتعف عند المغنم).. فأستغفر الله من الأولى إن كانت تُجاري .. وأعتذر من الأخرى إن لم توازِ ربي (بارك) لنا فيه، واحفظه وزده وسدده..