قال الشيخ الدكتور هشام بن عبدالملك آل الشيخ الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء إن الله سبحانه تعالى لم يبتل عباده بالمصائب في أنفسهم وأموالهم ليهلكهم ولا ليعذبهم، ولكن ليبتليهم، بها امتحانًا لصبرهم ورضاهم، واختبارًا لإيمانهم بربهم، فإن صبر العبد على ما حل به من المصائب ورضي بما قدره الله تبارك وتعالى له، كفر الله عنه سيئاته وأثابه على صبره أجرًا عظيمًا، فالمصائب هي للمؤمن الصابر رحمة ونعمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، أن إصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن إصابته ضراء صبر فكان خيرًا له). وأضاف أن مصيبتنا عظمى وفاجعتنا كبرى بموت فقيد الإسلام والمسلمين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عليه رحمة الله تعالى، فقد كان -رحمه الله- إمامًا عادلاً وأبًا رحيمًا، أعز الله به الإسلام وأهله وحمى به حوزة الدين، ودافع عن حياضه، فرحمه الله رحمة واسعة، وعفا عنه وأسكنه فسيح جناته، وأحسن الله عزاء المسلمين فيه، ولا نقول إلا كما قال الصابرون {إنا لله وإنا إليه راجعون}. فقدت الأمة الإسلامية ملكًا وقائدًا كان حريصًا على غرس الحب وجمع الكلمة وإشاعة الطمانينة في نفوس الجميع، يسهر على رعاية مصالحهم، فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه. لقد كانت المصيبة عظيمة، والجلل كبير، لكن الله تعالى أثلج صدور المسلمين، وطمأن نفوسهم وأزال عنهم الحزن، وعوضهم الله خيرًا بالبيعة لأخيه سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله-، ملكًا على البلاد وإمامًا للمسلمين، والبيعة لأخية مقرن بن عبد العزيز وليًا للعهد، فالحمد لله على هذا الوفاق والحمد لله على جمع الكلمة والحمد لله على وحدة الصف. إن خادم للحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز أهل للإمامة دينًا وخلقًا وأمانةً، ملأ الله له القلوب حبًا وإجلالاً، فهو الخليفة الراشد بحول الله وقوته، وقد رضيه المسلمون ملكًا عليهم وإمامًا وخليفة وخادمًا للحرمين الشريفين، يحكم فيهم بشرع الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويقيم العدل فيهم. لقد كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز منذ البداية عضدًا وسندًا بعد الله سبحانه وتعالى لسلفه -رحمه الله-، فحمل الراية بعد أخيه ليكمل المسيرة على نفس المنهج، منهج الكتاب والسنة، على فهم سلف الأمة، فرحم الله الملك المؤسس عبد العزيز فقد رسم الطريق ووحد المعالم، وأرسى دعائم هذا الصرح الشامخ على المنهج القويم، وحذا حذوه أبناؤه البررة الملوك من بعده سعود وفيصل وخالد وفهد وعبد الله، فرحمهم الله جميعًا وأسكنهم فسيح الجنان، وجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير مقرن يحذوان حذوهم على حمل الأمانة وإكمال المسيرة لبلوغ الغاية السامية، والعمل لما فيه سلامة واستقرار وأمن هذا الوطن الغالي. إذا تمت المبايعة من أهل الحل والعقد لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، فإنه بذلك تكون في رقبة كل مسلم بيعة شرعية للإمام ولولي عهده، لا يجوز خفرها ولا التهاون في شأنها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من مات وليس في عنقه بيعة للإمام فقد مات ميتةً جاهلية)، فيجب اعتقاد كل مسلم أن في رقبته بيعة للإمام ولولي عهده، على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنشط والمكره وفي العسر واليسر، وأن يستحضر ذلك دائمًا، داعيًا الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لكل خير، وأن يجعله خير خلف لخير سلف وأن يحفظ ولي عهده وولي ولي عهده.