مع بداية المرحلة التي بدأت تظهر فيها صور النساء السعوديات على صفحات الجرايد.. سواء مع كتاباتهن.. أو كسيدات أعمال.. سألتني ابنتي: - توافق انهم ينزلوا في الجريدة صورتي مع حوار صحفي..؟ قلت بمنتهى البساطة - ليش لا.. كان احد اخوانها حاضراً.. لم انتبه الا و قد قفز من مكانه واصبح في مواجهتي... وصرخ:- ((ايش تقول))..؟ قلت:- ((تنشر صورتها في الجريدة.. ما فيها شي))..؟! وزأر باستنكار:- ((والله على جثتي))..!! قلت باستغراب:- ((ليه عيب و الا حرام؟!)) قال:- ((لا عيب و لا حرام.. لكن تبغي الناس يقولوا شفنا صورة اخت ((فلان)) في الجريدة.. والله يمكن انشل.. والا اطق من القهر وأموت)) عند هذا الحد صرخت فيه:- ((ياواد اشبك.. ماهي امك تطلع معايا في السيارة كاشفة وجهها.. ليش ما اتكلمت)). قال باستسلام:- ((مرتك و انته حر فيها.. لكن لما تطلع معايا.. ما أحرك السيارة شبر.. الا بعد ما تغطي.. شوفها عندك اسألها)). قلت بضيق:- ((اذا صار الحوار.. و جاء وقت النشر يصير خير)) قال محذراً: ((اسمعي يابنت.. اتركي كلامه.. والله لو سويتيها.. ما تلومي الا نفسك.. و خليه ينفعك بعدين)). كان عمره يومها نحو السابعة عشرة. صديقة لنا لديها بنت في نحو الرابعة عشرة.. تخرج مع امها سافرة الوجه و طبعاً الأخ الاكبر معارض سفورها.. و يهدد و يتوعد.. تقول السيدة الفاضلة:- ((يوم شفته يبغى يمد يده على بنتي.. وقفت في وجهه.. و قلت بمنتهى الجدية... شوف ترى ابوك وأهلي.. ما يعارضوا خروجي من البيت سافرة الوجه.. و أنا أحط الغطوة.. عشان ما أحرجك مع أصحابك الي تقعد معاهم قدام الباب.. لكن والله لو مديت يدك على اختك.. لأطلع سافرة وأوريك.. البنت ما تروح و تجي الا معايا.. وأنا الي اقرر متى تغطي.. واذا جات تتزوج هي و زوجها يختلصوا..)). وصديقي الذي ذهب مع ابنته الى أمريكا مرافقاً.. قضى معها هناك ستة شهور و الغى مرافقته وعاد.. أولاده الكبار قالوا:- ((احسن حاجة سويتها البنت عاقلة وفاهمة.. خليها تعتمد على نفسها.. هناك في هذيك البلاد ما في أحد يجبرك على الغلط الا هواك)). لكن الأخ الصغير اعترض على عودة ابيه.. وهدد بترك الدراسة و اللحاق بأخته.. و قال:- ((إش اقول للناس.. لأصحابي.. أقول لهم أختي لوحدها في امريكا بدون رجال معاها؟!.. و الله لأقدم طلب و أطلب من الحكومة ترجعها.. والا انا اروح اسحبها من شعرها و أمشيها قدامي)). قال الأب بلا مبالاة:- ((اتركوه.. ما يقدر يسوي شي)). قالت الأم بخوف:- ((الولد هذا مجنون.. والله يقدر يسويها ويفضحنى)) قال الأب:- (( لا تخافي يا بنت الناس.. لا يغرك طوله.. تراه أهبل ما يقدر يطلع خطوة من المطار الا اذا سويت له تصريح)). كان في نحو السابعة عشرة تقريباً. .. اما ذاك فقال لزوجته:- ((خذي بنتك وسافري.. أنا ما اقدر أعطل مصالحي)).. قال الصغير:- ((حرمتين سوى.. ما يصير.. أنا أروح معاها)). قال الأب:- ((خلاص كلها ست شهور.. خذ الثانوية و الله يسهل عليك رجعولي مرتي وكمل دراسة مع أختك)). وبعدما سافر رجعت الأم. وذات مساء اتصل من هناك:- ((يابويا بنتك مسوية عليا شرطي وكاتمة نفسي.. انا ابغى اروح ولاية ثانية)). قال الأب:- ((وتترك اختك لوحدها)) قال الابن:- ((لوحدها إيه؟ ساكنة مع بشكتة بنات.. و بعدين هذي تخوف وما ينخاف عليها)). كان قد تجاوز الثامنة عشرة بقليل. ))) لم يكن العالم حولنا يتغير وحيداً.. لكنه أخذ يغير عقول أبنائنا.. ولم افاجأ و أنا اسمع ابني يقول لأخته أثناء مشاهدة احد البرامج التلفزيونية الشهيرة:- ((ليش ما تخليهم يستضيفوكي في البرنامج تتكلمي في مجال تخصصك)). اخذت تضحك وتقول:- ((مو انته ما تبغاني اكشف وجهي)) قال بغضب:- ((اش تبغى الناس بوجهك.. الناس يهمها علمك)).