تعثّرت جهود نائب الرئيس العراقي الدكتور إياد علاوي في تحقيق المصالحة الوطنية بين الأطراف العراقية، بسبب اعتراض أطراف في كتلة التحالف الوطني الشيعية، بسبب إدّعائها بأن بعض المستهدفين متهمون بالإرهاب. ومع أن أفضل وسيلة لتحقيق المصالحة هي عدم النظر إلى الوراء وتجاوز الماضي بكل مراحله التي شهدت صراعاً ومواجهات بين الأطراف المتنازعة، وهو النهج الذي انتهجه نلسون مانديلا المناضل الأفريقي وأول رئيس أفريقي لجمهورية جنوب أفريقيا بعد تخلصها من الحكم العنصري، والذي استطاع أن ينجز أفضل وأهم مصالحة بين الأفارقة والعنصريين الأوروبيين، فاستطاع الحفاظ على جنوب أفريقيا دولة متقدمة بتعايش الوطنيين الأفارقة والمستوطنين الأوروبيين، ورغم كل الجرائم والمآسي التي عانى منها الأفارقة، إلا أن نهج المصالحة والتسامح أنقذ جنوب أفريقيا وأبقاها كواحدة من أقوى وأهم الدول الأفريقية. بعض أطراف كتلة التحالف الوطني ذات المكون الواحد، بينما جميع الأحزاب والأطراف المنضمة لها من المكون الشيعي، تعترض على المصالحة بزعم أن المصالحة تستهدف جماعات إرهابية، وهو اتهام يطلقه أيضاً أطراف من المكون السني، الطرف الآخر المستهدف بالمصالحة إذ يؤكد قادته بأن إرهاب المليشيات الشيعية كان الأكثر، وأن أهل السنة في أحياء بغداد والمحافظات الجنوبية قد نالوا الويل من هذه المليشيات، وإذا أصرّ الذين يعترضون على التشبث بالماضي، فإن الأحداث والوثائق تدين هؤلاء المعترضين، فالذين يُتهمون بالإرهاب هم من دُمرت مدنهم وشُردت عوائلهم، والفلوجة شاهدٌ على ذلك أما من يُوصم بالإرهاب فذلك مردّه إلى الأحكام الجائرة التي صدرت أثناء الثماني سنوات فترة حكم نوري المالكي الذي اختص أهل السنة بالمادة أربعة (4) الخاصة بالإرهاب والتي لم يُحاكم بها أحدٌ من المكون الآخر، رغم أن البغداديين كانوا يستيقظون على مناظر جثث أهل السنة، وهي مرماة في نهر دجلة، ورغم علمهم بأن مطار المثنى مقر حزب الدعوة تحوّل إلى معتقل يُعذب فيه أبناء بغداد، وأن فرق الموت في عهد باقر صولاغ عندما كان وزيراً للداخلية تُطارد شباب السنة العرب، فهل هؤلاء رسل سلام أرسلتهم طهران، أم مليشيات إرهاب لم تطلها يد العدالة، لأن الإرهابيين تهمة خاصة بالعرب السنة. هكذا أراد نوري المالكي، وهذا ما يريد تكتل التحالف الشيعي الإبقاء عليه، ولهذا فإنهم سيضعون العراقيل أمام جهود إياد علاوي وغيره من الذين يسعون لتحقيق مصالحة حقيقية تعيد للعراق وحدته، التي لا يريدها من استفاد من تمزُّق العراقيين واختلافهم، ولا يريدون للعراقيين استعادة قرارهم.