داء العجب * أفيدكم أنني في أثناء طلبي للعلم أعاني من داء العجب، فما أن أقرأ كتابًا أو أحفظ متنًا أو أحضر درسًا إلا وأصاب بهذا الداء، وهذا كما تعلمون مما يعيقني في التحصيل الشرعي، وسؤالي هو: أولاً: ما هي الكتب التي تتحدث عن سير السلف وتفانيهم في طلب العلم وفي العبادة عمومًا؟ حيث إن قراءة مثل هذه الكتب كما تعلمون مما يعين على معالجة داء العجب الذي يصيب الإنسان. ثانيًا: هل من أشياء أخرى تنصحونني بها حتى أتخلص من هذا الداء؟ - العُجْب داء عضال يصابُ به من نظر إلى نفسه فرآها متميزة عن غيرها، ومما يلزم منه الكبر وغمط الناس والترفع عليهم ؛ لأنه يرى أن لنفسه مزية على غيره، يقول الناظم - رحمه الله -: والعجب فاحذره إن العجب مجترف أعمال صاحبه في سيله العرمِ فهو من أشد أمراض القلوب وإذا وجد في قلب مسلم فإنه يأكل الحسنات أشد من غيره من أمراض القلوب، فإذا كان الحسد جاء في الحديث أنه «يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب»، فالعجب شأنه أشد؛ لأن الإنسان إذا رأى نفسه تعاظم على غيره واحتقره، وأنف من تسوية نفسه به، فعلى من ابتلي بهذا المرض الخطير أن يجاهد نفسه للخلاص منه، ويقرأ في سيرة النبي - عليه الصلاة والسلام - أفضل الخلق وأشرفهم وأكرمهم على الله - جلّ وعلا -، وسير الصحابة وكيف كانوا متواضعين لغيرهم، مع أنهم بالمحل الأرفع والمكان الأسنى من هذه الأمة، ثم ينظر في سير أهل العلم من بعدهم من العلماء والعباد والزهاد الذين لا يرون لأنفسهم حظاً ولا فضلاً، وبهذا يتخلص من هذا الداء، ومن خير ما يقرأ في سير السلف كتاب سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي وتراجم العلماء في تاريخ ابن كثير وغيرهما من الكتب، ولينظر أيضًا في كتاب فضل علم السلف على الخلف للحافظ ابن رجب، فإن فيه قصصاً وحكماً تبين للإنسان حقيقته، وليتأمل قبل ذلك ما ورد في ذلك من نصوص الكتاب والسنّة، وينظر إلى من هو أحفظ منه ومن هو أشدُّ منه فهماً ليعرف حقيقة نفسه ففوق كل ذي علم عليم.