في خضم مشاغل الحياة وكثرة الملهيات والمشاغل هجر كثير من نسائنا كتاب الله عزَّ وجل ولم يؤدين حقه من القراءة والتدبير كما أمر الله ورسوله عباده بشكل عام.. فهناك تقصير وهجر من بعض النساء لهذا الكتاب الكريم ومما لا شك فيه أن انشغال المرأة في بيتها وأولادها ووظيفتها قد يكون شاغلاً لها عن بعض الأمور الحياتية فهل يكون القرآن هو أولها..؟؟ ولماذا أصبح لدى نسائنا وقت لمشاهدة التلفاز والأسواق والزيارات ولا يوجد وقت لقراءة المصحف وتدبره..؟؟!!!! (الرياض) طرحت هذا النقاش لمعرفة أسباب هذا التقصير المؤسف.. وأهم الحلول لاجتنابه.. والعودة إلى المحافظة والمداومة على قراءته: في البداية ذكرت منى (39) سنة، أن أحد أسباب تقصيرها في قراءة القرآن هي مشاغل الحياة ومسؤوليات البيت والوظيفة ومع هذا أحاول قدر الإمكان قراءته وتدبره في فترات متفاوتة وبصراحة استحي جداً من نفسي كلما سمعت ابنتي (14) سنة تتلو القرآن بالليل والنهار بترتيل متقن وأنا مقصرة جداً في ذلك.. وترى سعاد ( 25سنة) أن كثرة الملهيات والمغريات بهذا الزمن مثل (الفضائيات والأسواق - الإنترنت) هي السبب المباشر الذي جعلها تقصر بقراءة القرآن حتى أنها ذكرت بأن آخر مرة قرأت بها القرآن كان في شهر رمضان الماضي، وهي عادة لا تختم القرآن إلا بهذا الشهر كما أنها لا تحفظ إلا السور القصيرة.. وهناك حالة أمية للقرآن والاحتفاء بالمظاهر والشكليات. وتذكر عبير أن سبب هجرها للقرآن والبعد عن قراءته بشكل يومي هو عدم تعودها على قراءته منذ صغرها وبذلك نشأت وهي تجهل فضل القرآن في الأسبوع والحفظ يقتصر على قصار السور وأنا حقيقة أشعر بتأنيب ضمير وأسف لهذا التقصير الذي سوف أحاسب عليه ولا أعلم عن الحلول التي من شأنها أن تجعلها فتاة صالحة لا يهنأ لها العيش إلا بقراءة القرآن ولكني سوف أحرص مستقبلاً عندما أتزوج وأنجب أولادا أن أعلمهم القرآن منذ صغرهم وألحقهم بمدارس تحفيظ القرآن حتى ينشأوا على حب القرآن ومداومة قراءته.. وتذكر العنود السبب المباشر الذي جعلها تقصر بقراءته عدم إيجاد الوقت المناسب والكافي لقراءة القرآن. قائلة: مع علمي بفضله وعظمته إلا أنني لست مداومة على قراءته وهذه صراحة أخجل من ذكرها ولكن للأسف هذا شأن كثير من نسائنا اللواتي لا يعرفن القرآن الا عند حدوث مصيبة أو هم وضيق والبعض عند الخوف من المرض أو الأعصاير أو في رمضان ويوم الجمعة لا غير، والمشكلة أن القرآن أصبح لا يقرأ عند الكثير إلا في أوقات الفراغ وهذا جهل بقدره .. وكل ما أتمناه هو أن يشرح الله لي صدري وأن التحق في مجالس الذكر لأنه قد أصابنا من هجره قسوة القلوب والغفلة واتباع الهوى وكثرة المصائب والذنوب.. إيمان ( 22سنة) ذكرت أنها أمضت سنوات عمرها وهي لا تقرأ القرآن ومع أنها فتاة جامعية إلا أنها لا تقرأ القرآن ولا توجد لديها ثقافة شرعية في كثير من أمور الحياة وهذا ما تعاني منه بعض الطالبات الجامعيات اللواتي تعتبر ثقافتهن الشرعية ضحلة لدرجة أنهن يجهلن فضل القرآن وكل هذا بسبب تربية الأهل ويشهد الله أنني مقصرة بقراءته لدرجة أخجل منها، ولكني أعاهد الله سبحانه وتعالى أن اغير تصرفاتي ولن أكثر من الأعذار الواهية التي تبعدني عن القرآن خاصة أنه لا يوجد من يضمن عدد سنوات معيشته بهذه الدنيا. وعن فضل القرآن وأهميته تحدثت الدكتورة منى العيسى أستاذ مساعد بقسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية للبنات بتبوك قائلة: لم يكن نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم من عند الله عزَّ وجل ليجمع في المصاحف وإنما كان نزوله من أجل التعبد به وفهم معانيه وتدبرها والامتثال لأوامره والانتهاء عن نواهيه ومن المعلوم أن تعلم القرآن وتعليمه خير كما جاء في الحديث "خيركم من تعلم القرآن وعلّمه" وعن عبدالله بن عمر قال: سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لا حسد إلا في اثنين، رجل آتاه الله الكتاب فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ورجل أعطاه الله مالاً فهو يتصدق به آناء الليل والنهار"، وعلى هذا فلا بد لصاحب القرآن أن يتعهده بالتلاوة والحفظ والمراجعة حتى لا يفلت منه كما في الحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعلقة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت". وفي قراءة القرآن يستنير قلب المسلم ويزاد من الأجر والحسنات، وهذا ما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف". فقارئ القرآن مأجور على قراءته سواء فهم معناه أو لم يفهم، فعن أبوموسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجه طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالثمرة، طعمها طيب ولا ريح لها. ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة. ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر أو خبيث، وريحها مر. وفي رواية (ولا ريح لها). ومن العجب والمؤسف أن بعض الهاجرين للقرآن عندما يصيبهم ضر أو مرض تراهم يسارعون إلى قراءة القرآن وترديد سور منه وآياته طلباً للشفاء ورفع ما بهم وكأن القرآن ما أنزل إلا للتداوي والعلاج، وفي الحقيقة أن هجر تلاوة القرآن مصيبة في الدين أصيب بها كثير من الناس اليوم ويمكن اعتباره داءً وبيلاً قاتلاً يجب البحث عن مسبباته وطرق علاجه ولا يغيب عن البال أن من أسباب هجر الناس القرآن والاصرار على الذنوب واستغفارها والابتلاء بطاعة الهوى والتوسع في طلب الدنيا لأنه كما جاء في الحديث الشريف "ان العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه". ومن المؤكد أن من أعظم منافع قراءة القرآن أنه يعالج أمراض القلوب ويزيل عنها الشبهات ونزغات الشهوات، كما أن القرآن شافع لصاحبه يوم القيامة مطالباً له بما يستحقه من الكرامة فيقول: (يا رب حله) فيحله حلة الكرامة، فيقول (يا رب زده) فيلبسه تاج الكرامة فيقول: (يا رب ارض عنه) فيرضى الله تعالى عنه. وتضيف الدكتورة منى العيسى أنه من خلال الآراء السابقة تبين أن عدم حرص النساء على قراءة القرآن وعدم الاهتمام به - اللهم في شهر رمضان - راجع إلى الانشغال بأمور الدنيا وملذاتها وعدم مجاهدة النفس في ترك الملاهي التي هي مضيعة للوقت ولا تعود على الإنسان بأدنى فائدة، بل هي وبال عليه في الدنيا والآخرة. ومن أهم الحلول المقترحة لمعاشر النساء هي الحرص على الوقت فلا يجعلن همهن مشاهدة القنوات الفضائية والخروج للأسواق وتصفح المجلات ومواقع الإنترنت، بل عليهن أن يخصصن وقتا للتلاوة وأن يغرسن حب تلاوته في أولادهن.. ومن أهم الحلول المساعدة على ذلك: 1- إدراك أهمية المداومة على قراءة القرآن الكريم وهدي السلف. 2- إدراك فقر الإنسان وضرورته الملحة إلى تلاوة القرآن الكريم وإن كتاب الله ينبغي أن يكون للمسلم كالغذاء لا يستغني عنه. 3- تخصيص قدر محدد من كتاب الله نلزم به أنفسنا بتلاوته كل يوم فلا نخل به وعند فواته لكسل أو شغل نسعى إلى تعويضه في الغد. 4- ألا تكون قراءة القرآن موكولة لأوقات الفراغ فحسب، بل يجب أن نجعل له نصيباً من أوقاتنا وهذا يدعو إلى إعادة النظر في أوقاتنا. 5- إعادة النظر في تربيتنا للناشئة، فمن أين يتعلم أبناؤنا وبناتنا تلاوة القرآن؟ أليس كثير منهم يعرف سير التافهين والساقطين أكثر من معرفتهم عن أنبياء الله.. وكتاب الله. لهذا يجب علينا الحرص على قراءته وتعليمه أولادنا منذ الصغر حتى ينشأوا على حب قراءة القرآن. واختتمت الدكتورة منى حديثها بنصيحة إلى الأخوات الهاجرات لكتاب الله قائلة: علينا أن نتأمل في فضل الله وتكريمه لنا إذ أنزل إلينا أحسن كتبه وأكملها فلنكن أهلا لهذه الكرامة ونعظم شأنها ونشكره سبحانه عليها. وعليهن تقوية العزم على إصلاح العلاقة مع القرآن ولزوم تلاوته وتدبره يومياً ولو بقدر بسيط مع الاستعانة بالله على ذلك.