إذا كان للدولة السعودية هيبة فإن لتلك الهيبة رجالاً قادرين على ترسيخها شرقاً وغرباً, وقد حظيت المملكة برجال مخلصين مثلوها خير تمثيل في كافة المحافل الدولية, أما رجال المهمات الصعبة فلا يظهرون إلا وقت الاحتياج الفعلي ومن هؤلاء صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز وزير الحرس الوطني، هذا الرجل الذي يمتلك في فكره تعاليم أساسية رسخها في ذاكرته عبد الله بن عبد العزيز القائد الملهم والزعيم الحكيم فمنذ انطلاقة سمو الأمير متعب من كلية (Royal Military Academy Sandhurst) وحتى التحاقه بوحدات الحرس الوطني.. مر في تلك التجربة بكل القواعد والتدرجات العسكرية وشارك أفراد الحرس الوطني وضباطه حياتهم العملية بكافة تفاصيلها, ومتعب بن عبد الله يتمتع بمزايا القائد الفذ, هدوء ورزانة وعدم تعجل.. حنكة وموهبة مع الفطرة السليمة زادتها تجارب العمل العسكري صقلاً وعناية.. ثقافته مميزة يجيد اللغة الإنجليزية بطلاقة ولديه أرشيف معرفي متنوع لا تنقصه خبرة ولا موهبة ولا شجاعة, مر بكثير من التجارب العملية جعلته يعرف ما يقول ويستوعب ما يشاهد بلمحات سريعة.. لا يحب النفاق وواقعي في كل أموره, يتعمد البساطة وعدم التكلف وقضاء حاجات المنسوبين, حريصاً على العدل والمساواة لكل من عمل معه أو حوله, لكنه دقيق للغاية, هذا فيما يتعلق ببعض الصفات الشخصية التي يمتلكها سموه أوردت منها القليل ولعل المهمة التي كلف بها سموه مؤخراً للولايات المتحدةالأمريكية واحدة من المهمات الصعبة خاصة وأنها تأتي في وقت حاسم وملتهب على كافة الصعد, وقد كان جدول الزيارة لسموه مزدحم للغاية بدأ بالمبتعثين ثم بلقاء «أوباما» وقادة «البنتاجون» ثم السيناتور «ماكين» وكان قد حضر مأدبة عشاء غير عادية جمعته بعشرات الساسة وصناع القرار بواشنطن.. وقد كان للزيارة أهداف متعددة منها الاطمئنان على سير الابتعاث والمبتعثين بتكليف من الراعي الكريم لكل المبتعثين خادم الحرمين الشريفين حفظه الله.. وتسريع وصول الطائرات الحربية إلى السعودية في نهاية العام ومناقشة خطة دعم أمريكا «للجيش الحر» وما يجري من أحداث مهمة متعلقة بالعلاقات السعودية الأمريكية بكل شفافية وسمو الأمير متعب خير من يمثل هذه المرحلة الصعبة خاصة وأن العلاقات السعودية الأمريكية شابها شيء من الفتور في الفترة الماضية إلا أن هنالك علاقات وطيدة بين البلدين منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز-طيب الله ثراه- وحتى الوقت الحاضر.. وقد أظهر القادة الأمريكيون اهتماماً كبيراً غير مسبوق على كل المستويات السياسية والعسكرية بزيارة سمو الأمير متعب حيث وصفته وسائل الإعلام الأمريكية بأنه من القادة الكبار في الشرق الأوسط وحرص العديد من السياسيين وصناع القرار على تتبع أخبار الأمير ما إن وطأت قدماه واشنطن, وعقد الأمير متعب العديد من الاجتماعات في الليل والنهار خلال جدول أعمال مزدحم, أظهرت أهمية وزير الحرس الوطني السعودي لدى الأمريكان وأهمية المملكة العربية السعودية لدى الساسة في أمريكا وقد أظهرت الاجتماعات المتلاحقة والجدول المزدحم للأمير متعب جدية الأمير لهذه المهمة والمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه في إيصال وجهة النظر السعودية للمسؤولين الأمريكان على كل المستويات, وهي المهمة التي شملت أيضاً ملفات داخلية تهم الشأن السعودي وملفات خارجية إستراتيجية تختص بأمن المنطقة, والتي تحرص المملكة على تسويتها تأسيساً على مكانة المملكة العربية السعودية كمحور إقليمي مهم يلعب دوراً بارزاً في استقرار المنطقة إضافة إلى أن الحرس الوطني له تعاملات تدريبية مع وزارة الدفاع الأمريكية تعود إلى السبعينيات ميلادية وما زالت حتى الآن ومشاريع تدريبية متنوعة تختص بتأهيل الكتائب والألوية القتالية بالتدريب والتنسيق المشترك في (مشروع التطوير لوحدات الحرس الوطني) وقد أثمر عن العديد من الفوائد بالنسبة لوحدات الحرس الوطني التي تتمتع بتدريب ميداني عالي المستوى وكذلك قياداته التي أثبتت جدارتها في كل الميادين بالاستيعاب السريع لكل وسائل التطوير والتحديث الجديدة.. لذلك كانت زيارة سمو الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز لواشنطن موفقة للغاية لرجل يدرك ما يقول ويعلم أهمية الوضع الراهن الذي تمر به الأمة العربية وما يدور في الأفق السياسي من أحداث, أي أنه رجل المهمات الصعبة في الأوقات المهمة وهو خير من يمثل الوطن في هذه المرحلة الصعبة.