كنت ضمن المكلفين بخدمة ضيوف الرحمن هذا العام، وممن تشرف بالالتقاء بسمو النائب الثاني، خلال استقباله ضيوف الحج والقيادات الأمنية المشاركة في المهمة، ونما إلى علمنا ونحن في مجلس سموه في منى أن قائدنا ومليكنا المحبوب قد ظهر على شاشة التلفاز مطمئنا شعبه ومحبيه أنه بخير، وتأكدنا لاحقا في ذات المساء عندما شاهدنا قائدنا عبد الله بن عبد العزيز يستقبل عددا من مواطنيه في مجلسه العامر بالرياض، وهو يلبس لباس العافية ويتحدث إلى المواطنين بأنه بخير طالما شعبه بخير، هذه هي الفرحة الغامرة التي عمت أرجاء الوطن وتخطته إلى حجاج بيت الله الحرام من العالمين العربي والإسلامي المتواجدين معنا في المشاعر المقدسة، والذين يلهجون بالدعاء الصادق والمخلص لخادم الحرمين الشريفين الذي سهل لهم حجهم ويسر لهم نسكهم ووفر لهم الرعاية والعناية وتوفير الأمن والسلامة، بأن يسبغ عليه الصحة وأن يبارك له في عمره لخدمة الإسلام والمسلمين. أما الفرحة الثانية التي غمرت منسوبي الحرس الوطني بصفة خاصة، فكانت يوم الأربعاء الحادي عشر من ذي الحجة وفي مشعر منى حيث مخيم الحرس الوطني المعني بالمساهمة في خدمة ضيوف الرحمن، وبينما نحن نؤدي واجبنا في خدمة الحجيج، شاهدنا على شريط الأخبار في التلفاز خبرا عاجلا مفاده، صدور الأمر الملكي الكريم بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وزير دولة وعضوا في مجلس الوزراء ورئيسا للحرس الوطني، لقد عمت التباشير وساد الفرح وتبودلت التهاني بين المنسوبين، حيث أثلج هذا الأمر الملكي الكريم أفئدة منسوبي الحرس الوطني مدنيين وعسكريين، وكان توقيته بمثابة هدية العيد ووسام الإنجاز لمهمة الحج من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لرجال الحرس الوطني المشاركين في الحج، كيف لا ومتعب بن عبد الله يمثل بالنسبة لنا القلب النابض والعمود الفقري لجهاز الحرس الوطني التنظيمي، فهو من المعاصرين الفاعلين لمسيرة الحرس الوطني منذ التحاق سموه بالخدمة العسكرية وانضمامه إلى دفعة ضباط الحرس الوطني المبتعثين إلى كلية سانت هيرست الحربية في بريطانيا، حيث انخرط في برنامجها التعليمي والتدريبي الشاق الذي لا يميز بين الطلاب العسكريين، فجميعهم خاضعون للتدريب دون تفرقة، ولم يلتحق متعب بن عبد الله بتلك الكلية من أجل تحقيق جاه أو مال أو منصب، فهو آنذاك ابن رئيس الحرس الوطني عبد الله بن عبد العزيز، ولكنه التحدي وحب العمل العسكري وقوة العزيمة وبعد النظر والاستراتيجية العليا التي رسمها لنفسه متعب بن عبد الله، متحملا في سبيل ذلك اقتحام الصعاب وخوض التجربة العسكرية بكل ما تعنيه من الشدة والقوة، ومقدما تحقيق الهدف المنشود على رفاهية ورغد العيش الذي كان بإمكان سموه أن يستمتع فيه بعيدا عن مشقة الحياة العسكرية. كانت بصمة الأمير متعب بن عبد الله واضحة على مسيرة الحرس الوطني وتطويره، ولم يقتصر تفكير واهتمامه وتخطيطه على الجانب العسكري فقط تنظيما وتحديثا وتسليحا، وإنما شمل مجالات أخرى متنوعة اجتماعية وصحية وحضارية، فاهتم بمتابعة أوامر وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، بضرورة تطوير الحرس الوطني كمؤسسة عسكرية حضارية ثقافية، وتمثل ذلك في ما أنشئ من مدن الحرس الوطني السكنية ومنشآته الصحية في جميع أرجاء الوطن التي يتواجد فيها الحرس الوطني. هذا فضلا عن تنظيم وإقامة المهرجان الوطني للتراث والثقافة تحت مظلة الحرس الوطني، وقد سئل صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز رئيس الحرس الوطني فور تسلمه هذا المنصب الرفيع، سئل عما أوصاه الملك عبد الله يحفظه الله، فقال سموه أوصاني بعبارة واحدة (يا متعب الحرس الوطني أغلى علي من عيالي، واليوم أشيله من ذمتي وأضعه في ذمتك)، ورد سموه على الملك (كلنا في ذمتك إن شاء الله، والله يعيننا ويقدرنا على أن نخدمك بأي شيء نستطيع أن نقوم به) وأضاف سمو رئيس الحرس الوطني قائلا (الحرس الوطني ليس غريبا عني ولست غريبا عنه، لن أقول إنه جزء من حياتي بل هو حياتي كلها التي قضيتها فيه مع زملائي)، فنعم الموصي ونعم الموصى، فخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله، عندما أبان لرئيس الحرس الوطني الجديد، بأن الحرس الوطني أغلى عليه من عياله، فهو بهذه المشاعر الفياضة تجاه الحرس الوطني، يصدر توجيها شاملا من خلال عبارة موجزة، تعادل وثيقة عمل هامة وتسليم أمانة غالية من قائد ومؤسس هذه الصرح الشامخ، إلى رئيس جديد وقائد معاصر وأمين على هذه الأمانة الغالية. العميد د . جرمان أحمد الشهري