أقر الناطق الرسمي باسم حركة النهضة زياد العذاري بفوز حركة نداء تونس بالمرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية التي تمت الأحد وسط تعزيزات أمنية وعسكرية غير مسبوقة ، حيث تم تسجيل نسبة مشاركة بأكثر من 61 بالمائة من جملة الناخبين. وأقر العذاري بأن النهضة «دفعت ثمن توليها الحكم خلال الفترة الانتقالية والأخطاء التي ارتكبتها». وقال المستشار السياسي لزعيم الحركة لطفي زيتون بأن النهضة «تقبل بالهزيمة وتُهنئ الفائز بالتشريعية، ونجدد دعوتنا لتشكيل حكومة وحدة وطنية لما فيه مصلحة البلاد». وكانت حركة نداء تونس قد حققت أرقاماً جيدة، حيث أوضح رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات أن النتائج الجزئية تؤكد حصول نداء تونس على المرتبة الأولى بحوالي 38 بالمائة من جملة أصوات المقترعين، وجاءت حركة النهضة في المركز الثاني ب31 بالمائة من الأصوات.. إلا أن اللافت في ما صدر من نتائج أولية ، صعود أو بروز أحزاب جديدة وليدة ما بعد الثورة لا تحتكم على أي رصيد نضالي في المجال السياسي على غرار الاتحاد الوطني الحر الذي يتزعمه رجل الأعمال المثير للجدل سليم الرياحي، مقابل اندثار أحزاب سياسية فشلت في الفوز بأكثر من مقعد في البرلمان الجديد الذي يضم 217 مقعداً. وكان حظ الحليف الأصغر للنهضة في الترويكا المستقيلة حزب التكتل سيئاً للغاية حيث لم يفز سوى بمقعد يتيم ينتظر أن يكون محل صراع بين قياديي الحزب وكذلك الشأن بالنسبة للحزب الجمهوري الذي رشح زعيمه أحمد نجيب الشابي للانتخابات الرئاسية، أما حزب المؤتمر الذي رشح رئيسه المنصف المرزوقي للرئاسية، فكان حظه أفضل بقليل من «شقيقه الأصغر التكتل» حيث حصد 4 مقاعدكاملة، فيما صعدت الجبهة الشعبية ذات التوجه اليساري (12 مقعداً) لتحتل المركز الرابع بعد الوطني الحر (17 مقعداً).. يليها حزب «آفاق» الذي لا يتعدى عمره العامين إلا أنه استطاع أن يلفت إليه أنظار الرأي العام حيث تحصل في أول انتخابات يخوضها على 9 مقاعد. الباجي قائد السبسي زعيم حركة نداء تونس الذي احتفل مع أنصار الحركة وقيادييها وقواعدها بهذا الفوز الساحق للحركة ولكنه لم يخف «تشفيه» في حركة النهضة من خلال استعراضه لكبوات الترويكا المستقيلة أثناء فترة حكمها، حيث قال في أول تصريح صحفي عقب إعلان النتائج الجزئية: «كان المشهد السياسي غير متوازن باعتبار أن النهضة كانت مسيطرة على الساحة في وجود أحزاب صغيرة لا توازيها وزناً.. ولذلك بعثنا حزب نداء تونس لخلق التوازن المفقود فانضم إليه التجمعيون الذين لم تعلق بهم قضايا فساد والدستوريون الذين ظلوا على العهد مع الفكر البورقيبي إلى جانب ثلة من اليساريين والنقابيين الذين وجدوا ضالتهم في أفكار النداء ومرجعياته الإيديولوجية المعتدلة..» وأضاف متحدثاً عن حركة النهضة وحلفائها: «أما الفاشلون الذين نعتبرهم منافسين لنا لا أعداءنا، فإنهم أخطأوا بأن تجاوزوا الوقت المحدد لبقائهم في السلطة، ومن ثمة فقد كان أداؤهم ضدهم ونقطة سوداء في مسيرتهم، مما جعل التونسيين ينفرون من حزبهم ويلتحقون بصفوف النداء الذي وجدوا فيه كل الاعتدال والانفتاح وروح التونسي المتفتح.» وأشار السبسي إلى أن فوز النهضة بانتخابات 23 أكتوبر 2011 كان جراء هروب التونسيين من النظام السابق حيث وضعوا كامل ثقتهم في الاتجاه الإسلامي العائد من السجون والمنافي ولم يكن انتخاباً اختيارياً عن دراية وتعمق بل كان مجرد ردة فعل على الديكتاتورية. وبخصوص إمكانية التحالف مع النهضة، استبعد السبسي ذلك معللاً ذلك بأن النداء اختار التحالف مع من يلتقي معه في المرجعيات الديمقراطية، وقال زعيم حركة النداء في هذا المجال: «أنا لا أتحالف مع أحد، أنا أتعامل مع الواقع.. والثابت أنه إذا كنا مؤهلين للحكم فلن نحكم لوحدنا بل سيكون هناك حضور لعدد من الأحزاب الأخرى.. نحن صلب النداء نؤمن بأن الإقصاء لا يخدم مصالح البلاد ولا العباد ، ولذلك عارضنا مشروع العزل السياسي بكل قوة، وكنا من أبرز من تولى إسقاطه دون أن تكون لدينا تطمينات من أي طرف كان على عكس ما كانت بعض الأطراف تروِّج له.. إن حركة نداء تونس هي الأصل التونسي هي ذلك التونسي التواق إلى الانفتاح والحرية والاعتدال والعيش الكريم.. وقد وجد في النداء كل ما يصبو إليه ولذلك فزنا على النهضة.»