بات من الواضح أن الباجي قائد السبسي، زعيم حركة «نداء تونس» رئيس الوزراء الأسبق في الحكومة الثانية بعد الثورة، يتوق إلى رئاسة البلاد بعد أن كان قد صرح في مرات سابقة بأنه غير معني بالسباق من أجل الفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة. التونسيون تأكدوا من ذلك إثر تصريح السبسي، الذي يرأس الحزب الذي يتزعم المعارضة وجبهة الإنقاذ الوطني، المنافس الرئيس لحركة النهضة الحاكمة، بأنه يتعين أن تشمل التغييرات المرتقبة منصب رئيس الجمهورية باعتباره جزءاً من السلطة التنفيذية، مشدداً على أنه لا معنى لحكومة مستقلة، كما تطالب المعارضة بذلك، في وجود الرئيس المرزوقي الذي ينتمي إلى الترويكا الحاكمة. ودعا السبسي إلى ضرورة تنقيح القانون المنظم للسلط المؤقتة بما يمنح الرئيس صلاحيات أوسع تماشياً مع المتغيرات السياسية، ويضمن استقلالية الحكومة، وفق تعبيره. وكان رئيس الحكومة الأسبق قد أكد في تصريحات صحفية منذ أربعة أيام أنه ليس محرماً عليه أن يكون رئيساً لتونس، مضيفاً بأنه يختلف مع الآخرين في رغبته في إفادة بلاده ومعلناً أنه لن يبكي إذا قرر المنصف المرزوقي ترك سدة الرئاسة مع حكومة علي العريض التي قال إنها ستستقيل خلال أسابيع قليلة، شاءت أم أبت. السبسي الذي عُرف بتصريحاته النارية المثيرة للجدل أعلن أمام أنصاره لدى إشرافه على افتتاح المجلس الوطني لحزبه الأحد بالعاصمة أن «حكومة علي العريض فقدت مصداقيتها، وهي مورطة في الإرهاب، وبسببها تواجه تونس أزمة اقتصادية تنذر بكارثة حقيقية». وقال رئيس حزب «نداء تونس»: «المطلوب اليوم من التونسيين هو التضامن لإنقاذ بلادهم، خاصة أن منظومة 23 أكتوبر 2011 (أول انتخابات بعد الثورة) قد انتهت قانونياً وسياسياً، وأن رغبة حركة النهضة البقاء في الحكم غصباً عن الشعب الذي يعارضها تعني أنها ستستعمل الرصاص كما فعل ابن علي، وهو ما سيدفع البلاد إلى العنف أو السيناريو المصري». الاجتماع كان مناسبة أعلن خلالها الباجي قائد السبسي خطوة، يتم التحضير لها، سيقودها بمعية المنظمات الأربع الراعية للحوار، وعلى رأسها اتحاد الشغل والجبهة الشعبية «لإنقاذ البلاد من وضع ينذر بكارثة قد يستحيل تلافيها إن لم تستجب حركة النهضة وحليفها حزب المؤتمر لنداءات شق واسع من التونسيين». المحللون السياسيون الذين يتابعون الشأن المحلي في أدق تفاصيله يجمعون أن السبسي أخطأ التوقيت حين أعلن أحقيته بالرئاسة في ظرف يزداد توتراً واحتقاناً كل يوم، وشددوا على أن رئيس نداء تونس أخطأ مرتين وهو الرجل المحنك سياسياً، ويعتبرون أن السبسي أخطأ بتجاوزه المكتب التنفيذي لحزبه الذي من المفروض أن يكون هو من يرشح للانتخابات الرئاسية من يرتضيه ويراه مناسباً للبلاد والحزب على حد سواء، وأخطأ عندما ساهم من حيث يشعر أو لا يشعر في تأجيج الوضع ورفع سقف الاحتقان ورفض حكومة الترويكا.