تحافظ جماهير كرة القدم السعودية على دورها ومكانتها ووضعها وموقعها من وفي الرياضة وكرة القدم المحلية، وتكاد تكون (الأداة الوحيدة) في اللعبة التي لا تتغير مع الأيام والسنوات، رغم ما تجده من صعوبات وعقبات وعقوبات، ورغم التقلبات الكثيرة جداً التي عاشتها كرة القدم السعودية وتراجعها الواضح خلال السنوات القليلة الماضية، والإحباط الذي سببه ذلك للكثيرين، إلا أن الحضور الجماهيري بقي محافظاً على وضعية ثابتة تقريباً، ووجود لا يتغير كثيراً، سواء في المباريات الكبيرة والمهمة والبطولات الخارجية، أو في النهائيات، أو في مباريات المناسبات والمبادرات، أو الأولويات للأندية ومباريات الدوري وحتى المنتخب الوطني. ربما يقل وينخفض الحضور في مناسبات وظروف معينة وأحوال متقلبة، وطبقاً للفصول المتوالية، إلا أنه يبقى حضوراً كبيراً ومشرفاً في معظم أوقات السنة ومختلف المسابقات، وهو في كل الأحوال الرقم الأول في الرياضة والكرة السعودية، واهم ما يغذيها ويمنحها حيوية متواصلة ومستمرة، بل إنها تُعد - من وجهة نظري - (ديناميكية) الرياضة الأولى. هذه الجماهير تستحق أن تجد اهتماماً حقيقياً من قِبل المسؤولين والقائمين على الرياضة السعودية، يتجاوز ما هو حاصل ويفوق التوجُّه والتركيز المقتصر على الاهتمام والخدمة الوقتية أثناء المباريات أو قبلها في الملاعب ومحفزات الحضور الثانوية. وما أعنيه هو اهتمام (رسمي) بالذهاب إليها مباشرة من قِبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وبشكل خاص من قِبل اتحاد كرة القدم ورابطة دوري المحترفين على وجه التحديد. فمن الضروري تجاوز تأمين طلباتها البسيطة المعنوية (البوفيهات) إلى الاستماع إليها بإصغاء، بل إشراكها في القرار الرياضي، خاصة كرة القدم، ويكون ذلك من خلال (تنظيم) معتمد أسوة بالدول الأخرى المنظمة رياضياً. حسب معلوماتي، فإن النظام الأساسي للجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم ينص على تشكيل روابط رياضية مختلفة لأدوات اللعبة الأخرى، أولها وفي مقدمتها رابطة جماهير الأندية الرياضية، وتم إقرار ذلك في الاجتماع الأول للجمعية بعد (انتخابات) مجلس إدارة الاتحاد الحالي، ومضى أكثر من عام ونصف العام على ذلك الاجتماع والإقرار من غير جديد، على طريقة (سعيد سف الدقيق)! وفي ذلك (تهميش) واضح لديناميكية الرياضة الأولى، سواء متعمداً أو من غير قصد. الأمر - كما يبدو - يحتاج إلى تحرك فعلي وعملي من روابط الجماهير الرياضية ذاتها في الأندية، خاصة الأندية الكبيرة، لانتزاع هذا الحق الذي يكفله لها النظام؛ حتى تتمكن من أداء واجباتها والقيام بدورها الذي يجب أن يتجاوز الحضور في المدرجات وحمل المايكروفونات والصراخ بالأناشيد والأهازيج والتصفيق وتشجيع اللاعبين، إلى المشاركة والمساهمة والارتقاء بما يليق باللعبة والأندية وكرة القدم ومنشآتها الجديدة، وإلى ممارسة (دور إنساني) على الأقل تجاه الجماهير في الملاعب وخارجها. ولن يكون ولن يحدث ذلك إلا من خلال المشاركة في القرار، والإسهام فيه مباشرة. كلام مشفر * إحدى الصور الحديثة لتهميش الجماهير الرياضية في أنديتنا وملاعبنا تظهر مع الانتهاء من ملعب الملك عبدالله في جدة (الجوهرة). فلا الشركة المنفذة ولا الجهة المسؤولة اهتمت أو اعترفت بجماهير الناديين الكبيرين في جدة، بدعوة رابطتيهما قبل أو بعد الافتتاح إلى (جولة) في المنشأة لمشاهدتها والتعرف على دقائقها ومداخلها ومخارجها وخدماتها للجماهير، وهي المعنية. * حتى يكون للجماهير وضعها ودورها ومكانتها وتقديرها فإن على رؤساء روابط الأندية الكبيرة أن (تتحرك)، وأن تسعى لذلك، وتجتمع مع بعضها، وتوحد أصواتها وطلباتها، وترتقي بعملها ودورها، وكفاية عليها صراخ الملاعب، وعليها أن تصرخ في الأروقة الرسمية، وبالطرق النظامية. * الجماهير الرياضية من فئة الشباب وغيرها هي (المعنية) بالدرجة الكبرى والأولى من قِبل الدولة - حفظها الله - في إقامة وإنشاء الملاعب والمنشآت والتحف الرياضية الكبيرة، ولها حقوق عليها أن تحرص وتطالب بها، أولها المشاركة في قرارات المدرجات على الأقل. * الحاصل اليوم أن الجماهير الرياضية هي الفئة (المضطهدة) في الملاعب، التي تعاني الأمرين من قِبل كل الجهات المعنية ذات العلاقة بالملاعب والمباريات وتنظيمها داخلياً وخارجياً: تذاكر، وصول، مواقف... إلخ. حتى الوجبات المدفوعة الثمن! * المباريات القليلة التي أقيمت على استاد الجوهرة، وهي لم تكمل عدد أصابع اليد الواحدة، أكدت أن الحضور الجماهيري سيزداد إذا وجد مكاناً كريماً و(احتراماً) يليق به وتقديراً يستحقه ومساحة تستوعب، وهو ما لم يحصل إلى الآن حتى في الجوهرة نفسها. * إذا تحرك رؤساء روابط الجماهير الرياضية الكبيرة، وانتزعوا قرار تشكيل رابطة الجماهير السعودية، فإن ذلك سيحرك أدوات اللعبة الأخرى لتشكيل الروابط الأخرى المنتظرة والمنصوص عليها أيضاً.