القراءة في المستجدات المعاصرة على صعيد العالم العربي والإسلامي وما يواجه من تحديات فإنها تضع عناوين عريضة مؤسفة لأزمات كبيرة أصبحت لا تثير التساؤل بقدر ما تطبع النفوس بالألم والمرارة لما أصاب الأمة من جراح عميقة وثخينة في أسبابها وتفاعلاتها. والمملكة العربية السعودية وهي جزء من العالم العربي والإسلامي وقلب أمتها وقد أنعم الله تعالى عليها بنعمة الأمن والأمان والاستقرار وشرفها إنساناً ومكاناً في خدمة الإسلام والمسلمين وتعتز برسالتها ومسؤولياتها الإسلامية العظيمة، وانطلاقاً من مكانتها المرموقة عربياً وإسلامياً وإقليمياً ودولياً، لم تكن يوماً بعيدة عن هموم أمتها. بل هي دائماً قلبها الذي ينبض بالخير من أجلها.. وعقلها الذي يتلمس السبل ويسلك الدروب التي من شأنها الوصول بالأمة إلى طريق التضامن والترابط.. ولا تدخر جهدها ومكانتها وإمكانياتها للنهوض بها والتفاعل مع قضاياها كافة بالموقف الداعم للحق، وبالمؤازرة والمساندة على المستويات والأصعدة كافة. وتأتي الكلمات الضافية التي وجهها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز نائب خادم الحرمين الشريفين، في تصريحه الصحفي لدى وصوله إلى القاهرة يوم الأحد 10 شعبان 1435ه الموافق 8 يونيو 2014م لحضور حفل تنصيب الرئيس المصري المنتخب عبدالفتاح السيسي، نيابةً عن الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-: «إن المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً بتوجيهات سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- ستبقى أخاً وفياً تقف جنباً إلى جنب مع مصر الشقيقة في الشدة والرخاء». لتعبر بصدق عما تشعر به المملكة وبقيادتها الحكيمة تجاه ما يلم بالأمة من تحديات خطيرة التي عبر عنها سموه حينما قال: «نأمل بإذن الله أن يكون انتخاب فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي إيذاناً بدخول مصر في عهد جديد، حيث كما قال سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله- إنه يوم فاصل بين مرحلتين، بين الفوضى والاستقرار، ولا تبني الأمة مستقبلها ولا تقيم عزتها دون استقرار ولا شك بأن تولي فخامته قيادة أرض الكنانة وشعبها الكريم سيحقق لشعب مصر -بإذن الله- تطلعاته التي يصبو إليها». لقد جسدت الكلمة الضافية لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز نائب خادم الحرمين الشريفين، أسس نهضة الأمة وضرورة استكتاب المستقبل الزاهر، مؤكداً -حفظه الله- دعم المملكة لكل ما يخدم مصر المحروسة ويحقق كامل عزتها، حيث قال: «إن شعب مصر الشقيق في هذا اليوم قد كتب مستقبله بيده ليواجه التحدي وليبني مستقبلاً يليق بقدرته وحضارته، موقناً أنه بحضارته العظيمة وشعبه الوفي الكريم قادر على تحمل الصعاب ليعيد لمصر دورها المسؤول في العالم العربي والمجتمع الدولي، وستبقى المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً بتوجيهات سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- أخاً وفياً تقف جنباً إلى جنب مع مصر الشقيقة في الشدة والرخاء». ولم يكن دعاؤه في ذات كلامه حينما قال سموه الكريم: «وفق الله مصر قادة وشعباً في مسارها الجديد، وسدد على طريق الخير خطاها، وحفظها من كل مكروه». ردة فعل بل كان ينطلق من عقل راجح وبصيرة نافذة تضع الأمور في ميزان دقيق من المسؤولية الوطنية والأخلاقية.. وتضع مصلحة الكيان الواحد، بنسيجه الإسلامي العربي، فوق كل اعتبار. وهي تلك الكلمات التي عدها الشعب المصري الشقيق بمقاماته المتباينة وفئاته المختلفة بعد ذلك بمثابة البلسم للجرح، فكانت مؤثرةً ومطمئنةً لهم، معتبرينها موقفاً أخوياً نبيلاً وصادقاً غير مستغرب على المملكة وقيادتها الرشيدة التي دائماً وأبداً هي واضحة وصريحة بمواقفها العربية الثابتة. لقد أتاحت الأحداث التي حصلت في مصر بكل معطياتها وتفاصيلها وتداعياتها للتعرف على قوة الدبلوماسية السعودية في صرامتها -قلباً وقالباً- في مواجهة أحداث المؤامرات والفتن التي تكشفت أبعادها وأهدافها للجميع، ولم يكن غريباً أو عجيباً أن تحظى مصر بكل هذا التوجه لكل ما يحيط أو يتصل بها من أحداث صغيرة كانت أو كبيرة؛ فمصر لها دورها البالغ القيادي والمحوري على الصعيدين العربي والإقليمي، علاوة على تميزها بعلومها وتاريخها وحضارتها وخيراتها وفضائلها. وهذه هي مملكتنا (المملكة العربية السعودية) التي هي في نظر كل العالم -ولا يزال وسيظل- الدينمو المحرك لاقتصادياته التي تعتمد على شرايينه المتدفقة بالخير والنعمة والحكمة والأمانة والموضوعية وأسباب الحياة. ولعل دعوة قمة هرم الحكمة العربية وصاحب الخبرة الناضجة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- لعقد مؤتمر للمانحين لدعم الاقتصاد المصري يضع أمام العالم كله الوعي بروح التضامن والتماسك العربي لنصرة قضايا العرب والعروبة، فضلاً عن كونه يعكس حقيقةً واحدة هي حرص المملكة على مساعدة مصر للعبور من المرحلة الانتقالية وإنجاحها. ولتظل مصر نموذج الأمس من أجل الغد الزاخر بكل الطموحات. نسأل الله تعالى أن يحفظ مصر وأهلها، وأن يوفق قائدها الجديد نحو الأمن والاستقرار والسير بمصر في طريق تنميتها المستدامة بحول الله وقوته.