لعل من تابع ما حدث في الفترة الماضية من ضجة وسجال حيال قرار إعفاء الكابتن (سامي الجابر) من تدريب فريقه الهلال يكاد يجزم أن ما حدث من ردود أفعال لم يكن أمراً عادياً، بل إنه قد تجاوز المعقول، فلقد أخذ القرار صدى واسعاً شمل الجميع من المهتمين بهذا الشأن، سواء داخل السعودية أو خارجها، خصوصاً من الإعلاميين، حيث أصبح حديث الشارع الرياضي والقنوات الرياضية وكذلك الصفحات التي غطت الحدث بصورة لم يسبق لها مثيل!! نعم يحدث مثل هذا في بعض الأندية في العالم ولكن ليس بتلك الصورة التي راقبت وتابعت الحدث، فلو حصل مثل هذا نجد أن ردة الفعل في مثل هذا القرار تتمحور حول محبي ومشجعي هذا النادي أو ذاك، ولا تخرج عن هذا الإطار، ولكن اللافت في موضوع الكابتن سامي أن جلّ المنتمين للإعلام الرياضي وعلى جميع المستويات قد أدلوا بدلوهم في هذا الموضوع وأصبح شغلهم الشاغل سواء في الإعلام المرئي أو المقروء من هلاليين وغيرهم من المنتمين لأندية أخرى فلم يتوقف الموضوع عند مقال عابر أو حديث فضائي خاطف وإنما كان التكرار واجترار الحديث حول القرار هو المسيطر على الجو العام في الفترة الأخيرة، ولعلي أستطيع القول إن من كتب أو تحدث من غير المنتمين للهلال أكثر من المهتمين بالشأن الهلالي، فالكل يدلي بدلوه من خلال التنظير والتشخيص لواقع الحدث حاضراً ومستقبلاً مع اختلاف الدوافع والمبررات، حتى إن بعض المثقفين من الأكاديميين حضروا في المناسبة على عجالة وبرؤى متباينة بحيث تشم من خلال تناول البعض للموضوع رائحة (الياسمين) الزكية فيما ظهر من جانب آخر (العرفج) الذي لا رائحة له وهو بالمناسبة (طعام محبب وسهل الهضم خصوصاً للإبل)، كفانا الله وإياكم من شرور (كورونا). والحقيقة أن المتابع للشأن الرياضي عامة يدرك تمام الإدراك أن ما حصل هو أمر طبيعي يحدث للكثير من مدربي العالم بمختلف مستوياتهم، والكابتن سامي الجابر ليس استثناء.. فبما أنه دلف إلى عالم التدريب فلابد أن يتوقع مثل ذلك القرار سواء اليوم أو غدا فليس بأحسن حال من مدربين يملكون الكفاءة والخبرة والتجربة ومع ذلك تمت إقالتهم أمثال (جيريتس ومانويل جوزيه وماتورانا وبيريرا) وغيرهم من جهابذة التدريب، فهذه سمة المدربين وهذا عالمهم، ومن المؤكد أنه يدرك ذلك وهذا ما يجب على محبي سامي أن يدركوه أيضاً .. أما مناوئوه فهم يدركون ذلك جيداً ولكنهم وجدوا في الحدث مجالاً للتشفي ومتنفساً للمكبوت، بالإضافة إلى محاولة شق الصف وعلى طريقة (حج وبيع سبح). عموماً يجب أن ندرك أن هناك فارقاً بين النجم والأسطورة سامي الجابر اللاعب الذي حقق بنجوميته ما لم يستطع تحقيقه أي لاعب في المملكة أو الخليج أو حتى على المستوى العربي والآسيوي، وذلك بمشاركته في أربعة مونديالات في كأس العالم وتسجيله ثلاثة أهداف خلال تلك المشاركات مع المنتخب كرقم يصعب تحقيقه إلا لقلة من لاعبي العالم الأفذاذ، وهو بدون شك أحدهم، وبينه كمدرب لم يمكث في هذا المجال سوى عام كمدرب محترف على الرغم من أن ما حققه في هذا المجال قياساً بالمدة الزمنية، يعتبر إنجازاً ويعطي دلالة على أنه سيكون له شأن في عالم التدريب في قادم الأيام ولكن يبدو أن لنجومية سامي الطاغية في الشارع الرياضي دوراً في هذا الغليان الذي طغى على المشهد وأحدث ردة فعل لم تشهدها الساحة الرياضية من قبل، والدليل على ذلك هو تفاعل رجل الأعمال الأمير الوليد بن طلال مع مشوار سامي التدريبي قبل الإقالة وبعدها، حيث أهداه سيارتي (بنتلي) في مناسبتين مختلفتين كأكبر هدية يتلقاها رياضي سعودي، وهذا دليل قاطع على ما يتمتع به من حضور ووهج لم يستطع الوصول له أي لاعب في المملكة منذ نشأتها وحتى اليوم.