لا يمكن الفصل بأي حال من الأحوال بين التنمية الشاملة التي تشهدها المملكة، وبين الاستقرار السياسي الذي من الله به عليها، فأصبحت قادرة على تنفيذ خطط التنمية بعيدا عن المنغصات. نجحت المملكة في تحقيق قدرا فائقا من التوازن بين متطلبات التنمية والنمو الاقتصادي، والتطور العلمي والتقني لأسباب مرتبطة بالاستقرار السياسي الذي كان له أكبر الأثر في خلق بيئة آمنة ومحفزة للإبداع والتطوير والبناء. مؤسسة الحكم كان لها الدور الرئيس في تحقيق الاستقرار السياسي؛ ومن دونها لم تكن الدولة قادرة على تحقيق كل ما وصلت له من تطور وازدهار، وبناء لقطاعات الاقتصاد. أثبت نظام الحكم السعودي؛ في أكثر من مناسبة؛ مقدرته على التكيُّف مع متطلبات العصر، وتلبية الاحتياجات، والتعامل الحضاري مع المتغيرات المحيطة والتطلعات المستقبلية الكفيلة بحفظ كيان الدولة، وضمان استمراريتها، وبقائها في أحسن حال، من خلال التأييد الشعبي؛ و ترتيب مؤسسة الحكم؛ وبما يضمن الاستقرار؛ ومن ثم التفرغ الكلي لعمليات البناء والتنمية. يجب الاعتراف، بأن الاستقرار السياسي السعودي، يُبنى في أساسه على استقرار الأسرة المالكة، ووحدة صفها، وترابط أفرادها خصوصاً في التناقل السلس للسلطة، وهو الأمر الذي أدركه الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فسعى إلى تنظيمه وفق الاشتراطات الشرعية؛ والتنظيمية ذات العلاقة بهيئة البيعة. صدور أمر خادم الحرمين الشريفين باختيار صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد، جاء لتحقيق هدف الاستقرار السياسي؛ ومصلحة الأمة؛ وحمايتها والمحافظة عليها من المتغيرات والأخطار المستقبلية. الاستقرار السياسي كفيل باستمرارية الأمن؛ و العيش والبناء والتنمية الاقتصادية، والازدهار، وما يحدث من ترتيب لمؤسسة الحكم إنما يهدف من ورائه ضمان المستقبل الآمن والعيش الكريم للجيل الحالي والأجيال القادمة. لا يمكن أن تهنأ الشعوب بالتنمية الاقتصادية، الاجتماعية، الحضارية، والفكرية، وإن تهيأت لها الثروات، ما لم تتوفر لها مقومات الأمن والاستقرار اللذين يعتمدان؛ بعد الله؛ على الاستقرار السياسي؛ واللحمة الوطنية. شهد الاقتصاد السعودي خلال السنوات الماضية تطورا ونموا كبيرين. خرج من مرحلة تحمل ديون التنمية إلى بناء الاحتياطات المالية الضخمة، وتضاعفت ميزانية الدولة ووصل الإنفاق الحكومي إلى أرقام مهولة وصلت العام 2013 إلى 925 مليار؛ في الوقت الذي تجاوزت فيه الإيرادات 1.13 تريليون ريال. نجاح المملكة في رفع تصنيفها الائتماني العالمي إلى AA يؤكد على متانة الاقتصاد وقوتها المالية وحسن إدارتها لاستثماراتها الخارجية واحتياطياتها وقبل كل ذلك استقرارها السياسي الذي يؤثر بشكل مباشر في التصنيف العالمي. نخلص إلى القول بأن الاستقرار الاقتصادي لا يمكن تحقيقه بمعزل عن الاستقرار السياسي؛ الضامن الأول لمكتسبات التنمية، ومقومات الاقتصاد، وكل ما عدا ذلك يمكن فقده في غفلة من الأمن، أو اهتزاز الاستقرار، كما حدث من قبل في بعض الدول التي خسرت جهودها التنموية، وتهاوت اقتصاداتها؛ وتفككت وحدتها؛ بسبب فقدانها الاستقرار السياسي؛ والأمن القومي. أختم بالقول إن اختيار الأمير مقرن بن عبدالعزيز ليكون ولياً لولي العهد جاء متناغما مع احتياجات المرحلة الحالية؛ ومتوافقا مع رؤية الملك وولي عهده وموافقة الغالبية العظمى من أعضاء هيئة البيعة؛ وهو جدير بهذا المنصب عطفا على أهليته الشرعية؛ والدستورية؛ ومساهمته الفاعلة في إدارة شؤون الدولة؛ وخبراته الإدارية المدعمة بالمؤهلات العلمية والفكرية؛ إضافة إلى ما يحظى به من قبول كبير لدى عامة الشعب السعودي؛ وهو ما يؤكد نجاعة الاختيار ودقته. أسأل الله أن يديم على هذه البلاد وأهلها وولاة أمرها نعمة الأمن والاستقرار؛ وأن يحفظها من كل شر؛ وأن يوفق الأمير مقرن إلى ما فيه الخير والصلاح.