كشفت جولة ميدانية ل«الجزيرة» عن وجود حالة ركود شديدة في سوق العقار بمدينة الرياض، مع وفرة بالمعروض يقابلها قلة في الطلب، انتظاراً لمعرفة توجهات وزارة الإسكان خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى الرغبة في هبوط الأسعار. من جهته، قال فارس المنيف متخصص في التسويق العقاري ل«الجزيرة» أن المتابع يرى أن هناك ركوداً في الطلب على المنتجات الإسكانية، سواء أرضي أو فللاً أو شقق تمليك. موضحاً أن السبب الرئيسي في زيادة الركود خلال الفترة الحالية هو بدء التسجيل في بوابة الإسكان الإلكترونية. وبيّن المنيف أن المستثمرين الأفراد بدؤوا في دراسة السوق رغبة في معرفة توجهاته خلال الفترة المقبلة من حيث الطلب والعرض والأسعار، ومعرفة توجهات وزارة الإسكان خلال الفترة المقبلة، خاصة مع الشروع في توزيع المنتجات قبل نهاية العام الحالي. وأوضح العقاري أحمد السلمان أن السوق في الوقت الحالي يشهد ركوداً حقيقياً، بل إن الجميع يترقب نزول الأسعار، خاصة مع زيادة العروض وقلة الطلب. لافتاً إلى أن الذين يقومون بالشراء في الوقت الحالي ممن لديهم سيولة مالية، أو صدرت الموافقة على إقراضهم من قِبل صندوق التنمية العقارية، وهم في الأساس قلة، ولم يؤثروا في تحريك السوق. وبيّن السلمان أن أسعار الأراضي تشهد ركوداً من بداية العام، رغم النجاح الذي شهدته المخططات السكنية التي طرحت مع بداية العام الحالي، لكن انتظار راغبي الشراء لقرارات وزارة الإسكان لحل أزمة الإسكان في المملكة زادت من الركود الحقيقي الذي يشهده السوق خلال الفترة الحالية. وذكر أن وزارة الإسكان أصبحت هي المحرك الرئيسي الذي يؤثر في السوق العقاري من خلال المنتجات التي تنوى توزيعها على المواطنين قبل نهاية العام الحالي، وتحويل هذا السوق الضخم لصناعة قوية يتطلب سرعة في الإجراءات والحلول. وأوضح العقاري خالد العبيد أن مشكلة الإسكان في المملكة تحتاج إلى حلول جذرية من خلال الإسراع في توزيع المنتجات التي أعلنتها وزارة الإسكان؛ إذ أصبحت تواجه تحديات كبيرة واستراتيجيات أخرى، كالخدمات البيئية والتنموية والتوزيع السكاني. وقال إن المتابع للسوق العقاري يرى أن هناك ركوداً حقيقياً؛ إذ إن أغلب الباحثين عن السكن تراجعوا عن الشراء انتظاراً لانخفاض الأسعار أو ترقباً لتوزيع وزارة الإسكان للمنتجات التي أعلنتها مؤخراً، ومعرفة توجهات السوق العقارية خلال الفترة المقبلة. يُذكر أن وزارة الإسكان أقرت الكثير من القرارات المصيرية التي من شأنها التأثير بشكل مباشر في أسعار السوق العقاري، آخرها كان القرار الشهير الذي زاد من ركود السوق العقاري، وهو «أرض وقرض»، الذي جعل القطاع في حالة تأهب لما سيحدثه القرار على أرض الواقع؛ ما يوضح أن الوزارة تسعى جاهدة إلى السيطرة على مشكلة الإسكان من خلال إيجاد البدائل المناسبة، التي تعد من أولويات المواطنين الذين يعيش أكثر من نصفهم في منازل مؤجرة، ويشكل ذلك لهم مشكلة أزلية؛ تحتاج إلى حلول جذرية. وكان وزير الإسكان قد أكَّد أن «قلّة الأراضي في المدن الرئيسة جعلتنا نعكف على كثير من الدِّراسات بهدف إيجاد الحلول لِكُلِّ معضلة قد تصادفنا، منها إنشاء الضواحي السكنية خارج المدن، على أن تكون مربوطة بالمدينة، وتتمتع بوجود الخدمات كافة عالية المستوى، مع توافر مشروعات النقل من أجل ربطها بالمدن القريبة». كما يذكر أن وزارة الإسكان أعلنت أن المتقدمين الذين أدخلوا طلباتهم عبر بوابة «إسكان» الإلكترونية سيتمكنون من الحصول على منتجاتهم السكنية بعد سبعة أشهر فقط. مضيفاً بأن مدة الانتظار ستكون مرتبطة بمدى حاجة المتقدم للسكن، وليس لأسبقية التقدم كما كان يحدث مع صندوق التنمية العقاري. الجدير بالذكر أن حجم السوق العقاري في المملكة يقدر بأكثر من تريليونَي ريال، ويعدُّ من القطاعات الاقتصادية القوية ومن المحركات الرئيسة للتنمية، كما تشير التقديرات الأولية للاستثمارات العقارية في المملكة إلى أنها ستصل إلى ما قيمته 82 مليار ريال خلال السنوات الثلاث المقبلة، وأن حجم الاستثمارات في المباني السكنية سيصل إلى أكثر من 484 ملياراً حتى العام 2020، لتوفير ما يتراوح بين 160 و200 ألف وحدة سكنية سنوياً. ويقول تقرير صادر من شركة المزايا القابضة إن حجم سوق مواد البناء في المملكة وصل إلى 95 مليار ريال، وهذا يقودنا إلى التذكير بالعلاقة الطردية القائمة بين كثرة المشاريع الإسكانية الحكومية وغير الحكومية وارتفاع أسعار مواد البناء، وما إلى هنالك من تأثيرات على أسعار الوحدات السكنية، وذلك عند الحديث عن احتياجات المملكة إلى ما يزيد على 300 ألف وحدة سكنية سنوياً، مع إبقاء الباب مفتوحاً لنسب غير متوقعة من نمو الطلب على المساكن؛ وبالتالي سيكون من المؤكد ارتفاع أسعار مواد البناء لدى المملكة تبعاً للارتفاع المسجل على عدد وحجم المشاريع الحالية والقادمة؛ ليصل عند الحدود الضارة على القطاع بمكوناته كافة.