مع كل خبر يُعلن عن ما تقوم به وزارة الإسكان في شأن بناء مشاريع الإسكان بمناطق المملكة، يستبشر المواطنون بتلك الجهود التي يأملون أن تساهم في سرعة تنفيذ تلك المشاريع، إلا أن هناك تساؤلات تُطرح حول الطريقة التي سيتم بها توزيع (الفلل والشقق) على المواطنين، ومكان وعدد الوحدات السكنية التي ستخصص في كل مدينة من مشروع ال(500) ألف وحدة سكنية. ومع أن هناك من يرى انه من المبكر الحديث عن طريقة التوزيع لتلك الوحدات، فانه بسبب قرب الانتهاء من بناء عدد منها في بعض مدننا والتي سبق لهيئة الإسكان حينها البدء في تنفيذها، أصبح الجميع يتطلع للكيفية التي سيتم بها تسليم تلك الوحدات وخصوصا سكان تلك المدن ومنهم من صدرت الموافقة على منحه قرضا للبناء ولم يتمكن من شراء الأرض بسبب ارتفاع الأسعار. فإعلان آلية توزيع الوحدات السكنية في جميع المدن والمحافظات له أهمية لجميع المواطنين في التخطيط والمعرفة لطريقة تملكهم للمسكن وخصوصا للذين سبق لهم التقدم للصندوق العقاري منذ سنوات ولم يتمكنوا من شراء أراض صالحة للبناء ومازالوا ينتظرون الموافقة على القرض العقاري، وذلك باعتبار انه في حال توزيع تلك الوحدات حسب أقدمية التقدم بطلب القرض ستُحل مشكلة السكن لديهم وبدون تحمل مبالغ كبيرة لشراء الأرض والبناء، أما إذا كانت هناك آلية أخرى لم يُعلن عنها فانه سيتوجب عليهم عدم التعلق بالآمال على تلك المشاريع وتدبير أمورهم بالاقتراض لشراء الأرض. وتبرز الأهمية بشكل اكبر لمن تقدم وفق الآلية الجديدة للحصول على القرض بدون أرض والذين تجاوز عددهم ال(1.7) مليون مواطن - ومازالوا في ازدياد - لكون طريقة التوزيع ستحدد عدد سنوات الانتظار المتوقعة وكيفية التصرف لمن ينتظر ذلك القرض الذي يجب أن يخصص له مبلغ (850) مليار ريال وفقط لمن سجل بنظام الصندوق الجديد حتى الآن!. كما أن الإعلان عن العدد الذي سيخصص لكل مدينة من مشروع ال (500) الف وحدة له دور كبير في قرارات مشاريع الإسكان الخيري لبعض المؤسسات الخيرية وأيضا للقطاع الخاص بشأن الاستثمار بتوفيرالوحدات السكنية وعدم عودة الفجوة بين العرض والطلب لتحقيق الاستقرار في الأسعار، لكون الغموض الحالي حيال ما سيتم بناؤه في كل مدينة وخصوصا المدن الكبيرة مثل الرياضوجدة سيساهم في خلق ركود في بناء الوحدات السكنية الجديدة وتوجيه المستثمرين العقاريين للمشاريع التجارية، لان المستثمر حاليا يتردد في الاستثمارالسكني لكونه لن ينافس الدولة في توفير الوحدات السكنية ويخشى الخسارة مستقبلاً بسبب الحجم الكبير المتوقع توفيره من قبل الدولة بالقطاع السكني، ومع أن هناك وحدات سكنية كبيرة جديدة خالية وتحت التشييد، إلا أن انخفاض مشاركة المستثمرين العقاريين في ذلك النشاط مستقبلا وعدم كفاية عدد الوحدات التي ستنفذها وزارة الإسكان في مدينة الرياض (على سبيل المثال) قد يخلق أزمة سكن جديدة بعد سنوات بسبب عدم الشفافية في إيضاح عدد الفلل والشقق المتوقع توفيرها من قبل وزارة الإسكان في المدن الكبرى وشرائح المجتمع المستفيدة منها، لتمكين القطاع الخاص من دراسة السوق العقاري بدقة أكثر والجدوى من تنفيذ مشاريع إسكانية في مدن تنفذ الدولة بها مثل تلك المشاريع، فنجاح مشاريع الإسكان ليس فقط في عدد الوحدات السكنية المنفذة، بل في قدرتها على حل أزمة السكن وارتفاع أسعار العقار وخصوصا بالمدن التي تعاني من ذلك، ولذلك يجب أن توزع الوحدات على المدن والمحافظات بنسب ووفق الإحصاءات الرسمية لاحتياج المواطنين لتملك السكن بها وليس تبعا لتوفر الأراضي، فقد يتسبب الاستعجال في البناء حسب توفر الأراضي ببعض المدن والمحافظات في تخصيص وحدات سكنية كبيرة بمحافظات لا تعاني أساساً من الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات وعلى حساب مدن كبرى تحتاج للمزيد من الوحدات السكنية ولم تحصل على نصيبها من هذا المشروع الإسكاني الكبير!.