هناك إجماع شعبي على محبة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إذ لا تكاد تسمع إلا الإطراء والثناء والكلمات المفعمة بالحب حين يتحدث عنه أيُّ من المواطنين فهذا يقول إنه ملك الإنسانية، وذاك يصفه بأنه ملك القلوب، ومنهم من أطلق عليه الملك الصالح وغيرها كثير، لا أستثني من هذا الشعور الطيب مواطني منطقة من مناطق المملكة، أو مدينة من مدنها، أو قرية من القرى التي تمتد من شمال المملكة إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، وكأنه استفتاء على محبة الرجل الكبير تبناه المواطنون وبادروا بإعلان نتائجه على هذا النحو الجميل دون أن يُطلب ذلك منهم. * * * هؤلاء المواطنون بغالبيتهم ومختلف أعمارهم وتباين توجهاتهم ليس بالضرورة أنهم سعدوا بالجلوس في مجلسه العامر، أو تحدثوا معه عن قرب، ولا يفترض أنهم ضمن الأعداد الذين يعملون على خدمته وتلقي أوامره وتوجيهاته مباشرة، ومع هذا، لا يخفون عاطفة الحب التي تجمعهم بهذا الملك الصالح، ولا يترددون في البوح عن مشاعرهم في المجالس الخاصة والعامة، فقد وجدوا من الصفات الحميدة في قائدهم ما لم يجدوه في قادة الدول الأخرى، وبالتفاصيل والحقائق والأرقام التي حبّبتهم بعبدالله بن عبدالعزيز، فتحوَّل كل هذا الحب الذي لا يتكرر بمثل هذه الإشراقة الجميلة إلا لمن هو في مثل مواصفات رجل المرحلة الوالد عبدالله بن عبدالعزيز إلى ظاهرة لا تغيب عن الذاكرة. * * * كثيرة هي الإنجازات العملاقة والمهمة والتاريخية التي تحققت في عهده وتحديداً منذ مبايعته ملكاً للمملكة العربية السعودية بتاريخ 26-6-1426ه، بعضها كان يحتاج إلى المال، وكان هو صمام الأمان في توفير ما مكّنه من تحقيق كل هذه الإنجازات، وبعضها الآخر كان يحتاج إلى إرادة وعزيمة منه وقد فعل، وأخرى كانت تحتاج إلى قرارات استثنائية لا يقدم عليها من القادة إلا من هو على ثقة بأنه إذ يفعل ذلك إنما يترجم بها اهتمامه بشعبه، ويلبي من خلالها مطالب مواطنيه، ويستجيب بها لصوت العقل بين هذه الجموع المخلصة، دون أن يخشى في ذلك لومة لائم، معتمداً على ربٍّ كريم ألهمه ووفقه بأن يأخذ بمثل هذه القرارات التاريخية في الوقت المناسب. * * * ما دعاني لنقل هذا الانطباع الشعبي عن ملك أحبه شعبه، وقدَّر له عالياً إنجازاته، وتناغم معه في تأييد خطوات البناء والتنمية المتسارعة التي تحققت في ولايته، هي هذه الملامح الجميلة، والصور الأثيرة، والمنطق الأروع، التي رسم المواطن السعودي من خلالها علاقته بملكه، وفرحه كلما رأى صورته، أو استمع إلى كلام منه، أو تعرف على موقف محلي أو دولي كان فيه ذلك الفارس الشجاع الذي كل همه وطنه ومواطنوه، دأبه في كل هذا السعي المتواصل والمستمر لتحقيق ما وعد به شعبه في أول مصارحة في أول خطاب مع اليوم الأول لمبايعته ملكاً خلفاً لأخيه ورفيق دربه فهد بن عبدالعزيز. * * * سأستعرض سريعاً بعض ما أضافه عهد عبدالله بن عبدالعزيز من إنجازات إلى عهود من سبقه من الملوك والداً وأشقاء، فقد تم إطفاء الديون المتراكمة مع بناء احتياطيات بمئات المليارات لمواجهة أيّ تقلبات في أسعار البترول، وأنشأ أكثر من عشرين جامعة حكومية وعشرات الكليات والمعاهد في طول البلاد وعرضها، وفتح المجال للدراسة في الخارج للبنين والبنات، وفي مختلف دول العالم، وبأعداد تفوق ال150 ألف مبتعث ومبتعثة، ودمج تعليم البنين والبنات في وزارة واحدة، وربط مناطق المملكة بشبكة من السكك الحديدية، وهي اليوم تحت التنفيذ، ومثلها داخل المدن الرئيسة، وكرم المرأة بإعطاء الفرصة لثلاثين منهن للمشاركة كعضوات في مجلس الشورى، مع حقها في الترشح والترشيح في المجالس البلدية، ولم يكتف بذلك بل إنه عينها مديرة جامعة ونائبة وزير ووكيلة وزارة، وهو الملك الذي غير موعد الإجازة الأسبوعية من الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت بعد طول انتظار، وفي هذا مكاسب اقتصادية هامة، وأعطى إجازة (يوم) يتمتع بها الموظف في ذكرى اليوم الوطني من كل عام، محققًا بهذا القرار قيمة إضافية لهذا اليوم الخالد، إنه من أنجز أكبر توسعة في تاريخ الحرمين الشريفين، وأنشأ المدن الطبية والاقتصادية، وأيضاً مركز الملك عبدالله المالي، وأمر بسكن لكل مواطن لا يملك سكناً، ووظيفة لمن ليس له وظيفة، مع زيادة رواتب من هم على رأس العمل من المواطنين، وهو صاحب فكرة ودعم الحوار الوطني، ثم الحوار مع اتباع الأديان والحضارات والثقافات العالمية. * * * وشملت إنجازاته ورعايته لشعبه أكثر من ذلك بكثير، فقد تبنى بناء دولة المؤسسات والمعلوماتية، وتحديث الأنظمة وسن الجديد منها، وهكذا صدر نظام هيئة البيعة ولائحته التنظيمية، ونظام القضاء، ونظام ديوان المظالم، وإنشاء هيئة حماية النزاهة ومكافحة الفساد، كما أثمرت جهوده ومكانة المملكة الاقتصادية في عهده بأن تم ضمها لمجموعة الدول العشرين الكبرى في العالم اقتصادياً، وكان وهو العروبي المسلم متفاعلاً في مواقفه العربية بدعمه للشعوب ضد أنظمتها الفاسدة والقمعية، بدليل موقفه من نظام بشار في سوريا والإخوان في مصر وتعامله مع التطورات في اليمن، وغيرها كثير. * * * وفي ظلّ كل هذه المعطيات، كيف لا يحب المواطنون مليكهم الذي يتسم تعامله مع شعبه بالتلقائية والتواضع والبساطة، وقد توج هذا التعامل الجميل بالطلب من مواطنيه عدم تقبيل يده في توجيه كريم صدر منه عام 1426ه؛ فكان أن تفاعل الدكتور غازي القصيبي-ككل المواطنين- مع هذا الطلب فأهدى إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود قصيدة وزعتها وكالة الأنباء السعودية، ونشرتها صحيفة الجزيرة وصحف أخرى يوم السبت 13 من شعبان 1426ه، ونصها: سلمت يد.. لا تقبل التقبيلا وسلمت للشعب النبيل.. نبيلا جسدت في شخص كرامة موطن تأبى العقيدة أن يكون ذليلا علمتنا أن الرجولة موقف يقف الزمان أمامه مذهولا وملكت ناصية الجموع.. مروءة بالحب تفتح أضلعا.. وعقولا يا فارس الأخلاق.. ربّ سجية حسناء.. تهزم صارما مصقولا تاج التواضع زان جبهتك التي تخذت سجودك تاجها المجدولا وهو من يؤكد دائماً على وزرائه ورجال حكومته وكل المسؤولين بالدولة بأن قدرهم وقدره شخصياً أن يكونوا في خدمة الشعب، وأن الإخلاص وفتح الأبواب والإصغاء لسماع مطالبهم هي أمانة في عنق الجميع، وأنه لا عذر لمن يقصِّر في هذا، إلا أن يكون ليس على قدر المسؤولية التي أوكلت إليه، ما فتح الباب -بل كل الأبواب- للمواطنين لإيصال شكاواهم ومطالبهم للمسؤولين، مدعومين بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي يوصيهم علناً وعبر كل وسائل الإعلام بالاهتمام بالمواطن، والسعي لخدمته، والتعامل الحسن معه، واعتباره على حق في كل شأن ما لم يتبين لاحقاً خلاف ذلك. * * * مرة أخرى، لماذا يحب الشعب عبدالله بن عبدالعزيز -الإجابة، بل بعض الإجابة- ستجدونها في المضامين السابقة، أما تفاصيلها، وما لم نذكره من إنجازات أخرى، فهي ما لا تستطيع هذه الصحيفة فضلاً عن هذه الزاوية استيعابها، شكراً.. أبا متعب، فأنت الملك والإنسان والوالد الذي ستبقى خالداً في ذواكر محبيك الكُثر.