لا يشك أحد بالجهود المبذولة في تنظيم هذه الاحتفالية السنوية، ومن يغمض عينيه عما يقوم به العاملون في هذه التظاهرة الثقافية فإنه قبل ذلك قد أغلق قلبه!. في عالم تتسع فيه رقعة التلقي ولم تعد محصورة في قناةٍ واحدة، تطل الجنادرية بشكل سنوي، تظل تتباهى، وتعقد الخطوات عاما بعد عام؛ لرسم منجز إنساني حضاري وطني. في هذا العام التاسع والعشرين للجنادرية حضرتُ وتلمست جوانب الإبداع والجمال فيها، وهي لا تخفى على أحد، سواءً بجمال التنظيم أو بحسن الاستقبال، أو بروعة الهوامش قبل المتن!. وما يترقبه القلب أن تمضي الخطوات الارتقائية في هذه الاحتفالية إلى ما هو أجمل، ولن يكون ذلك إلا برسم ملامح لتطويرها وطرح أفكار لتعزيز مكانها، تأتي من الجميع لتكون الاحتفائية مظهرا لائقا بكل ما هو وطني وإنساني نسعى لتقديمه!. ماذا تحتاج الجنادرية؟ - في عالم الجوائز الإبداعية والثقافية لا بدّ أن يكون للجنادرية جائزة تميزها عن غيرها، وأن تكون هذه الجائزة ضمن محورها العام الذي يطرح كل سنة، فتكون الجائزة خاصة بالجنادرية ناتجة من هدفها العام الذي تسعى لتحقيقه في كل عام! هذه الجائزة ستعزز الحضور الأكاديمي والفكري للجنادرية، وستقدم أسماء علمية ودراسات جيدة، ولعل الموضوع لا يقف دائما عند حدود الفائز الأول، بل لعل التنافس يكون مفتوحا على مراكز ثلاثة. - تأتي الجنادرية في وقت تشهد فيه الرياض نموا سكانيا وجغرافيا مدهشا، وهذا لا يمنح الجنادرية وهجها الاجتماعي في الحضور والتفاعل، ولعل القائمين يلومون أهل الثقافة والفكر من سكان الرياض الذين لا يحضرون هذه المناسبات والفاعليات الثقافية، كلُّ من جانبه مصيبٌ، وكلٌّ من نظرته يجيب عن سؤال الحضور والغياب للفعاليات الثقافية، ولو وضعت الجنادرية تزامنا مع إجازة منتصف العام وطورت بشكل أكثر تأثيرا وتفعيلا لحضور الناس ، لربما وجدت الجنادرية نفسها بشكل أكثر ألقًا وتفعيلا، ولعل من يعتذر بأن الإجازة مظنةُ سفر، وهذا صحيح، ولكن لو وجد الناس في الجنادرية مسرحا حيا وتفاعلا ثقافيا يناسبهم لتركوا السفر، الناس إنما تسافر لأنها لا تجد شيئا يحتضنهم هدوءا وجمالا في حياة صاخبة عملا ودراسة!. - هذا التنوع الثقافي الذي يأتي من أقطار شتى، ينقصه شيء من تفعيل في الجامعات والمؤسسات الثقافية، ولعل غياب دور الكليات المعنية بالثقافة والفكر مما يؤثر على مسارات ندوات الجنادرية، وإذا كنا نستهدف في مثل هذه المحاضرات والندوات شباناً هم في مقاعد الجامعات وجيلا سيشارك في بناء الوطن، فإن حقهم على المنظمين أن يذهبوا إليهم، وأن يكون لهذه العقول المهاجرة في آفاق الفكر محاضن غير قاعات المحاضرات في الفنادق! - تظل الجنادرية وهجا ثقافيا، ولكن لا يعرفه الناس إلا قليل منهم، ولعل العتب يأتي على وسائل الإعلام المتنوعة في عدم حضورها وتفاعلها، فلا لقاءات مباشرة ولا قنوات فضائية متنوعة. ولعل هذا يجعل غياب المحاضرات والندوات الثقافية في الجنادرية إعلاميا مما يقلل من قيمتها، فكثير من الأسماء ذات الوهج الفكري والإعلامي كان لها حضورها إبراهيم الكوني وعدنان الصائغ ويحيى السماوي وغيرهم كثير. - يصاحب الجنادرية أمسيات شعرية تقام في مناطق المملكة، وكل أمسية تستقطب من ضيوف المهرجان خمسة أو أكثر، وهذا يحدث نقصا في حضور ضيوف المهرجان لفاعالياته ومحاضراته، ولو كانت هذه الأمسيات بعد مهرجان الجنادرية لكان لها من الحضور ما يليق بها. أزهار جُنادرية: - في هامش الجنادرية نقاشات وحوارات رائعة، وأمسيات وأصبوحات شعرية جميلة. - في هامش الجنادرية أسماء تعمل بصمت شكرا لهم وتقديرا لفعلهم الذي لا يشاهد.