حفل برنامج الفعاليات الثقافية هذا العام بالعديد من الندوات التي تناولت قضايا ثقافية وفكرية متنوعة وايضا مجموعة من الأمسيات الشعرية التي أقيمت في عدة اندية ادبية، اضافة الى موقع الفعاليات بالرياض، وان افتقدت الفعاليات هذا العام لفعاليات مسرحية وتشكيلية كبيرة.. حول جدول الفعاليات في مهرجان الجنادرية كان لنا تلك الوقفة مع بعض المثقفين لاستطلاع آرائهم التي تباينت بين مقتنع وبين مطالب بالتغيير. المشهد الأدبي في البداية يقول عبدالرحمن العكيمي نائب رئيس نادي تبوك الأدبي: برنامج مهرجان الجنادرية لهذا العام كان جيدا مقارنة بفعاليات برنامج معرض، إذ كان هناك تنوع جيد والندوات كانت فكرية ركزت على المتغيرات وكانت عناوينها جاذبة وأسماء المشاركين كانت بحجم هذه العناوين العريضة، وكنت أتمنى أيضاً لو أنها أضافت متابعة المشهد الأدبي بالندوات كالمنجز الروائي، وكذلك الفن التشكيلي كالمعارض لأبرز الفنانين والفنانات ولعلي أضيف أيضاً لماذا لا تكون هناك جائزة سنوية في الثقافة والأدب والفن تكون لها أمانة عامة وتشمل فروعا متعددة وفق رؤية متجددة، لكن وبنظرة عامة هناك عمل كبير جداً يبذل، وأتوقع ان يشهد العام المقبل - بإذن الله - تطويرا جديدا. تقييم وتطوير بينما يقول الشاعر والكاتب ياسر العتيق، لنسأل أنفسنا: مهرجان له 28 سنة ما القيمة والمعرفة التي أضافها ؟ هل تمت الاستفادة من التاريخ والتراث لصناعة المستقبل؟ وهل هناك إضافة تذكر على كافة الأصعدة حتى في الشعر والأدب، وما يقام من أمسيات يدور على أسماء معينة لا تتغير، وإذا تغيرت فهي أسماء برزت خارج الوطن وأجبرت القائمين على استقطابها، ولم يخرج شاعر واحد من منبر الجنادرية. إذا كان البلد - حفظه الله - يمر بمرحلة تقييم وتطوير، فالجنادرية تحتاج إلى ذلك ايضا. مواكب ومتنوع واعتبرت الدكتورة أميرة كشغري البرنامج مواكبا ومتنوعا وقويا وجريئا ويحمل فعاليات ومواضيع مهمة. كما أن الأسماء متنوعة ومختلفة في التوجهات والأطياف وتحمل أفكارا متعددة ذات سمات عالية وأبدت دهشتها من عدم المتابعة الإعلامية الجادة للبرنامج الثقافي وتقلص التغطيات. كما تمنت أن يفسح المجال للشباب ليناقشوا قضاياهم ويديروها بأنفسهم، فالشباب هم من يكملون المسيرة ولهم الأحقية في طرح مشكلاتهم لأنهم الأقرب منها والأقدر على حلها. رؤية جديدة وقال الدكتور خالد الجريان نائب رئيس نادي الاحساء الأدبي : أرى ان جدول الفعاليات الثقافية في مهرجان الجنادرية لا يرقى الى تطلعات المثقفين وما تمر به بلادنا من تطورات ثقافية بحاجة ماسة إلى مواكبتها ، فمازالت البرامج الثقافية تسير بخطى وئيدة دون تجديد للحراك الثقافي ، كذلك الاستضافات يجب أن تكون على مستوى عال يؤثر في الحركة الثقافية، فقد مللنا الصور القديمة والطرح القديم. نحن في أمس الحاجة إلى الأصوات الثقافية الحديثة مع البقاء على ثوابتنا وقيمنا الحضارية التي ترتكز عليها ثقافة هذه البلاد المباركة. ضروري جدا التجديد والتغيير في المخبر والمظهر. أما عن الندوات والمحاضرات فمازالت تقليدية. نريد تقديم القديم بعرض جديد جريء، كالإعلام الجديد والمثقف وفكرة التغيير .. الثقافة المعاصرة بين القبول والرفض .. وغيرها. حدث ثقافي هيلة البغدادي عضو مجلس إدارة نادي تبوك الأدبي , رئيسة تحرير مجلة ضفاف اعتبرت أن الجنادرية حدث ثقافي تاريخي مهم، لكن البرنامج الثقافي لا يحظى باهتمام إعلامي كبير، بينما توجه الأنظار الى فعاليات أخرى لن أقول أقل أهمية، لكن لا تتوازى مع حجم المادة الثقافية المطروحة، وتمنت أن يعاد النظر في موعد انطلاق المهرجان حتى يتسنى للجميع الحضور والمشاركة بالذات لمن هم خارج منطقة الرياض، ووافقتها الكاتبة أميرة محمد أمين مقيم الرأي في عدم مناسبة موعد انعقاد المهرجان مع أعمالهن التي لا يسمح فيها بأخذ الإجازات. حراك واسع الدكتور أحمد آل مريع عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد رئيس مجلس إدارة أدبي أبها ذكر إن الجنادرية فعاليات ثقافية واجتماعية حراك واسع الطيف والاهتمام يتحرك من سكينة التراث إلى قلق المعاصرة ومن الحرفة الفردية إلى وهج التدفق المعلوماتي العالمي، من هنا فالجنادرية كأنما تريد تكوين معادلة تقوم على التكامل النوعي بين أمكنة وأزمنة واهتمامات والفنون .. تعيش اللحظة وتستشرف المستقبل وتمتاح من الأمس. الجنادرية أيقونة صغيرة عن مشروع ووعي خاص يمارسه وطن، لذلك تأتي فعالياته المعرفية والأكاديمية مهمومة بالقضايا الكبرى. بالأمس القريب كان عن تقارب الحضارات وحوار أتباعها، وفي الجنادرية 28 كانت الندوات تتفاعل مع هذا الهم التنموي الكبير، مثلا ندوتان عن حركات الإسلام السياسي الثابت والمتحول في الرؤية والخطاب، وندوتان عن حركة التنوير في الوطن العربي وإخفاق النهضة، ندوة ثالثة عن اللغة العربية وتحديات الهوية، وندوة رابعة عن رأس المال الوطني وخامسة عن الفساد المالي والإداري والتنمية المستدامة، وندوة سادسة عن الصين وآفاق العلاقة مع العالم العربي غير الأمسيات التي تجاوزت 5 أمسيات شعرية وجلسات الإيوان الليلية، والأنشطة في موقع الجنادرية نفسها. الفعاليات عامة وشاملة وللجميع، لكن ما يخص الفعاليات الفكرية ينبغي قبل الحكم أن نعرف رؤية القائمين عليها فهي نخبوية وذات كريزما خاصة تباشر - كما أسلفت - الأسئلة الحضارية الكبرى.