كباقي التنظيمات التكفيرية، والمرتبطة بتنظيم القاعدة «الأم»، وجد تنظيم «داعش» مساحة واسعة على الأراضي السورية؛ لممارسة إجرامهم، وتكفيرهم، وتوسيع نفوذهم، وتحقيق مكاسبهم على الأرض، كالاستيلاء على المعابر الحدودية مع تركيا، والمنابع، والآبار النفطية في الحسكة، والرقة؛ ولتكون سلوكياته، ورؤاه، لا تختلف عن سلوكيات، ورؤى نظام الأسد. انتهجت «داعش» في بداية الأمر أسلوب الدعاية؛ لاستقطاب الشباب العربي؛ من أجل نصرة القضية السورية. مع أنّ الحقيقة لا تكمن في اقتحام ملفات الأراضي السورية؛ تمهيداً للوصول إلى الخلافة الإسلامية كما يزعمون، فالتطور الملفت، والدراماتيكي على الساحة السورية، يرينا قيام الطيران الحربي السوري بقصف مواقع الثوار عدا مواقع «داعش»، مما يدعم النظرية القائلة، بأنها صنيعة النظام السوري، وعميلة لطهران، ودمشق، وهو ما أكده - العقيد - عرفات حمود - أحد قيادات الجيش الحر -، بأنّ: «داعش ساهم بفك الحصار عن عدة مواقع لقوات الأسد، كادت تسقط بيد الثوار، كما ظهرت صور أخرى عبر الجيش الحر - أيضاً - أكدت وجود ضباط مخابرات للنظام السوري بين قيادات التنظيم». تحكي التقارير، بأنّ بعض مجموعات «القاعدة» - في الأساس - كانت مخترقة من قِبل طهران، ودمشق، أثناء وجود القوات الأميركية في العراق بين 2003م، وحتى نهاية العام 2011م، - ولذلك - تم إحياء هذه الاختراقات - مجدداً -، وحصلت اختراقات جديدة تهدف إلى تقوية القدرات العسكرية لهذه المجموعات المتطرفة ، كما أنّ بعض العناصر الأمنية السورية، انضمت بالفعل إلى هذه الجماعات بأوامر من قيادات أمنية رفيعة، وقد أحيل هذا الملف بالكامل إلى نائب رئيس مكتب الأمن الوطني السوري - اللواء - عبد الفتاح قدسية، الذي عمل في السابق رئيساً لجهاز المخابرات العسكرية، وهو من الطائفة العلوية، وقريب جداً من الرئيس بشار الأسد. ترقب لحظة الانفجار بين «داعش»، وبين خصومها من مختلف الفصائل الجهادية، كشف عن علاقة التنظيم مع أجهزة مخابرات النظام السوري، والإيراني؛ لخدمة مصالحهما، واختراق المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر . وهو ما يعبر عنه باللعبة الاستخباراتية، عندما يعتبر كل طرف أنه يستخدم الآخر؛ لإخفاء أجنداته الاستخباراتية، والتوسعية، - وبالتالي - لا حرج - حينئذ - أن تقوم الخطة - الإيرانية السورية -، بتسهيل نقل السلاح إلى «داعش»؛ لأنّ الهدف هو تقويض قوة الجيش الحر، والعمل على إضعاف الثورة السورية، والحفاظ على بقاء نظام الأسد في السلطة. الجريمة الكبرى تكمن في استخدامات القوى الإقليمية للتطرُّف الديني بشتى أصنافه؛ ليتحوّل إلى كارثة إنسانية في قتل الشعوب الإسلامية. وأخشى أن تؤسس هذه المصائب لإرث ثقيل جداً من الانتقام القادم، والمختبئ تحت الرماد.