لم يكن الاتهام الذي أطلقه أحد الناطقين الإعلاميين في ريف دمشق في حق بعض الفصائل المقاتلة المنضوية تحت لواء الثورة السورية بتسليم مواقع لقوات النظام في ظروف غامضة، هو الأول من نوعه، بل كان هناك عديد من الاتهامات لقادة فصائل بالتعامل مع النظام، وجرى كثير من الكلام واللغط حول سقوط مدينة القصير قبل أشهر، كما أُطلقت اتهامات لأحد قادة الجيش الحر في درعا وأُقيل من موقعه إثر ذلك، في حين تجري اتهامات متبادلة لقيادات على مستوى عالٍ تعمل في صفوف الثوار والجيش الحر، وكانت محاولة اغتيال قائد الجيش الحر العقيد رياض الأسعد مثالاً خطيراً على هذه الاختراقات، كما تم تسليم مؤسس تنظيم الضباط الأحرار المقدم حسين هرموش للنظام الذي لعبت فيه المخابرات التركية دوراً مهماً. في ظل الفوضى التي نتجت عن غياب قيادة موحدة للجيش الحر في المناطق السورية الثائرة، وفوضى انتشار السلاح على نطاق واسع في هذه البلاد، استطاع النظام اختراق عديد من التشكيلات الثورية وبعضٍ من قادتها، بل ذهب إلى أبعد من ذلك بتشكيل كتائب مقاتلة باسم الجيش الحر وتعمل تحت إمرته، وهذا أكده الثوار في أكثر من حادثة. واتهم عديد من الناشطين السوريين قادة كتائب بخدمة النظام، وتنفيذ أجندته في أكثر من منطقة سورية، كما توجهت الاتهامات إلى جبهة النصرة التي يقودها شخص مجهول الهوية بأنه وقادتها أوجدهم النظام، فيما علت الأصوات مؤخراً ضد ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، بأنه من صناعة النظام وحلفائه في طهران وبغداد، وأثبتت كثير من الحوادث وخاصة في ريف دمشق إقدام هذا التنظيم على تسليم ضباط منشقين إلى قوات الأسد، فيما أكد عديد من القادة الميدانيين والناشطين أن هذا التنظيم لا يواجه النظام، بل يوجِّه رصاصه للناشطين ويتسلل إلى المناطق المحررة ويسيطر عليها، ويدللون على تواطؤ النظام مع هذا التنظيم بأن طائراته لا تستهدف أيًّا من مواقعه رغم أنها بادية للعيان وراياته مرفوعة فوقها في أكثر من مدينة ومنطقة في الشمال السوري، بينما تقصف هذه الطائرات المناطق السكنية المجاورة لمواقع التنظيم كما حدث في مدينة الرقة أكثر من مرة. لا ينكر كثير من الثوار اختراق النظام لهذه الثورة ليس على المستوى العسكري فقط، بل والسياسي أيضاً، فكثير من الاتهامات صدرت قبل ذلك لأسماء تعمل تحت اسم المعارضة بأنها على ارتباط بالنظام، ويرى هؤلاء الناشطون أن ما يجري أمر طبيعي؛ فالنظام يمتلك جهاز استخبارات قويّاً، وله تشابكات وعلاقات استخباراتية إقليمية وعربية ودولية، ويمتلك علاقات مع تنظيمات إرهابية في المنطقة، بينما الثوار لا يملكون خبرة في هذا المجال.