سبق أن تحدثنا عبر جريدتنا الجزيرة في تاريخ 7 ذي القعدة 1434ه عن واقع النظرة الشرعية بين المخطوبين وحالها الحاضرة، وما يجب أن تكون عليه اليوم. وهنا نحن نكمل ونقول: من الأفضل أن تتم النظرة الشرعية بعد القبول المبدئي وقبل إجراء الفحوصات. كما ويجب على ولي أمر المخطوبة أن يوضح للخاطب كل ما يعرفه من عيوب خلقية أو أمراض أو صفات في المخطوبة قد تكون سبباً أو دافعاً إلى انتهاج الطلاق بعد الزواج، وهو الأمر الذي يتحاشاه الآباء والأمهات. وهناك أمراض وصفات تظهر على السطح قد يراها الخاطب، ولكن المؤلم أن هناك أمراضاً وصفات لا تتضح إلا بعد الزواج، فيصبح للزوج موقف آخر ربما يؤدي إلى الطلاق. لذا يجب على الآباء والأمهات إيضاح تلك العيوب مهما تكن. ولا نقول هذا الكلام «تخرصاً» أو توقعاً، وإنما يحصل في بعض الأحيان فيعكر صفو الزواج، وقد ينتهي إلى أبغض الحلال إلى الله. ومن جانب آخر يجب على ولي أمر الزوج أيضاً ألا يهمل إيضاح كل ما يعيب ابنه أو من هو قيم عليه أمام أهل المخطوبة أيضاً لنتلافى مشكلات قد تؤدي إلى الفراق أيضاً. وكثيراً ما نسمع بعد إتمام مراسم الزواج بأيام أو أسابيع أن فلاناً يتعاطى المخدرات أو أنه صاحب سفريات إلى أوطان مشبوهة أو أنه مريض نفسياً أو جسدياً، وبالتالي تحدث المشكلات بين الزوجين مما قد يؤدي إلى الطلاق. ومن المؤسف أن بعض الآباء (وقد حصل فعلاً) يحرص على تزويج ابنه من بنت فلان ويخفي مرضاً نفسياً بابنه أو صفة مذمومة يخفيها على أهل المخطوبة قائلاً في نفسه لعله بعد الزواج «يعقل» أو يبتعد أو يشفى مما فيه. بل أحياناً يتزوج الرجل وليس لديه قدرة على ممارسة «الجنس» فيتزوج باسم التجربة ويفشل، فما دام أنه يعرف نفسه بعدم القدرة فلِمَ يتسبب بأذية بنت الناس فيأخذها للتجربة وبعد أيام يرميها فتصبح «مطلقة» وهي عذراء، ويا عذاب المطلقات. فلا أفضل من المصارحة والكشف الحقيقي عن كل ما يعيب الاثنين ليكون التوافق على بياض لا غش ولا تدليس فيه، فيعمر الزواج إن تم بإذن الله. ومن هنا أقول أيها الآباء والأمهات اتقوا الله في أولادكم وبناتكم فلا تعرضوهم لمشكلات تنتهي بأبغض الحلال على الله هم وأنتم في غنى عنها، وما وُجد الفحص قبل الزواج إلا من أجل الحيلولة دون وقوع مشكلات خلافية بين الطرفين يعقبها طلاق وافتراق، ولكن الفحص المخبري محدود فهو للكشف عن أمراض محدودة، لذا فلا يغني عن كشف بقية الأمراض أياً كان نوعها ومكانها إن وُجدت في أي من الطرفين. ولقد وقعت أنا وأعرف غيري ممن وقع في الفخ فلا هم لي ولهم بعد الزواج إلا التردد على المستشفيات لعلاج أمراض زوجاتنا، فما ذنبي وذنبهم لنعول مثل هؤلاء خصوصاً إذا كان الزوج ذا دخل محدود، فالمهم الوضوح في كل الأمور والتوفيق بيد الله سبحانه. - صالح العبدالرحمن التويجري