إشارة إلى ما نشرته الجزيرة بتاريخ 5-9-2013م تحت عنوان (هذه المراكز تغني عن الخطابة) بتشديد الطاء بقلم الأخ محمد الموسى تحدث فيه عن مساوئ الخطابات ويمتدح المراكز التي تعنى بالأسر وللتوفيق بين الزوجين. وحقيقة إن ما قاله الكاتب لهو الواقع سواء عن مساوئ الخطابات أو محاسن تلك المراكز وما دام الحديث عن موضوع الزواج أجد من المناسب أن أتحدث عن النظرة الشرعية للمخطوبة مبتدئاً بما رواه جابر- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)، قال جابر: فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها. رواه أبو داود.. فما معنى النظرة الشرعية؟ هل هي أن تمر عليك مخطوبتك وأنت جالس تنتظرها كمرور الريح وبوقت لا يتجاوز أكثر من دقيقة واحدة، تقدم لك خلالها كأساً من العصير أو فنجاناً من القهوة، ثم تدبر ولا تدري ما الذي رأيته منها وهل تمكنت من النظر الحقيقي لوجهها وتأكدت من لونه أو لعينيها وهي تنظر إلى الأسفل، أو نظرت إلى شعرها الملفوف تحت الخمار أو نظرت إلى فمها وهو مقفل كأنها قد عضت ليمونة، وإذا كنت تسلط ناظريك في البداية على وجهها خلال تلك الدقيقة فهل تمكنت من النظر إلى طولها وعرضها ومشيتها أو هل سمعتها تنطق بكلمة واحدة لتتأكد أنها ليست ببكماء أو جزء منه، وهل نظرت إلى ما كانت تلبسه بقدميها فلربما كان ارتفاعه أكثر من 20 سم. بالله عليك ماذا رأيت؟ بالطبع لم تر شيئاً! ما دام الوقت لا يزيد على الدقيقة، أم أن النظرة أن يجلس مع الخطيبين أحد أقاربها ليكتم أنفاسهما ويخرس ألسنتهما فلا يستطيعان تبادل الأحاديث بينهما، التي غالباً ما تكون رسول حب بينهما ومودة، فهل هذه هي الرؤية الشرعية للمخطوبة؟ لا أعتقد، جازما أن النتيجة العاجلة لمثل هذه النظرة السريعة التي تشبه قول الثعلب للعنب (.. عليك حامض) فإن قبلها الخاطب فقد يكون مآلها الفشل والطلاق لا سمح الله، وظروفنا اليوم غيرها بالأمس. وحتى نخفف من الطلاق أرى أن تكون النظرة كافية شافية وذات نتيجة حقيقية لا مجرد قناعة عاجلة تخفي خلفها ويلات الفراق بعد الزواج حينما تتضح العيوب وتتكشف العاهات بالمرأة، ولتكون النظرة الشرعية ذات فعالية يجب أن يوفر الوقت المناسب لها بما لا يقل عن العشر دقائق، ولا لزوم لوجود المراقب، دعوهما يتحدثان ويتناقشان وليسأل كل منهما الآخر عما بخاطره، فقد تكون هناك أسئلة لا ضرورة بأن يسمعها المراقب، وأمر آخر يجب أن تكون المرأة بلا حجاب ليرى شعرها، فللشعر أهمية عند البعض من حيث الطول واللون والشكل، ومن الأفضل ألا تكفي النظرة الواحدة أو الاثنتان، فما الذي يمنع من تكرارها؟ خاصة عند طلب الخاطب ليتأكد من توفر الصفات المطلوبة لدى مخطوبته، حتى لا تكون هناك ندامة قد تؤدي إلى الطلاق. لذا أقول: عند النظرة الشرعية يجب إخلاء المكان للمخطوبين لينظر كل منهما إلى الآخر بحرية ويتحدثا بطلاقة، ولا أعتقد أن هناك مجالاً للخوف من تلك الخلوة، ولا أسميها خلوة نظراً لسلامة الهدف ولضيق الوقت ولحرمة المكان والذي لا شك فيه أن النظرة الكاملة جزء من رسول حب وتوافق بين الطرفين، لذا أدعو إلى أن تكون النظرة الشرعية وافية وبدون وجود المحرم وإن كان ولا بد فعلى الأقل يكون بعيداً لا يسمع محادثتهما أو يتابع نظراتهما أو يحجر على بسماتهما، وبهذه الطريقة أؤكد أن الطلاق سيخف كثيراً. أليس كذلك أيها الآباء والأمهات؟. - صالح العبدالرحمن التويجري