تُحرز الشركات الريادية المتقدّمة تطورّاً حقيقياً على صعيد زيادة عدد النساء في صفوف إدارتها التنفيذية، وذلك عبر معالجة المشكلة بطريقة مختلفة. وبدلاً من تركيز جهودها على إعداد المرشّحين ليتناسبوا مع الوظائف (عن طريق زيادة التوجيهات والتدريبات مثلاً)، تُقدِم على خطوات عملية لجعل المناصب أكثر قدرةً على استقطاب المرشّحين، الذين يُعتَبَرون أصلاً من ذوي القدرات العالية. ولنأخذ مثال شركة «كوتشلير» المصنّعة لسمّاعات الأذن، التي قرّرت أن تتصدّى للنقص الدائم في مستويات تمثيل المرأة ضمن دائرة ذوي القدرات العالية لديها، من خلال بذلها جهوداً لجعل المناصب الريادية تتناسب أكثر مع مواطن القوة الفردية لدى المرشحات، ومع الطموحات المهنيّة لكلّ منهنّ. وقد تبدو هذه المهمة جبّارة، إلا أن برنامج الحضور القيادي لشركة «كوتشلير» يقوم في أساسه على ورشة عمل تستمر ليوم واحد، تعزّزها نشاطات مختلفة في المرحلة السابقة والتالية لورشة العمل المذكورة. وفي سياق هذه الأخيرة، تعمل النساء على استحداث بيان مهام شخصية، ويعملن فوراً على إدراجه ضمن خريطة أهدافهنّ المهنية واحتياجات الشركة. وتُعتبر هذه الخطوة بالغة الأهمية لمساعدتهنّ على رؤية ما إذا كان يمكن ربط مواطن القوة والشغف الشخصية لديهن بالأهداف المهنية القيادية في الشركة. وبعد ذلك، يساعد البرنامج النساء على بناء شبكات، من خلال تعيين مرشدين لهنّ من خارج إطار عملهنّ الأساسي، بهدف منحهنّ فرصاً لتقديم عرض لكبار القادة في محيط الشركة والتعرفّ إليهم. وتعمل شركات أخرى على تقليص الصعوبات عند سلوك درب القيادة المهنية، من خلال التطرّق إلى الطبيعة المرهقة لعمليّة نقل الموظفين إلى مكان عمل آخر، التي غالباً ما تكون هامّة لتطوير الخبرة وتوسيع نطاق الآفاق الضرورية لإحراز تقدّم. ولا شك في أن نقل الموظفين إلى مكان عمل آخر يشكّل عائقاً بالنسبة إلى كلّ من لديه عائلة، وغالباً ما يُنظر إليه عقد العمل هذا على أنّه بنوعية أسوأ، بالنظر إلى أن النساء العاليات الأداء، اللواتي بلغن منتصف مسيرتهنّ المهنية، لا يحبّذن أبداً قطع أشغالهنّ وخسارة راتب الزوج الذي يتقاضى دخلاً مرتفعاً. ومن جهة أخرى، اتخذت مجموعة «نستله» خطوات مبدعة لمواجهة هذه المشكلة، من خلال شبكتها المهنية المزدوجة القابلة للاستدامة الذاتية، التي عملت أولاً على توسيع نطاق المساعدة أثناء نقل مقرّ عمل الموظفين، لتطال الشريك أيضاً، ووفرت خدمات على غرار منح التوجيهات خلال البحث عن عمل في السوق المحلي. وأقرت شركة «نستله» ثانياً أن شركات عالمية كبرى كثيرة تواجه التحدي ذاته على صعيد تنقّل الثنائيات في سياق الوظيفة، ودعتهم للانضمام إلى برنامج يتم في سياقه تنبيه شريك عمر المسؤول التنفيذي الذي يتم نقله بفرص العمل الجديدة الواعدة في شركات أخرى. وعلى الرغم من عدم تسجيل أي تفضيل رسمي عند التوظيف، ساهمت زيادة وعي الناس إزاء هذه الفرص في تعجيل بحث الأزواج عن وظائف. ووسط «ميل» النساء إلى اقتناص الفرص، تعمل مؤسسات رائدة على مساعدتهن، فتصمم أدواراً تتناسب مع طموحاتهن الشخصية القائمة على تعدد المواهب، وتساعدهنّ على إزالة العقبات التي تعرقل تقدّمهنّ. وترى الشركات أن استثمارها في برامج من هذا القبيل تدرّ منافع كبيرة تتمثل بجهود متزايدة، وعمل أكثر فعالية ضمن الفريق وتعاون، وتراجُع لحركة الموظّفين المغادرين والجدد، من دون استنزاف موارد الشركة. - جين مارتن مديرة إدارية لممارسات الموارد البشرية في «سي إي بي»