رغم المشاريع الضخمة التي تنفذها شركة سعودي أوجيه في مختلف مناطق المملكة، ورغم مشاركاتها الواسعة في المشروعات الخيرية التي تخدم قطاعا كبيرا من المجتمع، إلا أن هناك فجوة كبرى بين الشركة وبين قطاعات كثيرة في المجتمع معظمها من فئة الشباب الذين لا يرون في سعودي أوجيه سوى شركة تنفذ مشاريع بالملايين فيما يبقى هؤلاء الشباب خارج اهتمامها، معتمدة في أعمالها على جنسيات أخرى، كما أن أعمالها تجاه المجتمع السعودي غير واضحة الملامح، وأن اهتمامها فقط ينصب على الربح المادي دون غيره. «الرياض» واجهت المدير التنفيذي للموارد البشرية بشركة سعودي أوجيه المحدودة الدكتور عبدالله بن سعد العبيد بكل تلك الاتهامات وكثير غيرها، وما يحمد له أنه احتمل هجوم الرياض وتقبل أسئلتها المستفزة بكثير من سعة الصدر، إيمانا منه بأن الرياض هي صحيفة المجتمع وبوابته التي تعكس نبضه دائما، واعتقاده أيضا بأن هناك فجوة بين الشركة والمجتمع ساهمت فيها عوامل عدة ربما كان منها غياب ثقافة التحاور بين القطاعات الاقتصادية والمجتمع في المملكة، ورغبة كثيرين في النظر دائما إلى الأمور بنظرة أحادية الجانب تلغي كل ما عداها. أين القيادات السعودية * دكتور عبدالله، لماذا لا تقوم شركة سعودي أوجيه بتعيين قيادات سعودية لإدارة قطاعاتها المختلفة؟ - لدى شركة سعودي أوجيه العديد من القياديين السعوديين في مختلف القطاعات، أما عدم ظهورهم فيرجع إلى حجم الشركة المتصاعد والزيادة المتنامية في أعداد العاملين لديها سواءً من الجنسية السعودية أو غيرها، ثم أن لدى الشركة عددا من البرامج التي تسعى لتحقيقها في مجال التدرج الوظيفي الذي يضمن تدرج موظفيها السعوديين لتبوؤ مراكز قيادية عليا بالشركة، ولك أن تطلع بنفسك على مكاتب الشركة في مختلف مدن ومناطق المملكة لتشاهد عدد الشباب السعوديين العاملين في مناصب قيادية فيها أو في طريقهم لتبوؤ المناصب القيادية. السعودة * وماذا عن الحديث عن المناصب القيادية السعودية من أن الشركة لم تضع يوماً السعودة خياراً إستراتيجياً لها؟ - يجب هنا التفريق بين السعودة والتوطين، فالسعودة هي عملية توظيف عشوائية للشباب السعودي لزيادة أعدادهم دون النظر لمستقبلهم أو للدور الذي يقومون به، بينما التوطين عملية مدروسة ومتقنة لتوطين وظيفة معينة أي إحلال شاب سعودي في مهنة معينة مكان الوافد، وهذا ما تتخذه الشركة خياراً لها، وهي بذلك تحرص على أن تقوم بمهنية الوظائف إيماناً منها بارتباط الوظائف الحالية والمستقبلية بالمهن التخصصية، وأنا من موقعي هذا أستطيع أن أؤكد لك أن جُل اهتمام القائمين على هذه الشركة هو وضع التوطين كإستراتيجية على رأس أولويات الموارد البشرية ويحرصون على استمراره ومتابعة تحقيقه بشكل يومي. القياديون السعوديون في سعودي أوجيه يلقون كل التقدير والتطوير ضمن برامج الشركة للتدرج الوظيفي المستمر * هل نستطيع معرفة عدد السعوديين العاملين في الشركة ونسبتهم لغيرهم من الوافدين؟ دون شك، فعدد العاملين بالشركة 4895 موظفاً سعودياً يمثلون ما نسبته 21.38% من الوظائف المهنية والفنية والإدارية. - لدى الشركة قرابة الستين ألف موظف، ألا تعتقد دكتور عبدالله أن عدد السعوديين فيها قليل جداً؟ علينا أن نتنبه إلى ما أوضحته في نهاية السؤال السابق من أن الشركة تعمل في مجال المقاولات وليس في مجالات إدارية أو مالية وبالتالي فإن الوظائف فيها لا تمثل عامل جذب للشباب السعودي الذي لا يزال يرفض بعضه العمل المهني من خلال محاذير فرضتها عليه طبيعته الاجتماعية إلا أن الشركة تعمل جاهدة لإحداث فارق في هذا الجانب من خلال محاولاتها الجادة لجذب الشاب السعودي عبر عدد من الآليات المختلفة التي نجحت في معظمها ولله الحمد. ولكن الجميع يعلم أن هؤلاء العاملين يتركزون في مجال الأمن أو وظائف الاستقبال؟ عدد رجال الأمن لا يتجاوز تسعمائة وثمانين موظفاً من أصل أربعة آلاف وثمانمائة وتسعة وستين موظفاً و معظم المتبقين يعملون بوظائف مهنية وفنية وإدارية وقيادية وعلينا أن لا نغفل أن الشركة تحتاج لأعداد كبيرة في مجال الأمن لكنها أيضاً تحتاج لأعداد أكبر في المجالات الفنية والتقنية والإنشائية وكما أنه لديها موظفي أمن لديها أيضاً موظفين في المجالات الأخرى وعمليات التوظيف الأخيرة ركزت بشكل لافت على المهن التخصصية كما ذكرت آنفاً، حيث أنه مهما قمنا بتوظيف رجال أمن فقط دون غيرهم فسيكون لدينا عدد مهول منهم لا يوجد فائدة من توظيفهم، الشركة تهتم كما ذكرت بتوظيف الشباب المؤهل أو تقوم بتأهيلهم وقد وضعت لذلك إستراتيجية لمدة عشر سنوات قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى لتأهيل الشباب السعودي للوظائف لديها لم يكن من بينها وظائف لرجال أمن إطلاقاً كما تقول. إستراتيجية التوطين * ما نعرفه أن شركة سعودي أوجيه لديها استراتيجية خاصة بتوطين الوظائف فهل يمكن إطلاعنا على أهم ما في هذه الإستراتيجية؟ - إن سعي الشركة للتوطين لم يكن وليد الصدفة أو حديث العهد بل كان مخططاً له من سنوات طويلة من خلال إيمان القائمين عليها بضرورة نقل التقنية وتطويعها وتوظيفها وضرورة اعتمادها على سواعد أبناء الوطن لإكمال المسيرة التي بدأتها في مجالات المقاولات والصيانة والتشغيل. وقد لاحظت الشركة وجود وفرة في أعداد الخريجين الجامعين في المجالات الأدبية أو تلك التي لا تتلاءم وطبيعة أعمال الشركة، كما أن هناك طفرة في أعداد غير المؤهلين من الشباب السعودي، لذلك سعت جاهدة لتأهيل غير المؤهل منهم سواءً عن طريق معهدها أو من خلال تدريبه وتأهيله عبر مراكز التدريب المنتشرة في مجمعاتها اللوجستية في مختلف مناطق المملكة بالتعاون مع الجهات الرسمية في ذلك كالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وأيضاً لاستقطاب الشباب المؤهل بدرجة جامعية تتناسب وطبيعة الأعمال التي تقوم بها الشركة كالمهندسين والمساحيين وجميع المهن ذات العلاقة بطبيعة أعمال الشركة. إن سعي الشركة السابق يأتي في سياق إيمانها الكامل بضرورة ارتباط الوظائف الحالية والمستقبلية بالمهن التخصصية، وهي بذلك تُسهم ليس فقط في توظيف الشباب السعودي توظيفاً سليماً صحياً بل أيضاً في الاستثمار بهم على المدى القصير والطويل استشعاراً منها أيضاً بحاجة السوق السعودية لأيدي وطنية ماهرة تقوم على سد الخلل الواضح في القوى العاملة، وهذا ما يجعل عملية التوظيف لديها أشبه بعملية معالجة لوضع قائم يتطلب تضافر الجهود فيه من خلال تأهيل وتدريب ومن ثم توظيف الشباب السعودي غير المؤهل. تحقق شركة سعودي أوجيه من خلال رسمها لإستراتيجية التوطين جزءا من ما تعتقده مسئولية اجتماعية تتحمل تحقيقها على عاتقها خدمةً لأبناء هذا الوطن الغالي من خلال ليس فقط المساهمة في توظيف العاطلين عن العمل بل أيضاً المساهمة في إعالة عدد كبير من الأسر المحتاجة من خلال تدريب عائل لتلك الأسر تدريباً تأهيلياً لتمكينه من دخول سوق العمل متى ما أصبح مؤهلاً لذلك كما وتدريب عدد من المتوقع تخرجهم من الجامعات في مختلف تخصصاتهم إضافة لحرصها على إستغلال فترة الصيف لتوظيف عدد من الشباب السعودي خلاله. تعتمد الإستراتيجية على توظيف نحو 6570 شابا سعوديا في قطاع المقاولات والتشغيل والصيانة في وظائف فنية ومهنية وتدريب 15000 شاب وشابة سعوديين لتأهيلهم لدخول سوق العمل وتوظيف 1000 شاب في الصيف. وتعتمد إستراتيجية التوطين منهج «التوظيف البادئ بالتدريب وليس التدريب المنتهي بالتوظيف». مركز التدريب * ماذا عن مركز التدريب الخاص بالشركة، هل هو لتدريب الوافدين على المهن التي تحتاجها الشركة؟ - لدى الشركة عدد من مراكز التدريب المهنية في مجمعاتها المختلفة في الرياضوجدة وتقوم على تدريب عدد من الشباب السعودي الراغب في العمل أو تقديم الدورات القصيرة التطويرية للعاملين لديها تحت إشراف المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وللشركة أيضاً معهد عال للتدريب يضم خمس مدارس مختلفة، المدرسة التقنية والمدرسة المهنية للإنشاء والبناء والمدرسة الفندقية ومدرسة السفر والسياحة ومدرسة التعليم المستمر إلى جانب القسم النسائي، وتعتزم الشركة أيضاً كشريك إستراتيجي للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني تشغيل معهدين آخرين في شمال وجنوب المملكة، وينحصر القبول في هذه المعاهد على الشباب السعودي فقط، وقد بدأ نشاط الشركة التدريبي قبيل إنشاء تلك المراكز أو المعاهد. * هل يجد المعهد إقبالاً من الشاب السعودي؟ وكم تكلفته ومتى بدأ وكم عدد خريجيه؟ - المعاهد التقنية والإنشائية قلما تجد إقبالاً من الشباب السعودي، إلا أننا سعينا بموجب توجيهات القائمين على هذه الشركة لإحداث نقلة نوعية في العملية التدريبية من أجل تخطي ما قد يمثل عوائق اجتماعية أمام العمل المهني فقمنا بجذب الشباب عبر تغيير المفهوم الدارج بالتدريب المنتهي بالتوظيف إلى التوظيف البادئ بالتدريب وأقمنا لذلك عدد من الورش والحملات الإعلانية والإعلامية بغية تحقيق نجاح في مجال تطويع العمل المهني ما حقق ولله الحمد نجاحاً باهراً حيث تم تسجيل ما يزيد على 4560 متدرباً حتى الآن في جميع مجالات المعهد الذي فاقت كلفته ال 150 مليون ريال وتتكبد الشركة سنوياً ما لا يقل عن 15 مليون ريال خسائر تشغيلية إلى جانب تقديمها لما يزيد عن 21 مليون ريال مصاريف تدريبية منذ انطلاقة المعهد في أوائل 2008م. المسئولية الاجتماعية * ماذا قدمت الشركة حتى الآن لتحقيق المسئولية الاجتماعية وهل تعتبر الشركة إنشاء تلك المعاهد جزءا من مسئوليتها الاجتماعية؟ - لابد بدايةً أن نؤكد أن شركة سعودي أوجيه تُعتبر إحدى دعائم الاقتصاد الوطني في مجال الاستثمار في المقاولات والتشغيل والصيانة وجديرٌ بالذكر أن الشركة قد أختيرت كأفضل شركة مقاولات لعامي 2008 و2010 ولديها واجب وطني تجاه المسئولية الاجتماعية الذي يؤدي عادةً ضعف الوعي بأهمية العائد من الاستثمار في مجال المسؤولية الاجتماعية إلى تدني توجه المؤسسات والشركات العاملة بالمملكة للاهتمام به. فمعلوم أن الشركات التي تستثمر في هذا الجانب تحقق أرباحاً وعوائد استثمارية لا يمكن تجاهلها وما ابتعاد الشركات عن الاستثمار في هذا الجانب إلا نوع من انعدام الرؤية حول الفائدة المنتظرة منه وقلة الوعي بالمفهوم العام للاستثمار في المسؤولية الاجتماعية إلى جانب الخلط الموجود بين العمل الخيري والمسؤولية الاجتماعية، فضلاً عن عدم إفراد ميزانيات مستقلة لأنشطة الشركات والمؤسسات في هذا الجانب وإبقاء ما يتم صرفه على الاستثمار في المسؤولية الاجتماعية ضمن ميزانيات التسويق أو العلاقات العامة، الأمر الذي أضعف المخرجات المتوقعة وأطّرها ضمن مفهوم العائد التسويقي، لذلك يعي القائمون على شركة سعودي أوجيه بشكل واضح الفرق بين ما يتم اعتباره مسئولية اجتماعية وبين ما هو هبات أو تبرعات برغم من أنها تصب جميعها في مصلحة الوطن، فالعمل على استقطاب الشباب السعودي للعمل في قطاع المقاولات وتدريب عائل لأف وخمسمائة أسرة محتاجة سنوياً وتأهيله لدخول سوق العمل وزيادة مرتبات العاملين السعوديين لديها وإنشاء معهد شركة سعودي أوجيه للتدريب بتكلفته المرتفعة والعمل على إبتعاث عدد من خريجي المعهد لخارج المملكة لإكمال دراساتهم والعودة لخدمة الوطن وإنشاء مراكز التدريب الداخلية وتطبيق إستراتيجية واضحة لتوطين الوظائف وإنشاء ثلاثمائة وحدة سكنية لصالح مؤسسة الملك عبدالله حفظه الله لوالديه وإنشاء كلية العلوم في جامعة الفيصل ودعم دار الحكمة بجدة بأربعين منحة دراسية مع دعم مالي آخر لتطوير بعض مرافق الدار ودعم مركز الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الاجتماعي لتزويد نساء القصيم بأساليب الإرشاد الأسري وتدريب الحاسب واللغة الإنجليزية وإنشاء وحدة قلب متخصصة بالمستشفى التخصصي بجدة بمبلغ 200 مليون ريال ودعم واحة الأمير سلمان للعلوم بمبلغ 50 مليونا لبناء ما يزيد على 200 ألف متر مربع وإنشاء حديقة عامة لممارسة رياضة الأجهزة المتحركة عن بعد على طريق التخصصي بالرياض وإنشاء بوابة مطار الملك خالد الدولي بمناسبة المئوية ودعم مهرجان بساط الريح لمساعدة الأسر لتوعيتهم بالاهتمام بكبار السن ودعم مهرجان الجنادرية ورعاية مهرجان عيد الرياض عيدين ومهرجان جدة غير وبرنامج اكتشف مملكتك وتمتع بوطنك التابع لوزارة الداخلية والذي يقوم على رعاية مجموعة من الطلبة لزيارة مناطق المملكة المختلفة إضافة للعديد من المناشط الخيرية، جميع ما سبق وغيره تعتبره الشركة جزء من مسئوليتها الاجتماعية، بخلاف دعمها لأنشطة رياضية للشباب مثل رالي حائل الدولي ودعم مسابقة حلبة الريم ودعم منافسات رياضة القولف. ذلك بخلاف ما تقدمه الشركة من هبات أو تبرعات مختلفة لمناسبات عديدة اجتماعية أو فردية. وجميع ذلك يختلف عن ما تصرفه الشركة على حملاتها التسويقية ما يؤكد أن القائمين على الشركة على دراية تامة بالفرق بين ما يتم صرفه على المسئولية الاجتماعية وما يتم صرفه على حملات التسويق، لكننا لا نؤيد ولا نود أن ننشر عن ذلك كثيرا لإيماننا أنه واجب وطني يمليه علينا استشعارنا بمسئوليتنا تجاه هذه البلاد التي نعيش على أرضها ونعمل فيه وعلينا أن نقوم به دون منه أو فضل، لكننا مضطرون إلى الإفصاح طالما أننا نتهم بالعكس . * كلمة أخيرة دكتور عبدالله تود قولها؟ - أود بدايةً أن أتقدم لجريدتكم بالشكر الجزيل لإتاحة هذه الفرصة لنا لتوضيح بعض النقاط عن إحدى أهم شركات المقاولات بالمملكة والتي تسعى جاهدة لإيجاد بيئات خصبة لمساعدة أبناء هذا الوطن في مجالات شتى بشكل صادق وشفاف ودون مواربة أو مزايدة، وهذه الفرصة التي أتيحت لنا للحديث في الوقت الذي نعاني فيه من غياب ثقافة مخاطبة العامة وفي غياب أهم عناصر الدقة في توضيح الأمور للناس في ما يمس احتياجاتهم اليومية أو الحياتية.