من المؤكد أنّ الفن التشكيلي لغة لا تحتاج إلى ترجمة بين الشعوب لكونه يحاكي حاسة البصر تلك الأيقونة التي منحنا الله - سبحانه وتعالى - إياها للذات البشرية التي أتقن استعمالها الفنان، فأصبح بفنه قريباً من كل الناس باختلاف أعراقهم أو ديانتهم، والفنان السعودي هو أحد هؤلاء الفنانين الذين حاكوا لغة العين فأبدعوا بفنهم ليعكس - لنا - واقع المجتمع ومحاكاته بلوحاته، هذا من جانب.. ..ومن جانب آخر يظهر لنا في كثير من الأحيان عدم اكتراثه بمجتمعة لتجعلنا نقف أمامها بين حالتي إعجاب وتعجب..! السؤال هنا هل الفن التشكيلي قضية ورسالة أم أنه لوحة جمالية من باب الترف فقط..!؟ والساخط هنا المتعجب هو أدلجة المبدع تحت إطار عدم المساس بهموم الإنسان وإقناعه بالاعتقاد التقليدي، أن فلسفة الفن للفن أو ما تسمّى الفلسفة البراجماتية، وهذا غير صحيح ولا يمت بالواقع بصلة وهذه النظرية لا تنطبق على التشكيل وحسب بل على أغلب الأدب والفنون في المشهد الثقافي السعودي، وحتى أدرك المراد قبل أن تقفل مساحة الكلمات، فمن منظوري الفلسفي هو كلتا الحالتين أي أن اللوحة التشكيلية لابد من أن تحمل رسالة وتتمتع بمقاييس الجمال كي تنتج - لنا - عملاً فنياً متكاملاً، لا بد أن تختزل فيه رؤى فكرية تحمل في مضمونها هموم الإنسان الذي يعتبر هو الروح لكل مجتمع، ويكون الفنان التشكيلي بذلك أجاد المرحلة الأولى للعمل الفني، وهو أنه أوجد فلسفة فكرية للوحة التشكيلية، وهذا هو التحدي الحقيقي للفنان، ليأتي بعد ذلك بالقيم اللونية والشكلية للعمل الفني ليضع اللمسة الجمالية الأخيرة، من حيث التكنيك والتكوين والإيقاع والتضاد، وما إلى ذلك من مقاييس فنية وأكاديمية ومن هنا يعي المتلقي الإنسان مدى ثقافة هذا الفنان ومبادئه وأخلاقه، ليكون محفزاً له باقتناء لوحة تحاكي قضيته. لشغفي وظمئي المتعطش إلى مفهوم الفن أخذت أبحث عن فهم فلسفة الفن وما مدى استيعابنا له ومدركاتنا لهذا الفن وكيف نراه ببصيرة فكرنا لا ببصرية أعيننا علّني أزداد علمًا لعل كلماتي تكون بمثابة منارات الشطآن التي ترشد البواخر التائهة بين أمواج الحياة المزمجرة. وهنا أتوقف بهاجس السؤال الجدلي الذي أبحث عنه هل يعي التشكيلي أنّ للوحة.. فكر.. ومبدأ أم أنه يراها مجرد شيء يوضع على حائط ليجمل المكان ليس إلاّ..!!؟ [email protected] twitter@jalalAltaleb - فنان تشكيلي