لقد هنأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع -حفظهما الله- الشعب السعودي بكلمة عظيمة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك لعام 1434ه. وقد تضمنت التهنئة رفض المملكة العربية السعودية استغلال المتطرفين للدين بهدف تنفيذ مصالحهم الشخصية ورفض المملكة كذلك الانتماء لأحزاب تقود إلى النزاع والفشل.. إلى آخر ما جاء في الكلمة الضافية التي تؤكد تطبيق المملكة الحرفي لما أنزل الله على رسوله والتي التزم بها حكام هذه البلاد منذ تأسيسها الأول منذ مئات السنين -رحم الله الميت منهم وأطال في عمر الأحياء وأبقاهم ذخراً للإسلام والمسلمين-. لقد تميزت كلمة المليك وولي عهده بالصراحة التي عرفت بها هذه الأسرة الكريمة وأكدت التزامها بشرع الله النافذ على الكبير والصغير لا يستثنى منه أحد. والمملكة بذلك قد تبنت هذا المنهج عن قناعة راسخة وأسست هذه الدولة على تطبيق شرع الله منذ نشأتها ولا يمكن أن تقبل أن يزاود أحد على أحكام الشرع الواضحة التي تركها نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام ناصعة بيضاء لا تحتاج لتحريف أو تأويل بغية تحقيق أهداف شخصية سواء أكانت ذات بعد سياسي أو غير ذلك. ولقد أعجبني مقال صادق كتبه الأستاذ أحمد الجار الله رئيس تحرير جريدة السياسة الكويتية في عددها (16067) الصادر يوم الخميس الثاني من رمضان 1434ه الموافق 11يوليو 2013م والذي عنونه (القيادة السعودية ونداء الحكمة) وقد أبرز فيه الأستاذ الجار الله سياسة المملكة الراسخة في حمل لواء الدين الإسلامي الحنيف والتزام حكام السعودية منذ بدء دولتهم بمبادئ الإسلام بكل مناحي الحياة. وإذ أقدم شكري وتقديري للأخ المخلص والصادق الأستاذ أحمد الجار الله بنشره كلمة الحق فقد أحببت أن أعيد نشرها كاملة بدون زيادة أو نقصان لفائدة قراء الجزيرة الأعزاء. (القيادة السعودية ونداء الحكمة) وحدة صوت الحكمة تغلب عتمة الأفكار التي قادت بعض الأمة إلى دهاليز التفكك والتنادر والصراع تحت ستار الإسلام الذي يتبرأْ كل حرف من القرآن الكريم منها.. وحدها كلمة الحق التي صدح بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تعبر عن الإسلام الصحيح دين المحبة والصفح والتسامح ورسالة البناء والسلام. جاءت هذه الكلمة لتنزع عن جماعات وأحزاب التأسلم أقنعة التدليس وتصوير ذاتها للرأي العام أنها تسعى إلى إحقاق الإسلام، فيما الله سخر له أناساً قال فيهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.. نعم، إن الله عز وجل جعل خوارج العصر وقود تلك النار فمن خرج عن التعاليم الحقة رمى نفسه في ضلال مبين وجحيم.. خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين رسما في رسالتهما إلى الأمة صورة الإسلام الصحيح، ووضعا الجميع أمام مسؤوليتهم التاريخية ليس في التعبير عن حقيقة الانتماء فقط، إنما مسؤولية العمل بالمفاهيم الإنسانية لدين محمد -صلى الله عليه وسلم- المنزه عن كل التيارات السياسية التي تحاول ردنا إلى الجاهلية الأولى، حيث يكون الدين إلهاً من تمر، إذا فرضت علينا مصالحنا أكلناه، وحيث استحلت تلك القوى الدم الحرام في الأشهر الحرام، وأشاعت الخراب في أرجاء هذا العالم، وأظهرت المسلمين على غير صورتهم الحقيقية. منذ بداية القرن الماضي رأينا جماعات وأحزاباً تتناسل من رحم مجهول ترتدي عباءات دينية وعملت حثيثاً على أن تزرع في هذه الأمة بذور فتن ونزاعات مرة تحت راية (إخوانية) متأمرة، وفي أخرى «قاعدة» لغتها القتل والتفجير, وفي الثالثة راية صفراء كوجوه أصحابها جاعلة نفسها «حزب الله» بريء منها, وكلها تلتقي في هدف واحد تخريب الأمة والتفرقة بينها والاستحواذ على الحكم في الدول العربية, ومن خالفها سياسياً كفرته, بل إنها فصلت إسلاماً على مقاس أشخاصها ومصالحهم, فيما جعلت من ساكني الجحور والدهاليز والسراديب قادة الأمة يأمرون بالمنكر, فيقتلون ويخربون ولا يعملون بما أنزل الله على رسوله وأنبيائه, أي العمل بالكلمة الصالحة والقول اللين، كما أمر موسى (عليه السلام) {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أوْ يَخْشَى}، إذ لم يأمره بذبحه وتفخيخه أو رميه من شاهق.. طوال تلك العقود كان صوت الحكمة يحذر مما تريد أخذنا إليه قوى الشر المتأسلمة التي حين هيمنت على الحكم في بعض الدول العربية والإسلامية رأيناها تحكم بغير ما أنزل الله, بل تفصل إسلاماً غريباً عن جميع المسلمين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم, إسلام دموي, إقصائي. {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}, هذا هو نهج المملكة العربية السعودية وقيادتها الرشيدة منذ القدم, وحين تعلن قيادتها أنها «لن تسمح أبداً بأن يستغل الدين لباسا يتوارى خلفه المتطرفون والعابثون والطامحون إلى مصالحهم الخاصة» فهي بذلك تدافع عن بيضة الإسلام, فالبلد الذي شرفه الله عز وجل بالحرمين الشريفين تمارس قيادته دورها التوجيهي ليس في الداخل فقط, بل في العالم الإسلامي لأنها تنظر إلى المسلمين كافة نظرة واحدة. لقد سخر الله سبحانه وتعالى الملك عبدالله بن عبدالعزيز ليكون مرشد هذه الأمة إلى الصواب, وآزره في ذلك ولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز, إذ ليس غريباً على أرض القرآن أن تنجب للأمة من لا يشغلهم عن دينهم ومصلحة وطنهم وأمتهم شاغل.