رأينا جميعاً أمثلة عن شركات محلّقة تصطدم فجأة بعرض الحائط، فيتباطأ نموّها، وتتراجع أسعار أسهمها، ويسود التوتر في أوساط مساهميها. وفي بعض الحالات، كما حصل مع «بروكتر أند غامبل»، يعيد مجلس الإدارة إلى الواجهة رئيساً تنفيذياً سابقاً يفتَرض أنه قادر على إعادة الشركة إلى مجدها السابق. وفي بعض الحالات، وكما في شركة «سيسكو»، يحبس أعضاء مجلس الإدارة أنفاسهم، على أمل أن تتبدّل الأمور. غير أن الواقع يفيد بأنه لا مفرّ من تسجيل تباطؤ بصورة دورية. ولا يعني ذلك أن الإدارة عاجزة عن التصرّف بأي طريقة، للتخفيف من حدّة التراجع أو عكس مفعوله بسرعة أكبر. إلا أن التصرف يتطلب فهماً للقوى الثلاث التي تعيد الشركات المحلّقة في الأعالي إلى أرض الواقع. ويكمن أولها في قانون الأرقام الكبيرة. فمع ازدياد حجم الشركة، تبدأ كل نسبة مئوية من العائدات المتراكمة فجأة بتمثيل رقم أكبر بكثير. ومع نمو القاعدة، يتزايد أيضاً حجم الأعمال الضرورية لتحقيق فارق فعلي في الأرباح، ما يزيد من حجم الضغوط الممارَسة على المبيعات لإيجاد أسواق وفئات جديدة. وقد يتسبّب نضوج السوق بدوره بنمو إحدى الشركات. ومع الوقت، تتبع الأسواق أنماطاً أكثر قابلية للتوقع، مع اكتساب المشترين وفاء لعلامات تجارية محددة. وفي نهاية المطاف، يصبح السوق أكثر اكتظاظاً، وتميل الأسعار إلى الاستقرار، ما يقلص قدرة الشركة على النمو في ظل ازدياد الأسعار. أما السبب الثالث لتباطؤ النمو، فيكمن في الوقاية الذاتية على الصعيد النفسي. ومع ازدياد حجم الشركة، تتزايد الضغوط التي تحثّ على حفظ الأعمال الأساسية، وتظهر رغبة أقل بالقضاء عليها داخلياً، من خلال عروض مبتكَرة جديدة. ويُذكر أنّ هذه القوى الطبيعية متى جُمِعَت، تؤدّي بصورة شبه دائمة في إبطاء النمو. ويكمن التحدي في ما ينبغي فعله إزاء ذلك. وفي ما يلي اقتراحان يمكن أن ينظر المدراء فيهما: - راجعوا نموذج أعمالكم بانتظام: في نهاية المطاف، تصل معظم نماذج الأعمال إلى حائط مسدود، فيصبح من الضروري إما التخلّي عنها إما إحياؤها. وبالتالي، راجعوا بصورة دورية ما تفعلونه، وكيف تفعلونه – واسألوا أنفسكم إن كان لا يزال منطقياً. وهل بإمكان شخص آخر توفير هذا المنتج أو هذه الخدمة بطريقة مختلفة؟ - فكّروا في تقليص أعمالكم بغية توسعتها: اسألوا أنفسكم حول احتمال ألا يدرّ البعض من منتجاتكم وخدماتكم عائدات كافية، أو حول ما إذا كان يفضَّل استغناؤكم عن بعض عملائكم. وهي أسئلة صعبة، غالباً ما تؤدي إلى انفعالات قوية. ولكن التصرّف بشأنها قد يحرر شركتكم لتركّزوا على فرص جديدة، بغية تحقيق المزيد من النمو على المدى الطويل. (رون أشكيناس شريك إداري في «شافر كونسلتينغ» Schaffer Consulting، وهو يتبوأ حالياً منصباً تنفيذياً داخلياً في كلية «هاس» للأعمال في جامعة كاليفورنيا في بيركلي. ويحمل كتابه الأخير عنوان: «فعال وحسب» Simply Effective).