منذ أكثر من نصف قرن تُعتبر إدارة التغيير مادة معترفاً بها، ولكن على الرغم من الاستثمارات الضخمة التي أقدمت عليها الشركات في الأدوات والتدريب لا تزال معظم الدراسات تُظهر نسبة فشل تتراوح بين 60 و70 في المئة في مشاريع التغيير المؤسسي، مع بقاء هذه الإحصاءات على حالها طوال عقود. وبالنظر إلى هذا الدليل، هل يعقل أن يكون ما نعرفه عن إدارة التغيير خاطئاً تماماً، وأن يكون ما نحتاج إليه هو العودة إلى مرحلة التخطيط؟ هل نتخلّى عن كل ما نعرفه بشأن الالتزام، والتواصل، والمكاسب الصغيرة، وبناء حالة أعمال وكل العناصر الأخرى ضمن إطار إدارة التغيير؟ قبل أن ننتقل إلى أي استنتاج جذري دعوني أقترح تفسيراً لفشلنا: إن مضمون إدارة التغيير صائب إلى حد منطقي، ولكن القدرة الإدارية على تنفيذه تفتقر إلى التطوير إلى حد مؤلم. والواقع أنه بدلاً من العمل على تعزيز قدرات المديرين التنفيذيين على إدارة التغيير سمحنا لهم باستقدام الخبرات من الخارج في مجال إدارة التغيير، وتعهيد خبراء ومستشارين، وهي مقاربة قلما تتكلّل بالنجاح. في حال كانت مؤسستك تعاني لتطبيق التغيير فعليك أن تطرح على نفسك الأسئلة الثلاثة الآتية: 1. هل يجمعنا إطار عمل، وتربطنا لغة ومجموعة أدوات مشتركة لإدارة تغيير ملحوظ؟ تكثر الخيارات التي يمكن الانتقاء منها، بما يشمل عدداً كبيراً من العناصر المكونة ذاتها، مع أنّه يتم شرحها وتحليلها بطريقة مختلفة. ويكمن الأساس في الحصول على مجموعة مشتركة من التعريفات والمقاربات والقوائم المرجعية المشتركة التي عهدها الجميع. 2. إلى أي مدى تندمج خطط التغيير التي وضعناها مع خطط مشاريعنا عموماً؟ يكمن التحدي في جعل إدارة التغيير جزءاً وقسماً من خطة الأعمال، أكثر من كونها إضافة تخضع لإدارة مستقلة. 3. من هو الطرف الذي يحاسَب على إدارة التغيير الفعّالة في مؤسستنا، هل هم المديرون أم «الخبراء» (بغضّ النظر عمّا إذا كانوا منتمين إلى مجموعات من فريق العمل أو قادمين من خارج الشركة)؟ إن لم تتم مساءلة المديرين لضمان حصول تغيير منهجي وحثيث، مع مجازاة أو معاقبة بعض أنواع السلوك، لن ينجحوا في تطوير مهاراتهم. يوافق الجميع على أن إدارة التغيير مهمّة، إلا أن إنجازها بطريقة فعّالة يتطلّب مهارات ضمنيّة لدى المديرين، وليس صفة يمكن نقلها إلى الآخرين. (رون أشكيناس شريك إداري في «شافر كونسلتينغ» Schaffer Consulting، وهو يتبوأ حالياً منصباً تنفيذياً داخلياً في كلية «هاس» للأعمال في جامعة كاليفورنيا في بيركلي. ويحمل كتابه الأخير عنوان: «فعال وحسب» Simply Effective).