عمدت مؤخراً إلى التعليم في سياق حلقة عمل تناولت موضوع التواصل خلال الأزمات في إحدى كليات الأعمال الرائدة. بعد ذلك، جاءت إليّ مسؤولة تنفيذيّة في منتصف مسيرتها المهنية، وطرحت عليّ سؤالاً حول موضوع بالغ الحساسية، هو خوفها من التعرّض لانتقادات العموم في حال بدأت تنشط عبر وسائل التوصل الاجتماعي. وهي كانت من أهل الاختصاص الناجحين، وقد أدارت شركة استشارات بيئية طوال ستّ سنوات، وكانت تعرف أنه من الضروري أن يكون لها بعض الحضور على الشبكة العنكبوتية، حفاظاً على مصداقيتها. وصرّحت قائلة: «من الضروري وجود المرء على الشبكة ليتمكن الناس من العثور عليه، لأنّ الغياب التام عنها سيكون سيئاً». ومع ذلك، بقي الخوف من العار يشلّ تحرّكاتها. يتردد بعض أهالي الاختصاص حيال خوض غمار وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب الوقت الذي يتطلبه ذلك، أو السياسات المعترضة على ذلك في الشركة، أو بكل بساطة بسبب شعور بأن الأعمال تسير على نحو جيّد لا يجعل الأمر ضرورياً. إلا أن كثيرين منهم يخشون بصدق أن يُنظَر إليهم على أنهم يودّون لفت الأنظار وبات الوقت مناسباً لإعادتهم إلى المكان الذي يستحقونه. وصحيح أن الشبكة العنكبوتية في تسعينيات القرن العشرين كانت تذكّر بالبراري الغربية الأميركية التي تملؤها الحروب الغاضبة. ومع ارتفاع مستويات استخدام الإنترنت لغايات مهنية، قلّت الانفعالات الحادة إلى حدّ كبير، لا سيّما إن كنت تكتب بذكاء عن مهنتك، بدلاً من التطرّق إلى إحدى المسائل السياسية الحامية. فضلاً عن ذلك، من المستبعد أن تتابع حشود من الناس ما تكتبه بشغف. والواقع هو أنّه في الأيام الأولى من استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي، قد تشعر بالكثير من الوحدة. فهل هناك من يهتم؟ هل أبذل جهوداً مفرطة على ذلك؟ هل هي مضيعة تامة للوقت؟ أوصي القادة المتوترين بالانطلاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال تسليط الضوء على الآخرين. وبإمكانهم إجراء مقابلات مع مفكّرين يكنّون لهم الإعجاب، أو الكتابة عن إنجازات قطاع عملهم. وقد شجّعتُ المستشارة البيئية على إنشاء نشرة صوتية لبث حوارات مع زملاء موهوبين، مع العلم أن رعاية الآخرين، بدلاً من الاكتفاء بالابتكار، قد توثّق روابطك بالقادة الآخرين في مجال عملك. والجدير ذكره أنه وسائل التواصل الاجتماعي تعتري أهمية متزايدة، بغض النظر عمّا إذا كان ذلك يعجبك أم لا. واليوم، يشير عدم توافر معلومات كثيرة تمثّلك أو غيابها إلى أنّك بعيد عن الواقع: «هل تملك حتّى صفحة على موقع «لنكد إن»؟ وقد تبدو عديم الشأن: «ماذا؟ ألم تقم يوماً بأي عمل هام تكتب عنه؟». وحتى أن الأمر قد يثير الشكوك: «لماذا يتعذر إيجاد أي دليل يثبت أنها عملت يوماً في ذلك المكان؟». وقد يصعب التأقلم مع واقع مكان العمل الجديد، ولكن إن اعتبرته فرصة لتعزيز منطقك والتركيز على أفكار ذات مغذى، قد يتعلّم حتى الناس الأكثر حذراً كيف يحبّون وسائل التواصل الاجتماعي. - (دوري كلارك مستشارة في مجال الإستراتيجيات، عملت بالتعاون مع عملاء أمثال «غوغل»، وجامعة «ييل»، و»ناشونال بارك سرفيس»، وهي مؤلفة كتاب سيصدر قريباً بعنوان «إعادة ابتكار ذاتك: حدّد علامتك التجارية وتصوّر مستقبلك» Reinventing You: Define Your Brand, Imagine Your Future)