يقال إنّ الوفاء من شيم الكرام والغدر من صفات اللئام، والوفاء بمفهومه البسيط هو صفه جميله وخلق كريم ينبغي على أيّ فرد أن يتحلّى به، وأيضاً هو الإخلاص الذي لا غدر فيه ولا خيانة، وهو العطاء اللامحدود ودون انتظار مقابل. والوفاء الحقيقي لا يأتي إلاّ من نفوس راقية وقلوب طاهرة بيضاء تقبع خلفها نوايا صافية مملوءة بالحب، ولنا في حبيبنا الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قدوة حسنة وأنموذج يحتذى به، وما وُجد على الأرض أنقى سيرة وسريرة وأوفى بوعد وعهد منه عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم، فمن وفائه لزوجاته أن جعل الميزان الذي وزن به خيرية المرء لأهله حسن معاملته لهم، قال صلي الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي». رواه الترمذي، ومن وفاء الرسول الذي وصل للحجارة الصمّاء، فقال عن جبل أحد: «هذا أحد يحبنا ونحبه» رواه البخاري، ولم يغدر الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بأحد قط، بل حافظ على وفائه وعهوده مع جميع من تحدث أو تعامل معهم كما أنه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، كان يحث الصحابة رضوان الله عليهم على تنفيذ وعودهم والوفاء بهم. قيمه الوفاء في أي مجتمع لا تقدّر بثمن فلا تقوم حياة الشعب إلاّ على العلاقات المتبادلة التي تتنوّع لتشمل العلاقات المادية والاجتماعية والفكرية، والأمر الوحيد الذي يضمن استمرار بقاء هذه العلاقات بصورة حسنة هو خلق الوفاء، ولقد طالعتنا إحدى الصحف قبل عدة أيام بخبر جميل يؤكد لنا أنّ هذا الخلق الرفيع لم يندثر في عصرنا الحاضر بل مازال موجودا ولم ينته بانتهاء زمن معيّن، وأيضاً لم ولن ينحصر هذا الخلق الكريم على مجتمع بعينه أو ثقافة معيّنه دون غيرها، وهو خبر المعلمة الكندية التي حضرت حفل زفاف شاب سعودي في إحدى قرى محافظه صبيا بمنطقه جازان ملبية دعوة وجّهها لها الشاب الذي كان أحد طلاّبها إبان فترة ابتعاثه في كندا، وأيضاً لم تكتف بالحضور بل شاركتهم عاداتهم وتقاليدهم الخاصة بأفراح أهل الجنوب وزيّنت رأسها بالفل والكادي وزيّنت يديها بنقوش الحناء.. وبحضورها قدمت لنا بادرة وفاء رائعة وكبيرة من نوعها وبين بلدين السعودية وكندا، وهذا امتداد لأواصر العلاقات التاريخية والثقافية والاقتصادية بين البلدين مقولة: يقال إنّ الوفاء أسطورة حكاها شيخ عجوز لأحفاده ذات ليلة.. حتى غلبهم النوم.. فوعدهم بإكمالها غداً فأخذه الموت قبل إكمالها فلم يفهموا ماهو الوفاء ولم يعملوا به فقط حفظوا اسمه.. دمتم بود. [email protected]