كنت قد وعدت بالحديث عن المحاضرة التي جمعتني مع الزميل المصوّر الضوئي الإماراتي جاسم العوضي في ملتقى «ألوان السعوديَّة» الذي نَظَّمته الهيئة العامَّة للسياحة والآثار، حول تذوق العمل الفني، التي تمحورت حول مفهومنا لفن التصوير وكونه امتدادًا للتصوير التشكيلي بِشَكلٍّ معينٍ، وجزءًا من الفنون البصرية بِشَكلٍّ عامٍ. والحديث عن تجربة العوضي من خلال ما عرضه تستحق التسجيل والحديث عنها لثلاثة أسباب: الأول هي أنهَّا تجربة فنان متخصص من بلد شقيق مجاور ومن بيئة مشابهة لبيئتنا، أما السبب الثاني فهو أن تجربته نموذجٌ لنجاح الفنان في الثبات على الهوية من خلال عمله الفني، بحيث تعكس أعماله مرجعيه للمتذوق يستطيع من خلالها التَّعرف على الهوية أو الثَّقافة التي يأتي منها مُنتِج العمل الفني. أما السبب الثالث، الذي ركزت عليه في محاضرتي أيْضًا فهو في وصف مُنتج العوضي، حيث يطرحه على أنّه جزءٌ من الفنون البصرية أو الفنون المعاصرة، لا تابع لمجال التصوير الضوئي كمجال منفصل كما يعتقد البعض، بل قدّم نفسه وقدّم الأعمال الأخرى التي شرح كيفية تذوقها من خلال مظلة الفنون البصرية - المعاصرة. وأعود لمفهوم الهوية الذي طرحه العوضي، فهو يؤكِّد على أهمية ربط المنجز الإبداعي بثقافة المبدع، وهو من الأمور التي لا تظهر بِشَكلٍّ جليٍّ لدى فئة غير قليلة ممن يتناول مظاهرنا الاستهلاكيَّة في أعمالهم الفنيَّة، أو ممن يلتقطون الصورة «الجميلة» حين يرونها دون أن يكون للصورة عمقٌ فكريٌّ تجعل منها «عملاً إبداعيًا»، وهو هنا يحاول أن يوضح أهمية دور الفنان - المصوّر في العملية الإبداعية بدلاً من أن يتوارى دوره خلف التقنيَّة العالية في آلة التصوير أو العدسات أو ملحقات التصوير المختلفة. إن التحضير الجيد للصورة من دراسة الموضوع والفكرة والمخرج النهائي، إضافة إلى تصور الفنان لتأثير هذا العمل، بغض النَّظر عن جودة الأدوات المستخدمة - وإن كانت عاملاً مساعدًا- إلا أن ما يهم في نهاية الأمر هو الأثر الفكري الذي ينطبع على المتذوق حالما تقع عيناه على تلك الصورة، لأنّها (وأكرر) عمل إبداعي ثقافي لا مُجرَّد صورة جميلة. [email protected] twitter @Maha_alSenan **** Maha Alsenan Ph,D - أكاديمية وفنانة تشكيلية