يخطئ من يعتقد أن الفنون البصرية بمفهومها المعاصر هي ممارسات حرفية خالية من الفكر، بل إنها هي الصورة التي تعكس نتاج الفكر السائد بلغة مفهومة عالميا، والفكر بطبيعة الحال يشمل كل الجوانب التي تشكل هذا الإنسان الممارس. ومن هذا المنطلق، ومع الانفتاح على تنوع فكري وثقافي، بل ومع ما يمكن أن نصفه بمحاولات التصنيف ووسم الأشخاص تبعا لتيارات معينة بحسب فكرهم المطروح في كتاباتهم أو أطروحاتهم بشكل عام، لا بد وأن نرى ظلا لهذا الصراع التياري والفكري في الفنون البصرية. من جانب آخر وبعيدا عن تصنيفنا المحلي لمفهوم الليبرالية (من حيث إنه انحلال عن الدين كما يدعي البعض)، ومن خلال استخدام المصطلح بمفهومه الواسع أو الغربي المرتبط بحرية الفكر ونبذ التقليدية وعبودية الفكر البشري، على ألا يتعارض مع الأخلاقيات والقيم العامة للمجتمع، من هذا المنطلق يمكن أن نقول :إن أنجح أعمال الفنون البصرية في حراكنا الثقافي هي تلك التي تتخذ منهجا ليبراليا في الموضوع وشكل وأسلوب المنتج، وهذا الانفتاح في ممارسة الفنون في الغرب من خلال نبذ القيود في مجال ممارسة الفنون ليس وليد هذا العصر، وإن تفجر فكريا في منتصف القرن الميلادي الماضي تقريبا، إلا أن بداياته كانت منذ القرن الرابع عشر أو بدايات عصر النهضة، ولكن النمو في هذا الاتجاه كان بطيئاً حتى فترة ما بعد عصر الثورة الفرنسية، حيث بدأ يتسارع في مجالات الفنون تبعا لتسارع الحرية الفكرية بشكل عام، فأصبح الفنان يُبدع من خلال نبذ التقليدية ومن خلال محاولة كسر القوانين والبحث عن الجديد والمبتكر يوما بعد يوم، فتدرجنا من التأثيرية للتكعيبة للتجريدية والسريالية والفن المفاهيمي... إلخ، لنسمع عن فكر فلسفي وخامة، بل وأبعاد جديدة في الفنون البصرية جعلت مصطلح «فنون تشكيلية» أو «فنون جميلة» قاصرا في وصف ممارسات اليوم الإبداعية. وعودة إلى ممارستنا المحلية في مجال الفنون البصرية نستطيع تتبع فكر الفنان سواء أكان فكرا تقليديا أو ناسخا أو محافظا أو منفتحا، أو (حرا)، أو ما يمكن أن نطلق عليه (ليبراليا) من خلال أعماله الفنية، فهل يمكن تصنيف أعمال الفنانين السعوديين وفق هذا المنهج لكن دون أن يصحبه تخوين أو تكفير؟ [email protected] twitter @Maha_alSenan **** Maha Alsenan Ph,D