قبل حوالي 3 أعوام كنت في زيارة للصين، وكان معنا مترجم صيني مسلم، يتساءل منزعجاً عن سبب ربط الصينيين بقوم «يأجوج ومأجوج»؟ الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن الكريم في سورتي الأنبياء والكهف، وارتبط خروجهم بخراب الدنيا وقرب قيام الساعة. تذكرت تلك الحادثة وأنا أتابع قبل أيام تقرير عن مقطع فيديو لشباب سعوديين تعدى عدد مشاهديه 4 ملايين، وهذا المقطع عبارة عن مستنسخ سعودي ل (فيديو كليب) لمؤدي كوري اسمه (ساي) (PSY) لأغنية وأداء أطلق عليه (أسلوب قانقنام) (Gangnam style) بلغت نسبة مشاهدات المقطع الخاص به على يوتوب التي تكاد تصل إلى المليار، وهو رقم عالمي لم يصل إليه أي فيديو آخر في العالم في مثل هذه المدة القصيرة التي مكتنة من الحصول على رقم قياسي في سجلات غينيس، ولكن مما يثير الاستغراب فعلا أنها أغنية مؤداة باللغة الكورية، يرددها العالم دون أن يفهم كلماتها! وجيل الشباب كما يهيم بالمسلسلات التركية المدبلجة، فهو بالمثل مع تلك الكورية التي امتلأت بها قنوات اليوتوب ومواقع نشر ملفات الفيديو، والذي تقوم فيه بعض المواقع بترجمة أو دبلجة تلك المسلسلات بعيدا عن الإعلام الرسمي بسبب تلك الأعداد الكثيرة من متابعي هذا النوع من الدراما لدينا في العالم العربي على أقل تقدير. أما في مجال الفنون البصرية شغل الصيني آي ويوي (Ai Weiwei) الناس والإعلام بسبب طرحه الفني كأحد أهم منتقدي النظام الصيني السياسي في انتهاكه لحقوق الإنسان والذي سُجن إثره شهرين من قبل السلطات الصينية عام 2011، وحصل بعدها على العديد من الجوائز العالمية والدكتوراه الفخرية من قبل العديد من المؤسسات. بل يعد ويوي أحد أهم الفنانين والأكثر شهرة لا في الصين فحسب في وقتنا المعاصر، بل على مستوى شرق آسيا والعالم في وقت أضحى الفن الشرق الآسيوي متسيد ومتصدر مبيعات المزادات الفنية والأكثر حضورا في المهرجانات الفنية، ووصل إلى ما وصل إليه في غضون سنوات قليلة. أخيرا لست بصدد تأكيد أو نفي ارتباط يأجوج ومأجوج بالتُرك أو أهل الصين أو غيرهم مما تتداوله المصادر، ولكن لا يمكن أن ننكر هذا «الغزو» الثقافي المتجه من الشرق، يدعمه موقف اقتصادي متين، وعلاقة قوية لتلك الثقافة بجذورها مكنتها أن تتميز في وقت بدأت حقبة الثقافة «الغربية» بالتواري أمامها. [email protected] twitter @Maha_alSenan **** Maha Alsenan Ph,D - أكاديمية وفنانة تشكيلية