محافظة الزلفي من المحافظات التابعة لمنطقة الرياض، تقع على مسافة (250 كم) تقريباً من ناحية الشمال، وهي عبارة عن سهل ممتد بين جبل طويق من سلسلة جبال طويق المعروفة جغرافياً (شرقاً) ونفود الثويرات غرباً، قال الشاعر عبدالله الدويش يرحمه الله: (أظن ما يحتاج ناصف لك الدار ما قف طويق حي هاك الديارا) (شرقيها ضلع كما المزن ظهار وغربيها من نايفات الزبارا) وهذه المدينة ليس بالوسع جهلها، على الأقل لارتباطها التاريخي المعاصر بموقعة) السبلة (ذات الموقعة الشهيرة، وهذه (السبلة) لمن لا يعرفها هي روضة، يصب فيها وادي مرخ الشهير، الذي قال فيه الحطيئة: (ماذا تقول بأفراخ بذي مرخ زغب الحواصل لا ماء ولا شجر) وهو الاسم الذي كان يحمله نادي مرخ بالزلفي ثم غيّره -الله لا يغير علينا- محبوه إلى نادي الزلفي، في خطوة غير محسوبة من وجهة نظري، كما قلت في هذا الشأن في مقال سابق في هذه الجريدة بعنوان (بين مرخ... والزلفي) ما علينا، روضة السبلة الزلفاوية، تصبح أيام الربيع غير، تلبس ثوبها الزاهي المزركش، متنزه لأهالي الزلفي وغيرها من القادمين والقاصدين، يستفيد منها الأهالي في زراعتها بالقمح وهو ما يعرف (بالبعل) مما يعني أن خيراتها ضافية على الأهالي بفضل الله، وكان والدي رحمه الله يستمتع بالزراعة فيها وقت الموسم، ولا غرو أن كان -رحمه الله- من أولئك النفر، المحافظين على هذه الروضة من الأيدي العابثة، ولعلّ هذه الروضة البهية الزاهية بورودها وأزهارها الأخّاذة، من معالم مدينتي الزلفي المشهورة، تصبح واحة غناء، جراء سيلان وادي مرخ الشهير فيها، الذي ينتهي إلى بحيرة الكسر في السبلة، ليس من هدف هذه المقالة اجترار الماضي التليد لهذه المدينة الفاتنة، غير أن لكل شيء سبباً. جمعتني الصدفة بزميلين ارتبطت معهما (كروياً) عبر نادي طويق بعلقة بالزلفي قبل ما يربو على الثلاثين عاماً وتفرقت بنا السبل بحكم ظروف الحياة، الزميلان هما الوجيه (علي الغانم) الغيور على الديرة والنادي ولا يزال حبهما يجري في عروقه والزميل الآخر هو اللاعب وقتها معي في الفريق (حيدان الحيدان) أيضاً ما علينا، انتقدني الأخ علي الغانم على طريقة المزح المنتهي بالرزح في قوله، لماذا لا تكتب عن الزلفي؟ قلت له إذاً أنت غير متابع لمقالاتي، ربما أكون أكثر ممن كتب في هذه الجريدة بالذات عن ديرتي حتى واجهتُ نقداً من الغالبية غير الزلفاوية بقولهم إني كلما كتبت مقالة أقحمت الزلفي فيها بطريقة اللتي واللتية، ولكن نزولاً عند رغبة صاحبي ورفيق دربي (الرياضي) الذي أجد منه دائماً محبة وأنساً، وددت الكتابة في موضوع، طالما حدثتني نفسي الكتابة عنه، لكن الظروف لم تسمح، حتى هزني الشوق له، الزلفي اليوم ليست كالزلفي بالأمس من حيث النهضة العمرانية والاهتمام بمظهرها الخارجي، يصدق عليها القول (الزلفي غير) على نسق مقولة (جدة غير) غير أن الأخيرة لا أسلم لها هذا، وقد كتبت عنها مقالاً في هذه الجريدة بعنوان (جدة تصرخ إني أغرق) أبرز ما يلفت الانتباه في الزلفي عزيمة الرجال فيها وتحويلها من أرض صحراوية إلى أرض خضراء وتطويع طبيعة ضفتيها الجبلية والرملية، خدمة لأهاليها ولزوارهاامتداد سلسلة جبال طويق كما قلت تحفها من جهة الشرق والنفود من جهة الغرب، ولقد رأى المخلصون في بلدية الزلفي استثمار هذين الموقعين المرتفعين الاستثمار الأمثل، فأنشأت البلدية مطلّين بارزين مطلّ من جهة الشرق، ومطلّ من جهة الغرب وهما ما يعرفان، بالمطلّ الغربي والمطلّ الشرقي، باتا متنزهين جميلين كبيرين للأهالي، غلبت عليهما، لا سيما المطل الغربي المساحات الشاسعة والخضراء تحفها الأشجار من الجوانب، تفنّنت البلدية بتصميمهما التصميم الهندسي الجميل، حتى أصبحا مقصداً للعوائل والشباب، هذا العمل الجبار يجير للمخلصين أياً كان موقعهم وكل بحسبه، يشكرون عليه بحرارة، والزائر لمدينة الزلفي يلفت نظره كثرة المساحات الخضراء على جانبي الطرق السريعة وكثرة الحدائق والاهتمام بها ووجود الدوارات المرورية تعلوها الأشكال الجمالية والتراثية الراقية، هكذا تحولت مدينة الزلفي، بعزيمة الرجال إلى مدينة عصرية ذكية، ساعدها على ذلك طبيعتها الجغرافية والمناخية وعزيمة الرجال، واهتمام الدولة حرسها الله في إسعاد المواطن في موقعه، الزلفي ليست وحدها التي نالت هذا الحظ، بل جميع مدن المملكة ومحافظاتها وقراها وهجرها طالتها أيادي الخير والعطاء في هذا العهد الزاهر عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله وأدام عزهما، بقي القول، هذه تحية مفعمة بالحب والتقدير للمخلصين من أبناء الزلفي الأوفياء من مسؤولين ورجال أعمال... ودمتم بخير. [email protected]