من القضايا التربوية الملحة، حديث النفس، ومدار الفكر، هي قضيتا «محصلات، وقدرات المتعلمين» مما تقدمه لهم المؤسسة التعليمية في ست عشرة سنة دراسية بهدف معرفة مدى ما يتحقق من تمكين المتعلمين، من الخبرات التي يحتاجونها في الحياة, ومدى مساسها بواقعهم، وارتباطها بثقافته، ومدى احتوائها على ما طرأ في الحياة العامة حولهم من منجزات، وأفكار، وخبرات، ومعلومات، ووسائل تساعدهم على خوض التيارات العملية، والفكرية، والثقافية برصيد كاف..، ودُربة وافية.. في حين أن الملموس، والملاحظ هو الكثير من القصور في المخرجات عامة.. على أنه ليس من عواهن القول: إن المناهج الدراسية بمحتواها، وطرائق التدريس بأنواعها، ليست مسؤولة عن هذا, ذلك لأنها واسطة عقدها، ومركز دائرتها، وسبيل توصيلها، وتنفيذها، وتمكينها.. فإن كانت قاصرة، فثمة قصور آخر يلحق بشكل عام بإمكانية كثير من المعلمين المعرفية، والعلمية بما استجد من وسائل، وطرائق، ومضامين، وأفكار، ومبتكرات من شأنها أن تعنى بكفاءتهم، وبتطوير قدراتهم بأنفسهم، ومعارفهم، ووسائلهم ليسهل عليهم، أن يواكبوا كل الذي طرأ في ساحة المنجز العلمي، والثقافي، والتقني والمعرفي المختص والشامل في مجالاتهم... ومع أن هناك العديد من المتاحات لهم كالدورات، والمؤتمرات، واللقاءات المختصة، والنشرات، وأقنية المعلومات، المتنوعة, والمنتشرة، والمهيأة، قد توفرت وبشكل عام في مؤسسات التعليم، وكليات المعلمين، والكليات التربوية الجامعية، ومراكز التطوير، والجودة.. استفادت منها الكثير من العناصر في مجالها، إلا أن هناك لا تزال الأسئلة عما مكنته هذه المؤسسة التعليمية في المتعلمين من الخبرات المذكورة، وما صقلته من القدرات فيهم بحيث تخرجهم المؤسسة التعليمية فيكونون قادرين على مواجهة، والتفاعل مع واقعهم، ومؤهلين فيه، يتمنكون من خوضه بيسر، وتجاوزه بمهارة، والإضافة إليه بإبداع... ولعل هذا من أرسخ أهداف التعليم ضمن سياسات الدولة, وسياسة التعليم... وبلاريب طموح المعلمين أنفسهم.. فطلابهم هم امتداد لهم بما قدموه إليهم...لا عن طريق التلقين بالإلقاء, بل عن طريق تدريبهم على الأخذ والتفاعل والتفكير والإنتاج. غير أن كثيرا منهم هؤلاء، لا يزالون مهاراتهم هشة، وتحصيلهم ضحلا، وقدراتهم هزيلة، يعجزون عن مواجهة تيار الحياة بكل ما فيه، وبكل ما لا نرتضيه لهم من كل ذلك.. النماذج في كل بيت، والفصول الدراسية تكتظ، ومواقف الحياة خير شاهد، والأمهات والآباء يبذلون من أجل تغطية تكاليف الدراسة، ومواكبة محاصيل اختبارات القدرات, والتحصيل، وإخراج الأبناء من مضائق المواقف التي يعرضون فيها بضاعتهم التي اقتنوها في مؤسساتهم التعليمية، فهي إن زادت عن محو الأمية، فلا تكاد تطفو بغير خشاش..! إن التعليم يحتاج إلى الكثير الكثير، مع أن الجميع يعمل، والجميع يجتهد، والجميع يعود منهكا إلى بيته، لكن كأنهم يزرعون, وأغلب ما يزرعون في يباب.!! أو أقرب من ذلك قاب قوسين وأدنى.. عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855