يبدو أن وزارة الصحة ستضيف إلى مهامها البحث العلمي بدليل إصدارها لائحة للبحث العلمي.. لا أدري هل تختلف نظم البحث العلمي باختلاف القطاع؟.. هل سنجد لائحة البحث العلمي بالجامعات ولائحة البحث العلمي بوزارة البلديات ولائحة البحث العلمي بوزارة الإسكان ولائحة البحث العلمي بهيئة السياحة ولائحة البحث العلمي بوزارة الزراعة؟.. أعان الله مجلس الوزراء على إقرار تلك اللوائح. انسوا السؤال المزعج أعلاه، فالهدف -إن شاء الله- نبيل ويعكس اهتمام وحرص على البحث العلمي في القطاع الصحي، وهو اهتمام لست أستغربه من قبل قيادة الوزارة فمبادرات معالي الوزير واهتمامه بالجوانب الأكاديمية والبحثية برزت قبل مجيئه للوزارة متمثلة في إنشاء مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث، وجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية! لكن يا ترى ما هي التوجهات البحثية وما هي الرؤية لبحوث وزارة الصحة؟. o هل ستكون مشابهة لبحوث مراكزنا البحثية الأخرى ولما يجرى في جامعاتنا من بحوث؟ وحتى أوضح المقصود فإن بحوث مراكزنا البحثية تتوجه نحو هدفين رئيسيين: الأول: تضخيم السير الذاتية للباحثين والأكاديميين، وأخشى أن البيروقراطيين شعروا بصغر حجم سيرهم الذاتية وإنجازاتهم فأرادوا تضخيمها عبر تبني إنشاء مراكز أبحاثهم الخاصة بهم. ولا يمنع استئجار باحثين من الباطن!.. الثاني: النشر العلمي والتفاخر بعدد الأوراق العلمية المنشورة عالمياً، وإن عجزنا فمحلياً عبر مجلات نؤسسها ونمولها لهذا الغرض. o بعض الراجمين بالغيب -هداهم الله- يرون أن الأهداف أبعد من اللائحة، فغداً ستحدد ميزانيات للبحث العلمي بالصحة، ثم يكلف الأطباء بالمهام البحثية كما كلفوا بالأعباء الإدارية، ثم يمنحون بدل بحث علمي. والمؤكد أن الدعم والبدلات سيكون فقط للاستشاريين، كما هم المستأثرين بالدعم لحضور المؤتمرات والندوات والدورات وبدلات التميز والندرة وغيرها. o لا تغضبوا من مزاجي المتشائم هذا اليوم، فأنا أكتب هذا المقال وأنا أشارك بورشة عمل خارجية تعنى بهذا المجال وتزيدني إحباطاً حينما أرى ما يصنعه العالم المتقدم وما نصنعه.. لكنني لا أبعد عن المحلية وأسأل ماذا قدم مركز الأبحاث المحلي التابع للمستشفى الكبير والذي يحاول الجميع تقليده عبر عشرات السنين، سوى نشر أوراق علمية وتضخيم سير الباحثين العجم والعرب قبل السعوديين؟.. ما هي المشكلات الصحية المحلية أو الإقليمية التي قدمت لها حلولاً فاعلة؟.. أعطوني عشر أو خمس مشكلات صحية محلية ساهم المركز فعلياً في حلها خلال أكثر من ثلاثين عاماً من عمره؟. o يجب أن لا تختلط الأمور. وزارة الصحة بحاجة إلى مركز معلومات ودراسات صحية متطور يساعدهم على اتخاذ القرارات التخطيطية والإدارية والصحية بشكل منهجي وعلمي. ربما بدئ ذلك في ما أسموه مركز التميز.. وليست -أي الوزارة- بحاجة إلى تحويل الأطباء المعنيين بالخدمة إلى باحثين.. وزارة الصحة بحاجة إلى تأسيس قواعد بيانات ومعلومات دقيقة، ليستفيد منها الباحثون والمخططون وصناع القرار. o وزارة الصحة معنية بتقديم الخدمة الصحية المتميزة، لكن بعض مسؤوليها لا زالت تحكمهم أفكار أكاديمية فردية حالمة فتجد جهدهم منصباً على إنشاء ورئاسة تحرير مجلة علمية وتنظيم مؤتمر علمي وزيارة وعقد اتفاقات أكاديمية مع جامعات أجنبية ونشر أوراق علمية والانتقال من مؤتمر إلى آخر!. البحوث الإكلينيكية والأساسية والنشر العلمي يعد رفاهية بالنسبة لوزارة تجد صعوبة في تقديم الخدمات الصحية الأساسية المطلوبة منها، بالذات في ظل عدم وضوح التوجهات والرؤى البحثية التي يحتاجها البلد في المجال الصحي. [email protected] لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm