حسنا فعلت مصر أخيراً باتخاذها إجراءات صارمة لفرض سيطرة الأمن على شبه جزيرة سيناء ذات الكثافة السكانية المنخفضة والتي عانت كثيرا من الإهمال وذلك في أعقاب الهجمات التي نفذها مسلحون على نقطة عسكرية بالقرب من الحدود مع قطاع غزة مما أسفر عن مقتل 16 عسكريا مصريا يوم 5 أغسطس الحالي. ولم يتضح حتى الآن الهوية الحقيقية لهؤلاء المسلحين الذين نفذوا الهجمات. وتعتقد القوات الجوية المصرية أنها تعرف المناطق التي يتحصن فيها المسلحون في جبال سيناء وشنت هجمات جوية على هذه المناطق فقتلت وأصابت العشرات بحسب البيانات الرسمية. ومن المقرر أن تستمر هذه العملية العسكرية التي أطلق عليها المصريون اسم «عملية النسر» حتى يتم القضاء على كل المسلحين في سيناء. وهذه هي أول عملية عسكرية كبيرة تنفذها القوات المصرية في سيناء منذ حرب أكتوبر 1973. المعروف أن معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979 تفرض قيودا صارمة على الوجود العسكري المصري في شبه جزيرة سيناء. وقد تدهورت الأوضاع الأمنية في سيناء منذ انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام 2005 ثم ازداد تدهور الأوضاع بعد سقوط الرئيس المصري حسني مبارك في فبراير 2011. والآن من أجل تحقيق التوازن أصبح من مصلحة إسرائيل زيادة الوجود الأمني المصري في سيناء حتى لا تتحول شبه الجزيرة إلى مصدر دائم للتهديدات سواء من خلال تسلل المهاجرين غير الشرعيين إلى إسرائيل أو تسلل المسلحين لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية. ورداً على الهجوم المسلح على النقطة العسكرية في مدينة رفح بسيناء قرر الرئيس المصري المنتخب حديثا محمد مرسي عضو جماعة الإخوان المسلمين إقالة رئيس جهاز المخابرات العامة وتعيين قائم بأعمال مكانه وكذلك إقالة محافظ شمال سيناء. الحقيقة أن مصر تمر بمرحلة انتقالية صعبة. فالعلاقة بين الرئيس مرسي والمجلس الأعلى للقوات المسلحة ما زالت غامضة وربما متوترة. ولكن الأمر المشجع هو أن الجيش المصري رد بصورة قوية على الهجمات المثيرة للغضب في منطقة خطيرة ظلت حتى يومنا هذا خارج نطاق السيطرة الحقيقية للدولة المصرية. افتتاحية (جلوب أند ميل) الكندية