«الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، لا يراه إلا المرضى». تلك مقولة سمعنا بها مذ كنا أطفالا، إلا أن دلالتها لم تتضح لنا إلا بعد معاصرة المرض ومعاناته، ورؤية مرضى السرطان وحاجتهم للدعم والمساندة، فمصابهم كبير، وأعراضه صعبة، وعلاجه ليس باليسير. ومع ذلك، تتحسن حالات كثير من مرضى السرطان عندما يرون مجموعة من الأصحاء الذين تعافوا أو تكيفوا مع مرض السرطان، وهم من يسمون بالمتعافين أو الناجين والناجيات، فإن أولئك المتعافين يبثون روحًا إيجابية ملؤها التفاؤل وإمكانية الشفاء لمرضى السرطان، وتجد بعضهم موفقا بحديثه وأسلوبه في جذب مريض السرطان حديثاً نحو ميدان التفاؤل والرضا بقدر الله عز وجل، والتوكل عليه سبحانه بغية الشفاء بإذن الله، إذ يتبين له من خلال أولئك العاملين في العمل الخيري وتوعية المرضى وزيارتهم أن إمكانية الشفاء من المرض واردة، وأن عمره قد يمتد بفضل الله سنوات بل وعقوداً أحيانًا، وهذا خلاف ما يشاع أو ما يظنه بعض المرضى عندما يخبره الطبيب أول مرة بإصابته بهذا المرض، عافانا الله وإياكم منه. إن الدور الذي يؤديه المتعافون والناجيات في البرنامج العلاجي لمريض السرطان ليس باليسير، فهم يعرِّفون المريض بإمكانية الشفاء، وكيفية التعامل مع البرنامج العلاجي بختلف أنواعه: جراحي، إشعاعي، كيماوي. كما أنهم يمنحون المريض بعضًا من خبرتهم مع المرض، من حيث كيفية التعامل مع الأعراض المصاحبة والأقارب وتجنب العدوى، وإمكانية الجمع بين الاستشفاء بالقرآن الكريم والأدوية الطبية، ويساعدون المريض على تحمل الصدمة، واختيار الوسيلة المثلى لتأمين وضع أبنائه وزوجته إن كان يعيلهم، أو كيفية التعامل مع الطفل المريض. ولأجل أهمية ذلك الدور يحتفي العالم كل عام باليوم العالمي للمتعافين الذي اختير له اليوم السادس من الشهر السادس الميلادي (يونيو)، ومما يسر أن بادرت الجمعية السعودية الخيرية لمكافحة السرطان بتنظيم فعاليات للتذكير بهذه الفئة منذ سنوات، وسرني كثيراً استمرارها وتنقلها بين المستشفيات ما بين مدينة الملك فهد الطبية ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومستشفى القوات المسلحة، وكلها في الرياض، مؤملا عقد مثل هذه الفعاليات في مختلف مناطق المملكة. ولعل الاحتفاء بهذا اليوم يحرِّك مشاعر أولئك المتعافين من المرض الذين يبتعدون عن الأضواء، ولا يريدون تذكر هذه التجربة المريرة في نظرهم، غير أنه لا بد من تذكيرهم أن الله عز وجل أنعم الله عليهم بالشفاء لإيمانهم وحسن ظنهم به، فارتفعت معنوياتهم، وقاوموا المرض حتى تغلبوا بفضل من الله عليه، فمن واجب شكر النعمة مساندة من يصيبهم المرض بعدهم، وهم للأسف في ازدياد، ولا يمكن لأي جهة أن توفر مثل هذا الدعم والمساندة عن طريق الوسائل الإعلامية الجمعية، بل لا بد من التواصل الفردي، ومراعاة المشاعر المتقلبة للمريض. أسأل الله عز وجل أن ينفع بالجهود، وأن يوفق العاملين والمتعاملين مع مرضى السرطان وغيره من الأدواء إلى ما يحبه ويرضاه. - الأمين العام للجمعية السعودية الخيرية لمكافحة السرطان