في هذا المقال يتحدث الدكتور عبدالله الفواز الأستاذ المساعد في قسم طب وجراحة العيون بجامعة الملك سعود والحاصل على البورد السعودي والبورد البريطاني وحاصل على التخصص الدقيق في جراحات القرنية وتصحيح النظر والتخصص الدقيق في التهابات العين المناعية من جامعة كاليفورنيا في لوس انجلوس وذلك عن تقنية عمليات تصحيح النظر. إن التطورات السريعة في مجال عمليات تصحيح النظر أدت إلى نتائج أفضل ومضاعفات أقل مما أتاح الفرصة أمام الكثير من المرضى للتخلص من الطرق التقليدية في تصحيح النظر (النظارة والعدسات اللاصقة)، فلقد أثبتت هذه العمليات كفاءة عالية في تصحيح أنواع ودرجات مختلفة من العيوب الانكسارية في النظر، إلا أنه ومع ذلك التطور الكبير تبقى هناك بعض المضاعفات والمشاكل التي تجدر الإشارة إليها وتتطلب إيضاحها للمرضى لكي يجني المريض أفضل النتائج من هذه العمليات. مبدئياً يمكن تقسيم عمليات تصحيح النظر باستخدام تقنية الليزر إلى علاج سطحي (وتشمل عمليات الليزر PRK؛ اللاسيك LASEK) وعلاج بعمل قطع في القرنية ومن ثم عمل الليزر (وتشمل عمليات الليزك LASIK؛ عمليات الإبيليزك Epi-LASIK؛ وعمليات الأنتراليز Intralese)، وتتفق هذه الأنواع في جوانب عدة أهمها المحصلة النهائية إلا أنها تختلف من حيث ملاءمتها لبعض المرضى من عدمها، طريقة العملية، إجراءات ما بعد العملية، والمضاعفات المترتبة عليها. أولاً: اختيار المرضى يُعتبر اختيار المريض المناسب للعملية المناسبة أهم خطوة في عمليات تصحيح النظر ويترتب عليها نجاح أو فشل العملية، ولكي تتم هذه الخطوة بنجاح لا بد من توفر شرطين مهمين: الطبيب المتخصص في هذه العمليات وتوفر الأجهزة التشخيصية الحديثة لاكتشاف التغيرات في القرنية، فكما أسلفنا قد يناسب بعض المرضى نوع من العمليات ولا يناسبهم نوع آخر بناءً على فحوصات ما قبل العملية، كما أن هناك بعض المرضى لا تناسبهم هذه العمليات أبداً إما لقلة سماكة القرنية أو وجود علامات قرنية مخروطية، فلذلك لا بد من بذل جهد كبير لاكتشاف أي تغيرات ولو كانت بسيطة في طبقية القرنية وسماكتها ومقدار ضعف النظر لتجنب الأعراض الجانبية أو التقليل منها، وفي العموم هناك بعض الخصائص للمرضى المناسبين لعمليات تصحيح النظر منها أن يكون قياس النظر ثابتاً وغير متغير في الفترات الأخيرة قبل العملية؛ ويُفضل أن يكون العمر أكبر من 20 سنة، ألا يكون هناك اشتباه في وجود قرنية مخروطية، ألا يكون سبب قصر النظر عوامل أخرى غير العيوب الانكسارية مثل الماء الأبيض أو كسل العين، ألا تكون درجة قصر النظر عالية مثل أكثر من -12 أو -14 أو طول النظر أكثر من +6، وفي هذه الحالات هناك بدائل غير عمليات الليزر لتصحيح قصر وطول النظر مثل زراعة عدسات داخل العين. ثانياً: إجراءات العملية تُعد عمليات الليزر لتصحيح النظر من العمليات القصيرة نسبياً والتي لا تحتاج إلى تنويم أو تخدير كامل، حيث تستغرق إجراءات العملية في المتوسط 20 - 30 دقيقة للعينين، وإن كانت مدة تسليط الليزر أقل من ذلك بكثير، ولكن هناك خطوات قبل وبعد العملية قد تستغرق بعض الوقت، كما أن هناك خصائص أساسية مطلوبة في أجهزة الليزر لتقليل المضاعفات أثناء أو بعد العملية، منها أن يتم إدخال معلومات المريض ودرجة قصر أو طول النظر وسماكة القرنية للكومبيوتر بدقة، أن تكون سرعة الجهاز عالية أثناء بث الليزر، أن يكون جهاز متابعة العين Eye Tracker سريعاً وفعّالاً، وفي حالة استخدام العلاج بقطع في القرنية يجب استخدام جهاز دقيق، إما بالشفرات Micro Keratome وتُسمى الليزك LASIK أو الإبي ليزك Epi-LASIK، أو بالليزر Femtosecond laser وتُسمى العملية بالإنتراليز Intralase وهي الأحدث، أما في عمليات العلاج السطحي فلا يتم عمل هذه الخطوة ويتم العلاج مباشرة على سطح القرنية بدون عمل قطع وتشمل هذه العمليات عمليات الليزر PRK واللاسيك LASEK. ثالثاً: إجراءات ما بعد العملية قد تستخدم عدسة لاصقة بعد العملية مباشرة للمساعدة في التئام سطح القرنية أو التقليل من عدم الارتياح خصوصاً بعد عمليات العلاج السطحي وذلك لمدة محدودة، وفي جميع العمليات تُوصف للمريض قطرات علاجية عبارة عن مضادات حيوية وقطرات لتقليل الالتهابات بالإضافة لقطرات ترطيب للعين لفترات مختلفة، ويتوجب المحافظة عليها واتباع تعليمات الطبيب بدقة في طريقة ومدة وضعها، كما أن هناك إرشادات عامة للمريض بعد العملية منها الحرص على عدم عرك العين، عدم السباحة في حمامات السباحة، التقليل من إجهاد العينين، عدم التعرض لأشعة الشمس خصوصاً في الفترات الأولية بعد العملية. رابعاً: مضاعفات العمليات إن عمليات تصحيح النظر مع ارتفاع نسب نجاحها تبقى ليست مضمونة مائة بالمائة، فقد تكون هناك مضاعفات بسيطة، مثل بقاء جزء بسيط من ضعف النظر؛ إزعاج الإضاءة بعد العملية مباشرة؛ جفاف العين المرحلي في الفترات الأولية بعد العملية، كما أن هناك مضاعفات أكثر خطورة ولكنها نادرة الحدوث مثل التهابات القرنية البكتيرية؛ مشاكل قطع القرنية في عمليات الليزك Flap complications ؛ تحدب القرنية الشديد والناتج عن ضعف جدرارها Post-LASIK ectasia. وبالعموم هذه المضاعفات قليلة الحدوث وفي الغالب يمكن التغلب عليها وعلاجها خصوصاً في الأماكن المتخصصة وذات الكفاءة العلمية. وختاماً.. تبقى عمليات تصحيح العيوب الانكسارية من أنجح العمليات الجراحية، والتي غيّرت من حياة الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، كما أن هذا المجال متجدد جداً والأبحاث متواصلة فيه لتطوير طرق عمله ولتحقيق أفضل النتائج. د. عبدالله الفواز - استشاري جراحات العيون / مركز الأعمال - م م ع ج