استأنفت القوات النظامية السورية أمس الخميس القصف على منطقة الحولة في محافظة حمص في وسط البلاد التي شهدت الأسبوع الماضي مجزرة قتل فيها 108 أشخاص، فيما شهدت عدة مناطق سورية أعمال عنف متفرقة.وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان إن «أصوات إطلاق نار كثيف سمعت في بلدة تلدو في منطقة الحولة مع أصوات انفجارات ناتجة عن قذائف مصدرها القوات النظامية السورية». وأشار إلى «تجمع سيارات تضم عناصر من القوات النظامية في محيط المنطقة». وقد قتل فتى صباح أمس في تلدو إثر إصابته برصاص قناص. وكانت قوات النظام قصفت المنطقة ليلا بالمدفعية الثقيلة. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان ليلا أن هناك «حالة نزوح» من المناطق التي تشهد قصفاً في اتجاه «البلدات الأخرى في منطقة الحولة تخوفاً من مجزرة جديدة».من ناحيته, ذكر التلفزيون السوري الرسمي أن صلاة الغائب ستقام اليوم الجمعة على أرواح «شهداء الحولة والوطن» في كل مساجد سوريا. وأعلن التلفزيون في شريط إخباري عن إقامة «صلاة الغائب على أرواح شهداء الحولة وكل شهداء الوطن في مساجد سورية جميعها عقب صلاة الجمعة مباشرة». واحتجاجاً على مذبحة الحولة, أعلن حازم الشهابي القنصل الفخري لسوريا في كاليفورنيا (غرب الولاياتالمتحدة) استقالته من منصبه.وقتل 108 أشخاص على الأقل بينهم 49 طفلاً و34 امرأة في قصف وإطلاق رصاص «عن مسافة قريبة» بحسب الأممالمتحدة في 25 مايو في الحولة في محافظة حمص في وسط سوريا. على صعيد متصل أكدت لجنة التحقيقات السورية التي شكلها نظام الأسد الخميس أن التحقيقات الأولية أظهرت أن جماعات مسلحة مناهضة للحكومة هي التي ارتكبت مذبحة الحولة في الأسبوع الماضي، وقال العميد قاسم جمال سليمان رئيس لجنة التحقيق التي شكلتها الحكومة أن الضحايا هم أسر رفضت معارضة الحكومة وكانت على خلاف مع الجماعات المسلحة. وأضاف أن كثيراً من الضحايا كانوا أقارب عضو في البرلمان السوري.وقتل ثلاثة أشخاص آخرين أمس في أعمال عنف في سوريا. ففي ريف دمشق، قتلت سيدة بإطلاق رصاص في داريا. وفي حلب، قتل عنصرا أمن وأصيب أربعة آخرون إثر انفجار عبوة ناسفة في حديقة كلية الهندسة الكهربائية في جامعة حلب. وفي ريف ادلب (شمال غرب)، دارت اشتباكات عنيفة في محيط بلدة سلقين استخدمت فيها القوات النظامية الرشاشات الثقيلة والقذائف إثر «محاولة القوات النظامية اقتحام معاقل الكتائب المقاتلة المعارضة في المنطقة»، واستولى المنشقون «على آليات عسكرية ثقيلة» خلال الاشتباكات. وقتل الأربعاء 73 شخصاً على الأقل في أعمال عنف واشتباكات في مناطق مختلفة من سوريا بينهم نحو عشرين عنصراً من قوات النظام وعدد من المنشقين. على صعيد آخر أعلنت مجموعة «ثوار سوريا-ريف حلب»، وهي جماعة يعلن عنها للمرة الأولى، في بيان بثته قناة الجزيرة الخميس أنها تحتجز 11 لبنانياً شيعياً مختطفين في سوريا منذ 22 أيار- مايو. وجاء في البيان أن «اللبنانيين المختطفين في ضيافتنا وهم بصحة جيدة. مفاوضات إطلاق اللبنانيين ممكنة بعد اعتذار (الأمين العام لحزب الله حسن) نصر الله عن خطابه الأخير» الذي جدد فيه دعم الحزب الشيعي المسلح لنظام بشار الأسد. وأضاف البيان «مشكلتنا ليست مع أي طائفة ولكن مع من يشارك في قمع الثورة». وهي المرة الأولى التي يعلن فيها عن هذه المجموعة. في غضون ذلك ظهرت الانقسامات بين القيادات العسكرية المنشقة في الداخل والخارج, حيث حمل الناطق باسم قيادة الجيش السوري الحر في الداخل على العقيد رياض الأسعد المقيم في الخارج، مؤكداً أن قيادة الداخل هي وحدها المخولة الكلام باسم الجيش الحر. وجاء هذا التصريح بعد تحديد قيادة الجيش الحر في الداخل مهلة للنظام السوري تنتهي ظهر اليوم الجمعة من أجل تنفيذ خطة الموفد الدولي الخاص كوفي عنان لوقف العنف، تحت طائلة التنصل من أي تعهد إزاء الخطة، فيما نقلت وسائل إعلام عن قائد الجيش الحر رياض الأسعد أن لا وجود لمثل هذه المدة. وقال العقيد قاسم سعد الدين «لا يحق لأحد إصدار أي بيانات أو اتخاذ قرارات إلا قيادة الجيش الحر في الداخل». وعلى الصعيد السياسي, حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس الخميس من أن مذابح المدنيين كتلك التي وقعت في الحولة «يمكن أن تغرق سوريا في حرب أهلية مدمرة». وتحدث عن المخاوف التي أثارها كوفي عنان المبعوث الخاص لجامعة الدول العربية والأممالمتحدة من وصول سوريا بالفعل إلى حافة الهاوية بعد مقتل 108 أشخاص في الحولة يوم الجمعة الماضي.وقال بان كي مون في مؤتمر في اسطنبول «مذابح المدنيين كتلك التي شهدناها نهاية الأسبوع الماضي يمكن أن تغرق سوريا في حرب أهلية كارثية- حرب أهلية لا تشفى منها البلاد أبداً». بدورها, انتقدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس معارضة روسيا لتحرك في الأممالمتحدة حول سوريا محذرة من أن السياسة الروسية يمكن أن تساهم في اندلاع حرب أهلية. إلى ذلك التقى الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان الخميس في القصر الرئاسي المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا كوفي عنان الذي يزور لبنان حالياً.وجرى خلال اللقاء البحث في المستجدات والمواقف السياسية الراهنة على الساحتين اللبنانية والعربية وخاصة التطورات على الساحة السورية.