لم يكن اختيار مدينة الرياض عاصمة للثقافة لعام 2000م خبط عشواء، ولكنه كان اختياراً يقوم على أصول علمية وفنية، ولا شك ان الرياض في وصفها الحالي عاصمة للمملكة العربية السعودية، هي في نفس الوقت وبحق عاصمة للثقافة العربية بما فيها من علم وأدب وتكنولوجيا بل انها أصبحت قاعدة فعلية لصناعة الكتاب وصناعة المعلومات في عصر العولمة في العالم العربي. لقد أحدثت العولمة آثاراً عميقة ومهمة في جميع المجالات الدولية والمحلية، وأصبحت العولمة توجها راسخاً ومفروضاً على العالم المعاصر، بل أصبحت العولمة أهم التحديات التي تواجه هذا العالم المعاصر المتغير بسرعة تسابق تغير سرعة المعلومات التي تنقلها الفضائيات وغيرها من وسائل نقل المعلومات المسموعة والمقروءة والمرئية حيث نرى الحواجز بين دول العالم تتكسر الواحد تلو الآخر من خلال تطور النظم الالكترونية، ولذا كان على العالم العربي كله ان يراجع موقفه من التكنولوجيا المتطورة بمنتهى الدقة، وبمنتهى التجرد أيضاً وبمنتهى الموضوعية، وذلك في ضوء عدد من الاعتبارات التي تسود عالم اليوم، والسبب في ذلك يكمن في العديد من المتغيرات التي نجد من أهمها ما يلي: * لقد برز عنصر المنافسة بين دول العالم أجمع كواحد من أهم الظواهر العالمية المهمة التي تحكم جميع أنواع العلاقات على مستوى العالم، فالشعار الذي يسود الآن هو السيادة للأفضل والأجود وهذا هو ما يطلق عليه اسم متغير الجودة. * السرعة الفائقة، والاتصالات فائقة السرعة وكذلك التقدم والتغير مع الزمن فائق السرعة في جميع مجالات الحياة التي أصبحت جميعها تعتمد على التكنولوجيا المتطورة متناهية الدقة، والسرعة أي أننا في سباق مع الزمن حيث السيادة للأسرع وهذا ما يعرف بمتغير السرعة. * ان ثورة المعلومات وسرعتها جعلها تحطم أيضاً الحواجز الادارية المحلية في معظم بلاد العالم، حيث تساعد على التغلب على جميع الاجراءات الروتينية وهذا هو ما يعرف بمتغير كسر الانغلاقات المحلية وهزيمة الروتين الاداري المتحجر. ومن هذا المنطلق خطت المملكة العربية السعودية خطوات هائلة انطلاقاً من دورها الفعال الفريد والقيادي في العالم العربي والعالم الاسلامي، حيث يفرض هذا الدور المهم على أولي الأمر ضرورة العمل على دعم وتعزيز مسيرة التقدم العلمي والتكنولوجي، حيث تمثل ثورة المعلومات أهم دعائمه الأساسية. ولتحقيق هذا التقدم المتكامل، كان لابد من امتلاك أدوات يتمثل أهمها فيما يلي: * كان لابد من العمل على توفير القدرة على ملاحقة التطور السريع من أنظمة الكمبيوتر والنظم الالكترونية للاتصالات وتوفير المعلومات، لأن هذه الوسائل هي التي تتحكم في غزو الانسان للفضاء بنفس الدرجة التي تتحكم بها في توزيع الخدمات وتوفير احتياجات أفراد المجتمع العاديين، ولا سيما في أوقات ومواسم الحج التي تستقبل فيها المملكة ملايين البشر الذين يحتاج كل منهم الى جميع الخدمات والمناشط، لابد أن تدخل فيها أنظمة الكمبيوتر وشبكات المعلومات والنظم الالكترونية، بحيث أصبحت هذه الأنظمة عاملاً أساسياً وجوهرياً في تقديم جميع أنواع الخدمات واداراتها، وعلى كل الذين يعملون بالقرب من مراكز تقديم الخدمات بأنواعها المختلفة أن يلاحظوا ذلك بأنفسهم، وهذا يلاحظ بشكل واضح داخل المؤسسات التعليمية والتربوية، ولا شك ان الجامعات ومراكز البحوث هي خير دليل على ذلك. * كان لابد من امتلاك وسائل الارتقاء الالكتروني والتكنولوجي بهدف ترقية وتنظيم استثمار الطاقات والموارد الطبيعية، وهذا بدوره سيؤدي الى خفض تكاليف الانتاج، وتقليل الفاقد سواء كانت الكوادر البشرية أو في غيرها من الموارد المادية وهذا يعني أيضاً تحقيق الجودة وضمان الفوز القدرة على المنافسة وما يترتب عليه من زيادة الأرباح وهذا بدوره يضمن الاستثمار الأمثل للطاقات البشرية القادرة على تنمية الفكر الخلاق وصناعة المواهب وتنمية الابداع والابتكار. * وكان لابد من تنمية القدرة على امتلاك وسائل الاستفادة من ثورة المعلومات وتطبيقها تطبيقاً واعياً ودقيقاً في جميع مجالات الحياة, والاتصال من مرحلة النقل الآلي استيراد التكنولوجيا الى مرحلة سعودة التكنولوجيا أي توطينها في أرض المجتمع وسمائه وبره وجوه، بل وفي أعماق بحاره والعمل المستمر والدؤوب على تنميتها وتطويرها بشكل مستمر عن طريق امتلاك نظم معلومات متقدمة ونامية بشكل مستمر لا يتوقف. ان النقاط السابقة تظهر لنا بجلاء أن عملية تحقيق النهضة التكنولوجية الحديثة يرتبط بمجموعة من المتغيرات يتمثل أهمها في امتلاك نظام للمعلومات متغير ومتطور ونام دائماً، وهذا ما تحاول المملكة العربية السعودية جاهدة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله، أن تحققه بكل ما أوتيت من نفوذ سواء في الاقتصاد أو الموارد البشرية. لقد اعتاد الناس لفترات طويلة من حياتهم أن ينظروا الى المعلومات بوصفها مجموعة من الأرقام والاحصاءات أو البيانات التي يقوم بجمعها بعض المتدربين في مجال الحصر التعدادي أو في المجال الصحي أو غيرها من المجالات على المستوى المحلي أو تلك البيانات الاحصائية التي تهتم دول العالم بجمعها عن بعضها البعض كنوع من نظم الاستخبارات العسكرية أو الاقتصادية بهدف فتح الأسواق، أو بهدف اعداد خطط التنمية الناتجة للاستيراد والتصدير وحساب الميزان التجاري، أو تحقيق التفوق العسكري مثلاً، حيث نجد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تقف على قمة هرم المعلومات، أي قمة الهرم المعلوماتي التكنولوجي في النظام العالمي الجديد, ولقد تأثرت بذلك البرامج التي تنفذها جميع الدول الأخرى، التي ستضطر الى الاعتماد على التحديث والتنمية اذا لم تكن لديها قاعدة بيانات تمكنها من المعرفة التكنولوجية، تلك التي تمكنها أيضاً من المنافسة بكل قوة وثقة واقتدار، ان عدم وجود قاعدة معلوماتية أساسية لدى أي دولة من دول العالم يؤدي الى انخفاض قدراتها على اتخاذ القرار المناسب، بل يجعلانها تتأرجح بين الخطأ والصواب وتسودها العشوائية. لقد تغير مفهوم المعلومات في الوقت الحالي التغير في ضوء ما طرأ على العالم أجمع من تطوير وتحديث وأصبحنا في الوقت الحاضر عندما نتحدث عن المعلومات لابد أن نضع في اعتبارنا ما يلي: * هناك فرق بين المعلومات والبيانات والمعارف والذكاء، والمعلومات من حيث المفاهيم هي الأكثر قيمة لأنها هي القاعدة الأساسية لاتخاذ أي قرار. * نهضة المعلومات لأن المعلومات هي مخرجات أو نواتج العلاقات بين هذه الأشياء والأفعال والأفكار، فمن الطبيعي انه كلما زاد التفاعل الديناميكي بين هذه الأشياء أو العناصر، كلما زادت القدرة على توليد المعلومات، وكلما أمكن تناول المعلومات بدقة أكثر كلما كانت نتائج ومخرجات التداول دقيقة أيضاً، ومن هنا يكون القرار الذي يتم اتخاذه في ضوئها مناسباً وسليماً. * هناك تداخل بين موضوعين مهمين الأول,, هو تداول المعلومات، والثاني هو سرعة تداول المعلومات، هذا التداول يؤدي الى كسر حاجز الزمان والمكان، وتخطي الاداريات المركزية، فكلما زاد تداول المعلومات كلما زالت الحواجز والحدود الزمانية، وكلما زاد تداول المعلومات بالسرعة والدقة المناسبة، كلما زادت معدلات التقدم واللحاق الفعلي بعصر المعلومات، وهذا يؤكد على أهمية الاتصالات كأحد العوامل الرئيسية والمهمة في النهضة المعلوماتية التي يشهدها العالم المتقدم, ومن ضوء هذا المفهوم لابد لنا أن نستعرض بأمانة الموقف المعلوماتي في المملكة في ضوء الموقف المعلوماتي في العالم العربي والاسلامي لتحديد واقع تطوير نظم المعلومات وأساليب وآليات هذا التطوير بين الحاضر والمستقبل. لقد أدركت المملكة في عهد راعيها الأمين ورجاله أهمية المعلومات والاتصالات في صنع النهضة التكنولوجية التي تترعرع في أرجاء المملكة في الوقت الحاضر، كما أدركت أهمية دورها في النهوض بمواطنيها وبأمتها العربية والاسلامية، وتحولت من موقع المتفرج والمتأمل لتكنولوجيا العصر الحاضر الى موقع نقل التكنولوجيا الى أرجاء المملكة ثم الى موقع نهضة المعلومات كما يتمثل في امتلاك النظم المعلوماتية الوطنية. ان تناول موضوع النهضة المعلوماتية في السنوات الأخيرة في المملكة العربية السعودية وما تملكه المملكة من امكانات واهتمام أولي الأمر بهذه النهضة المباركة سواء في مجالات التجارة والبنوك والاقتصاد أو في مجالات الصناعة بأنواعها ومستوياتها المختلفة، أن ننطلق من مدى الاهتمام الذي توليه المملكة لهذا المجال للمحافظة على موقعها بل ورغبة منها في تبوؤ مكانة أفضل في مصاف الدول المعلوماتية، رغبة منها في عدم الوقوف مكتوفة الأيدي أمام التحديات التي تواجهها في الداخل والخارج. والملاحظ المتأمل لما تقوم به المملكة في مجال نظم المعلومات الحديثة يلاحظ ان المملكة تنأى بنفسها أن تكون فريسة لارهاب المعلومات الذي تمارسه بعض الدول المتقدمة أو الذي يمارسه بعض أدعياء الثقافة العلمانية، أولئك الذين انبهروا ببعض النظم الفردية ولاحظوا الفرق الكبير بين ما يحدث في أرض الواقع هنا، وما يحدث في تلك البلاد المتقدمة في هذا المجال، فأولو الأمر فيها لم يقفوا عند مجرد الانبهار، ولكنهم أخذوا من ذلك دافعاً قوياً لتحقيق النهضة المعلوماتية. وفي ظل اتجاه المملكة نحو السعودة بهدف فتح مجالات العمل للشباب السعودي المؤهل جامعياً أو فنياً أو الحاصلين على المؤهلات العليا في التخصصات الدقيقة، يجب أن تستفيد المملكة من الفرصة التي تتيحها لها النهضة المعلوماتية من امكانات لاحداث التقدم والخروج من دائرة نقص فرص العمل المتاحة للشباب، وبطبيعة الحال فان المملكة لم تقفل الاستفادة من تجارب الدول الأخرى، فهي نماذج لاستثارة الدافعية وتقوية الهمم في اقتحام المجال، فالمتأمل للساحة العالمية يجد أن دولاً كثيرة قد فقدت الكثير من مواقفها الاقتصادية أمام دول لم تكن في حسبانها ولنأخذ على سبيل المثال تلك القفزة الكبيرة لكل من اليابان وكوريا في صناعة السيارات والاجهزة الالكترونية الدقيقة التي كانت حكراً على ألمانيا وسويسرا وغيرهما من الدول الغربية ونلاحظ أيضاً القفزة الهائلة للصين كمنافس قوي للولايات المتحدةالأمريكية. ونلاحظ أيضا أن العديد من البرامج التي ساهمت في نهضة هذه الدول، ان هي الا من صنع بعض الطلاب النابهين الموهوبين، ولذلك كان لابد من توجيه الاهتمام بهذه الفئة من أبناء الشعب السعودي حيث يتمثل ذلك في انشاء أول مشروع في العالم العربي لرعاية المواهب والموهوبين، بانشاء أول مؤسسة لرعاية الموهوبين مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله . ومن هذا المنطلق وهذا الفهم بدأت المملكة العربية السعودية مثلاً برنامجاً متميزاً لنهضة المعلومات من حيث التعليم والتدريب المهني والبحث والتطبيق، ولعل المؤتمرات العلمية التي تعقد بين أرجاء الجامعات ومراكز البحوث خير دليل على ذلك، ان المجتمع السعودي يشهد في الوقت الراهن تحولاً كبيراً في مجالات التكنولوجيا ومجالات الزراعة والصناعة والتجارة، وفي نفس الوقت تشهد البرامج الخاصة بتنمية المعلومات نهضة لم يسبق لها مثيل بهدف تحقيق النهضة المعلوماتية السعودية، وذلك من خلال انشاء مراكز المعلومات ومراكز البحوث وتزويدها بالبرامج والخبراء ذوي الكفاءة العالية، مع انشاء مؤسسات ومراكز اعداد الطاقات البشرية التي تدير وتعمل في هذه المراكز واذا تأملنا الاجراءات التي تمت في هذا المجال فاننا سنجد ما يلي: * انشاء شبكة قوية للاتصالات التليفونية والتلفزيونية التي تستخدم الألياف الضوئية لتحقيق السرعة المطلوبة للتعامل مع شبكات نقل المعلومات. * اطلاق أقمار الساتلايت الصناعية لخدمة التعليم والصحة والعلاج والتثقيف والاعلام، اقامة العديد من مراكز المعلومات وادخال تعليم الكمبيوتر بالمدارس، ونلاحظ مدى الاقبال اللامحدود على الاشتراك في هذه البرامج في المدارس، وهذا يدل على مدى التعطش الشعبي والوعي الطلابي لينهل الجميع من هذه المصادر المعرفية والمعلوماتية الجديدة. * اتاحة الفرصة لانشاء شركات المعلومات والمساهمة في صناعة بعض مكونات الحاسب وصناعة البرامج. * انشاء شبكات المعلومات في الجامعات والمعاهد واتاحتها للعاملين من الاساتذة والموظفين وكذلك اتاحتها للطلاب دون مقابل. * ان المملكة لم تبدأ من فراغ، ولعلنا لا ننسى في حرب الخليج الأخيرة ومدى تمكن المواطن السعودي من ادارة الأجهزة الكهربائية المعقدة، حيث لعبت المعلومات دوراً مهماً، وأثبتت القدرة المتميزة للسعودي في التعامل مع كل مستجدات التكنولوجيا الحديثة، والمملكة في مسلكها الحالي، انما تؤكد على أن يكون ذلك هو السلوك الطبيعي في حياة السعوديين جميعاً في جميع الأوقات وليس في وقت الأزمات فقط. * ولقد وعى أولو الأمر في المملكة ان نجاح النظم المعلوماتية والتكنولوجية وظهور مدى أهميتها في صناعة المستقبل الكريم لكل مواطن، يعتبر من أهم الدوافع للمبادرة الى العمل على ايجاد التكامل بين الآلة المتقدمة والعقل، حيث يتطلب ذلك اعادة بناء العقل العربي السعودي وتقويم مصدر معرفته، ومن ثم فقد وجدوا انه من الضروري في هذا الخصوص الأخذ بالأسباب الضرورية واللازمة لتحقيق سيطرة المملكة على كل جديد في مجالات المعلومات. واذا كانت الحكومة الرشيدة قد بذلت كل جهودها لاحداث التطوير والتنوير والتنمية، فانه يجب علينا كمواطنين ومسؤولين أن نعي ان نجاح النظم الالكترونية الحديثة في صيانة مستقبل هذا الوطن الحبيب، يجب أن يكون من أهم الدوافع الوطنية للمبادرة الى تحقيق التكامل بين الأجهزة المعلوماتية الآلية، والعقل البشري، ويتطلب تحقيق ذلك العمل على اعادة بناء العقل العربي واعداده للمستقبل واعادة النظر في مصادره المعلوماتية والمعرفية وتقويمها موضوعياً، ومن ثم يتحتم علينا نحن أبناء هذا الوطن أن نأخذ ببعض الأساليب والأسباب التي لابد منها للاستفادة من قدراتنا العقلية العليا في امتلاك الادارات الحديثة والسيطرة عليها في مجال العلوم والمعارف في عصر النهضة المعلوماتية الحديثة. ومن هذه الأساليب والأسباب ما يلي: * لابد من الفهم الدقيق، والجيد لخصائص المعلومات، وعدم استغلالها بطريقة غير مناسبة أو بشكل عشوائي أو تخميني مع التعلل بعدم توفر المعلومات الكافية أو الدقيقة، لأن مثل هذا الاسلوب سيؤثر بالسلب على مدى جودة المعلومات، وهذا بدوره سيؤدي الى اضعاف مبدأ سيادة الجيد والأجود الذي سبقت الاشارة اليه. * يجب وضع سياسة قومية للمعلومات بحيث يكون هناك نوع من التكامل بين المؤسسات المختلفة والربط بين شبكات المعلومات وقواعد البيانات التي تم التحقق منها. * لابد من الاهتمام بالدراسة المستفيضة والراقية في مجال هندسة الاتصالات والحوار، ولابد من التعامل باسلوب عصري وعلمي موضوعي في نفس الوقت مع القضايا الاجتماعية المختلفة مثل قضايا التشغيل والتحديث والسعودة، بدلاً من الاقتصار على أساليب الازاحة والتراشق والتعامل بالأساليب التقليدية التي لم تعد تصلح لعصرنا الحديث. * لابد من العمل على بناء المجتمع العصري على أسس معلوماتية بحيث يستطيع استيعاب كل مستجدات العصر في مجال المعلومات والمعرفة, ولتحقيق ذلك على أكمل وجه لابد من مراعاة ما يلي: * لابد ان نضع في اعتبارنا أن بناء البشر وعقول المستقبل في بؤرة اهتمامنا، وذلك ان البشر بصفة عامة، وأصحاب المواهب العظيمة بصفة خاصة هم صناع التقدم وهم بناة النهضة الحديثة, ان مهمة بناء البشر وصناعة المواهب تقف على قمة الهرم بوصفها أعقد وأعظم المهام في عصر المعلومات, واذا كان ثراء الأمم يقاس بثراء مواردها الطبيعية، فان الثروات في أي أمة هي ثروتها البشرية، ذلك ان مصير الأمم مرهون بمدى ابداعات مواطنيها وأبنائها، ومدى تفاعلهم وجودة تعاملهم مع مواجهة مشكلات التطور. *قسم التربية الخاصة كلية التربية جامعة الملك سعود * لابد من الاهتمام بالتعليم بصفة عامة، وتعليم الموهوبين من أبناء الأمة بصفة خاصة، على اعتبار ان التعليم ما هو الا فن امتلاك المعرفة، والقدرة على توصيلها وتوظيفها، ولابد من الاهتمام بصناع وخبراء العلم وبخاصة مجال المعلومات والموارد الطبيعية وفي المجال التربوي ومجالات التقويم وجميع مجالات الزراعة والتجارة والتصنيع والانتاج. * لابد من تطوير نظرة المجتمع للتربية، فالتربية هي المشكلة وهي في نفس الوقت الحل، اذا انها أهم العناصر الضرورية لاحراز وتحقيق التقدم العلمي في جميع مجالات الحياة في المجتمع. * لابد من العمل على عودة الروح العلمية التي سبق وايقظت العالم كله عندما كان في حالة نوم وسبات عندما أشرق على العالم نور فجر الاسلام، وعندما كانت المملكة رائدة للعالم العربي والعالم الاسلامي، ولابد من بث الثقة في البحث العلمي، ورعاية الباحثين والفنيين في جميع المجالات، ورعاية أساتذة الجامعات بصفة خاصة، مع العمل على ضرورة احترام التخصص العلمي والمهني ولابد من العمل على حماية الملكية الفكرية والعلمية في جميع المجالات العلمية والبحثية. * لابد من العمل على رعاية الموهوبين وتشجيع الروح الابداعية والابتكارية لدى جميع طلاب مدارسنا في جميع مراحل التعليم، ولابد من رعاية المواهب والموهوبين، ولابد من العمل على الحد من سيطرة بعض أصناف المتعلمين ومدعي الموهبة والابداع على المراكز الحساسة وبصفة خاصة في مجالات التربية وفي مجالات المعلومات باعتبارها من المجالات الدقيقة التي تحتاج لكفاءات خاصة متخصصة في التربية والمعلومات ولديها أيضاً القدرة على التعامل مع المعلومات على المستوى النظري والتطبيقي. * لابد من العمل على توفير وتحسين المعلومات، وحث المواطنين طلاباً ومعلمين ومتخصصين وأساتذة الجامعات، وباحثين بالدراسات العليا على الاستفادة منها. * لابد من العمل على توفير فرصة التدريب والتحديث المستمر للمعلومات والنظم والمعلومات وآلياتها سواء في الجامعات أو في مراكز التدريب ومراكز خدمة المجتمع. * لابد من العمل على مراجعة التشريعات الخاصة بتوفير الحماية للمبتكرين وذوي المواهب المتميزة سواء في مجالات الرعاية التربوية أو المتابعة والحماية العلمية وتوفير امكانات البحث العلمي داخل المملكة، واتاحة الفرص للباحثين وأعضاء هيئة التدريس للتواصل مع مراكز البحوث العالمية للوقوف على احداث مستجدات العصر. * لابد من العمل على تشجيع الاستثمارات الوطنية والأجنبية في اقامة المشروعات المشتركة وتوفير آليات الاستثمار الأمثل لهذه الاستثمارات في تحقيق مصلحة المجتمع بالدرجة الأولى. * لابد أن تشعر جميع الجامعات السعودية بمسؤولياتها المباشرة عن تطوير وتدريب الكوادر الوطنية في اطار صحيح لمفهوم المعلومات وخصائص المعلومات ونظمها، وحتى يحدث ذلك فانه يجب على الجامعات أن تطور هياكلها وبرامجها ونظم وأساليب الدراسات بها، وأن نعدل من أوضاعها مما يجعلها قادرة على المساهمة الايجابية في برامج التطوير تدريساً وبحثاً وتدريباً مع التركيز على ما يلي: * توجيه المناهج وخطط الدراسة لتلائم مطالب سوق العمل في المجتمع سواء في القطاع الحكومي أو في القطاع الخاص، لابد من الاهتمام ببرامج التصميم للإنتاج وفي نفس الوقت الاهتمام، بالتركيز على مشكلات التدريب والصيانة والتطوير وتوطين التكنولوجيا الحديثة في الأراضي السعودية، بدلاً من استيرادها. * الاستفادة من تطبيق نظم المعلومات تطبيقاً لمبدأ التعليم العلمي وعدم الاقتصار على مجرد الحفظ والتلقين والتعليم النظري، ولابد أن تشمل مناهج الدراسة على الموضوعات التالية: * لابد من ادخال تكنولوجيا المعلومات كوسيلة لتعليم كل من المعلم والمتعلم ومجالات التدريب والادارة، وتطوير المناهج. * ادخال تدريس مبادئ وأسس الذكاء الاصطناعي. * ادخال تدريس نظريات التطور والمعارف وأساليب التفكير. * ضرورة الاهتمام بدراسة الأبعاد الاجتماعية لانشاء تكنولوجيا المعلومات. * الاهتمام بعلوم التكنولوجيا الجديدة والمستحدثة مثل الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية والمعلوماتية، وعلوم المستقبل والالكترونات، وعلوم الطاقة الجديدة,,, الخ. وفي ختام هذا المقال: نؤكد على انه ليس بالصعب، أو العسير على المملكة العربية السعودية ان تحقق تلك الطفرة المعلوماتية المطلوبة في ما لديها من مؤسسات ومراكز بحوث وجامعات وأساتذة وخبراء ومتخصصين في العديد من المجالات الحديثة تمثل قاعدة أساسية ومهمة للانطلاق نحو التحديث والمعاصرة، وهذه جميعها تعتبر أساساً لتحقيق نهضة وطنية في مجال المعلومات، باعتبارها أهم روافد تحقيق النهضة التكنولوجية المتكاملة.