المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي يسجل 2457 جريمة لإسرائيل ضد الفلسطينيين خلال أسبوع    خسائرها تتجاوز 4 مليارات دولار.. الاحتلال الإسرائيلي يمحو 37 قرية جنوبية    شتاء طنطورة يعود للعُلا في ديسمبر    يعد الأكبر في الشرق الأوسط .. مقر عالمي للتايكوندو بالدمام    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل المصري    "إنها طيبة".. خريطة تبرز 50 موقعًا أثريًا وتاريخيًا بالمنطقة    أمير الشرقية يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية    الموافقة على الإطار العام الوطني والمبادئ التوجيهية للاستثمار الخارجي المباشر    رابطة محترفان التنس..سابالينكا تحجز مقعداً في نصف النهائي.. ومنافسات الغد تشهد قمةً بين إيغا وجوف    أمريكا تختار الرئيس ال47.. ترمب أم هاريس؟    الاستخبارات الأمريكية تكثف تحذيراتها بشأن التدخل الأجنبي في الانتخابات    منتدى "بوابة الخليج 2024" يختتم أعماله بإعلانات وصفقات تفوق قيمتها 12 مليار دولار    كيف يعود ترمب إلى البيت الأبيض؟    محافظ الخرج يستقبل مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    انعقاد مؤتمر الأمراض المناعية في تجمع عالمي وطبي    أطفال اليمن يتألقون بتراثهم الأصيل في حديقة السويدي    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يرأّس اجتماع المؤسسة الثقافية الإسلامية بجنيف    "الصناعة والثروة المعدنية" تعلن فوز 11 شركة محلية وعالمية برخص الكشف في 6 مواقع تعدينية    الطائرة الإغاثية السعودية ال19 تصل إلى لبنان    مركز مشاريع البنية التحتية بالرياض يشارك في المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر بالقاهرة    توقعات بهطول الأمطار الرعدية على 5 مناطق    المملكة تثري الثقافة العربية بانطلاق أعمال مبادرتها "الأسبوع العربي في اليونسكو" في باريس    إشكالية نقد الصحوة    أرباح «أرامكو» تتجاوز التوقعات رغم تراجعها إلى 27.56 مليار دولار    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج للأندية    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    الاختبارات.. ضوابط وتسهيلات    الهلال يمزق شباك الاستقلال الإيراني بثلاثية في نخبة آسيا    إعادة نشر !    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    «DNA» آخر في الأهلي    سلوكيات خاطئة في السينما    العلاج في الخارج.. حاجة أم عادة؟    غيبوبة توقف ذاكرة ستيني عند عام 1980    " المعاناة التي تنتظر الهلال"    في الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا.. قمة بين ريال مدريد وميلان.. وألونسو يعود إلى ليفربول    تنوع تراثي    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    زرًعِية الشبحة القمح العضوي    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    ربط الرحلات بالذكاء الاصطناعي في «خرائط جوجل»    مسلسل حفريات الشوارع    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    السعودية تؤكد دعمها لجهود التنوع الأحيائي وتدعو لمؤتمر مكافحة التصحر بالرياض    أمير تبوك يستقبل القنصل البنجلاديشي لدى المملكة    مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تقدّمَ الآخرون.. وتخلّفنا نحنُ العرب؟
نشر في اليوم يوم 09 - 08 - 2012

تبقى قضية التقدم والتخلف، شائكة من حيث الأسباب والدوافع والإمكانيات، ولكن لأن عالمنا العربي، لا يزال يعاني من وطأة التأخر العلمي، مقارنة بدول أخرى، استطاعت أن تنهض من كبوتها، وتقارع أعتى الدول المتقدمة، بعد أن كانت لا شيء بمقياس الحضارة والتقنية.
دول جنوب شرق آسيا انتفضت، واليابان تغلبت على توابع قنبلتين نوويتين، والبرازيل قلبت المعادلة في غضون سنوات، وكوبا استطاعت محو أميتها، ودول أخرى قاومت عجز إمكاناتها واعتمدت على نفسها، رغم أنها بمقاييس الثروة فقيرة جداً.
ومع ذلك، ارجع أكاديميون وباحثون التخلف العلمي فى العالم العربي والإسلامي عوامل داخلية وخارجية أدت لإصابة العالم الاسلامي، تمثلت في الاستعمار والتخلف الاقتصادي واحتكار الغرب للبحث العلمي وعدم السماح للبلدان الاخرى من خارج الحضارة الغربية.
اهتمام إسلامي
في البداية، يؤكد الدكتور جعفر عبد السلام الأمين العام لرابطة الجامعات الاسلامية والاستاذ بجامعة الأزهر: انه لا يوجد دين اهتم بالعلم كإهتمام الإسلام، ولا يوجد كتاب على الأرض أشرف ولا أشمل ولا أعمق من القرآن الكريم جعل فريضة شرعية على المسلمين، ويكفي المسلم فخرا أنه بهذه المعجزة العلمية الإلهية تحولت أمة الإسلام من أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب إلى علماء ينتشرون في الأرض، ينشرون النور والرحمة والخير والسلام، وأن ،إن أول آية نزل بها جبريل على رسول الإسلام محمد -صلى الله عليه وسلم- هي:»اقرأ» ثم نزلت الآيات تباعا تؤكد أهمية العلم والبحث والتفكير العلمي، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد شجع على السعي وراء العِلم وإدراكه أينما وجد، فقال صلى الله عليه وسلم : « طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة» كما قامت مودة ورحمة بين العلم والدين فى الإسلام، إلى الحد الذي فضل العالم على العابد، وقد أخبر القرآن الكريم أن العلماء هم أكثر الناس خشية لله. فيقول سبحانه وتعالى:( إنما يخشى الله من عباده العلماء). وأضاف قائلا:إنه عندما تحرك المسلمون الأوائل في هذا الاتجاه وساروا على هذا النهج تمكنوا عن طريق البحث العلمي الجاد بناء حضارة شامخة أشعّت على العالم كله بعطائها المتميز لافتا الى انه لا يقتصر معنى البحث العلمي، كما هو شائع على البحث في العلوم الطبيعية، وإنما يمتد مفهوم البحث العلمي ليشمل كل فروع الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية، وأن للحضارة الإسلامية والعربية دورا كبيرا في تشجيع البحث العلمي، وقد بدأ كثير من روادها تطبيق مفاهيم التجريب منذ مرحلة مبكرة، وحققوا فى هذا المجال نجاحات مذكورة.
إن البحث العلمي يرتبط بالتنمية البشرية ومدى إعداد القوى البشرية القادرة على تملك أدوات التفكير العلمي ومعالجة قضايا الحياة العملية بمنهجية وفكر منظم، ويقع داخل هذا الإطار مدى قدرة المجتمع على تنمية قدرات الأطفال ومن ثم صغار السن والشباب بحيث يصبحون محبين للعلم
اعتراف أوروبي
ويؤكد الدكتور عبد السلام أن أوربا قد أخذت منهج البحث العلمي المادي عن الإسلام بإعتراف واضع هذا المنهج نفسه(ديكارت) وباعتراف المنصفين من المؤرخين، مضيفا إن الفارق بين مجتمع متقدم وآخر متخلف، هو فرق مهم بين من حاز على أكبر قدر من العلوم، ويسير فى حياته وِفقا للمنهج العلمي، ومن لايزال يتخبط فى إتباع أي منهج، ومازال يعتمد على الخرافات والأوهام بعيدا عما أعطاه الله له من قدرات لا يريد أن يستخدمها.
من جانبه يقول الدكتور نبيل السمالوطي عميد كلية الدراسات الإنسانية السابق بجامعة الازهر: إن البحث العلمي يرتبط بالتنمية البشرية ومدى إعداد القوى البشرية القادرة على تملك أدوات التفكير العلمي ومعالجة قضايا الحياة العملية بمنهجية وفكر منظم، ويقع داخل هذا الإطار مدى قدرة المجتمع على تنمية قدرات الأطفال ومن ثم صغار السن والشباب بحيث يصبحون محبين للعلم، وقادرين على الإبداع والابتكار، ويصبح لديهم القدرة على التعامل مع تطبيقات العلم، سواء من حيث نقل التكنولوجيا واستيعابها وتطبيقها، أو القدرة على توطينها وتطويعها للبيئة المحلية، أو القدرة على إبداع تكنولوجيات مستحدثة، واستنبات تكنولوجيا جديدة تحقق التكامل بين أحدث تكنولوجيات العالم من جهة، ومن المتطلبات المحلية والعالمية من جهة ثانية، وبين الإمكانات المتاحة لكل دولة من جهة ثالثة. ويضيف الدكتور السمالوطي أن هناك عوامل كثيرة داخلية وخارجية، تضافرت جميعا فأدّت لتخلف الدول العربية الإسلامية ومن ثم أخذت الدول الغربية في النمو والتقدم العلمي والتقني، وأخذت الفجوة بينهما تتسع خاصة بعد الثورة الصناعية الأولى والثانية في الغرب، ودخول الغرب عهد ما بعد الصناعة أو عصر الثورة التقنية أو العلمية أو عصر الاختراعات « المايكرو- اليكترونية»، وأصبحت هي المحتكرة للخبرات التقنية، والعلمية، وللأجهزة ولرأس المال، وأصبح محتّما على الدول الإسلامية والنامية التعامل معها استيرادا وطلبا للخبرة والتقنيات ورؤوس الأموال.. إلخ. ويرى الدكتور السمالوطي، أن من أهم أسباب تخلف العالم الإسلامي والعربي علميا هو الاستعمار واحتكار دول الغرب أو الدوائر في فلكها للتقنيات فى أغلب المجالات، ولا تصدرها إلى الدول النامية إلا بشروط، وبقدر، وبما لا يتعارض مع مصالحها مشيرا الى ان نقل التقنيات من الدول المحتكرة لها يتم بأساليب لا تسهم في توطينها ،وأنه كثير ما تكتفي الدول النامية ومنها أغلب دول العالم العربي والاسلامي بنقل تقنيات الدول المتقدمة صناعيا دون أن يستثير ذلك حركة بحث علمي تطبيقي وتطوير عناصر الخبرة والمعرفة التقنية داخلها، الأمر الذي يسهم مستقبلا في توطين الصناعات والتقنيات وبالتالي في تحقيق الاستقلال الحقيقي.
ويختتم الدكتور السملوطي حديثه قائلا:وقد استثار الإسلام أقوى الدوافع فى المؤمنين للانطلاق في البحث العلمي والتطبيقي وتنمية القدرات الابتكارية والإبداعية لديهم اكتشافا وتخطيطا وتنظيما.. إلخ، حيث جعل هذا البحث النظري والتطبيقي عبادة الله يستهدف تحقيق منهجه سبحانه في الأرض ، ويستهدف بناء المجتمع القوي القادر على أداء هذه الرسالة، وقد جعل الإسلام التنمية وإعمار الأرض فرض كفاية لابد من تحقيقه.وأضاف: لقد نظر المسلمون إلى الحقائق الواردة في القرآن فوجدوا قوله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) فإن كلمة جميعا تدل –كما يقول المفسرون-دلالة قاطعة على أن الله خلق الإنسان لأمر عظيم ليكون «مستخلفاً في الأرض، مالكا لما فيها، فاعلا مؤثرا فيها»له دوره الإيجابي في تطبيق المنهج الإلهى في هذا الكوكب.

إعادة الاعتبار للبحث العلمى في الوطن العربى.. «فريضة واجبة»
تتجلى إشكالية البحث العلمى في الوطن العربي فى أنه يعاني منذ عقود من التخلف وغياب الرؤية والسياسة المحددة لتفعيل دوره وتأثيره فى مفردات الواقع فضلا عن أنه لايحظى بدعم جوهرى من صانع القرار السياسى الذى يولي جل اهتمامه بقضايا أخرى ربما تكون أقل أهمية وهو ما تعكسه النسب الضئيلة التى تخصصها الحكومات العربية لتمويل قطاعات البحث العلمى
ولاشك أن ما تواجهه هذه القطاعات من تحديات عديدة تستوجب التحرك الفعال لتجاوزها وبناء أنساق مالية وبشرية وفنية قادرة على إعادة الاعتبار لقيمة البحث العلمى فى الواقع العربى وهو ما يمكن وصفه بأنه بات فى حكم الفريضة الواجبة التطبيق
فمنذ عقود طويلة والحديث في الوطن العربي لا يكاد ينقطع الحديث عن أهمية البحث العلمي وكونه المدخل الصحيح إلى التغيير الشامل، والإصلاح الحقيقي المنشود، والمتأمل لواقع البحث العلمي العربي والمؤسسات البحثية من المحيط إلى الخليج، يتبين له مدى الفجوة الواسعة بينه وبين المستوى البحثي والأكاديمي العالمي، فالدول العربية.
الافتقار لسياسة علمية
واللافت أن أغلب الدول العربية – إن لم تكن كلها - تفتقر إلى سياسية علمية محددة المعالم، والأهداف والوسائل، فضلاً عن العديد من المعوقات التي تحول دون رقي الأمة العربية إلى مستوى الحضارات والدول المتقدمة ومهما كانت أسباب التخلف العربي فإن البقاء خارج دائرة التطور العلمي هو أمر غير مقبول، في ظل التقدم التقني للغرب والبحث الدائم الدؤوب، والتطوير المستمر، وصرف المليارات على البحث العلمي، بينما الدول العربية تصرف المليارات على الفضائيات الهابطة والحفلات والرقص وغيره.
وتلفت فى هذا السياق دراسة عربية موسعة الى أن تكثيف إنشاء الجامعات وتكاثرها في مختلف الأقطار العربية كان يهدف بالدرجة الأولى فى، أن تتحول في أقصر مدة ممكنة إلى مراكز بحث وإشعاع، والا يظل جهدها محصوراً على التعليم وكأنها معاهد أو مدارس تنتج الكتبة وموظفي الدواوين الحكومية، وعلى الرغم من مرورالكثير من الوقت تزايد معه عدد هذه الجامعات، وزادت معها مساحة التفاؤل الا أن شيئاً من تلك الأهداف الأساسية لم يتحقق بعد، ربما تكون بعض هذه الجامعات قد نجحت إلى حد كبير في استعارة مناهج العلم وطرقه لتطبيقها على الأدب، وفي دراسة بعض النظريات الفكرية والفلسفية، إلا أن جامعة واحدة لم تستخدم تلك المناهج لتطبيقها في المجال العلمي والدخول إلى عالم التقنيات الحديثة، لكي تشكل بذلك نقلة نوعية جديدة تنهي أوعلى الأقل تقلل من اعتمادنا على الغرب .
أزمة مالية
وتشير الدراسة الى أن معظم هذه الجامعات يعاني من أزمات مالية وما ترصده بعض الأنظمة لا يكاد يتجاوزما يسمى بميزانيات التشغيل، ولا مكان فيها لشيء اسمه البحث العلمي الذي ينبغي أن يتم الإنفاق عليه بسخاء ليتمكن الباحثون من اكتشاف الطريق الصحيح إلى التطورالقائم على المعرفة، والتخطيط والمنهجية وليس على الاجتهادات والعشوائية
ومن ثم فإن الحقيقة الموضوعية تؤكد أنه ما من سبب في تعثر الأبحاث العلمية وتراجعها المستمر في الوطن العربي سوى غياب التخطيط وضآلة الإمكانات ولا تغفل الدراسة فى هذا الصدد الإشارة إلى أن أبجدية البحث العلمي تبدأ من المدارس الابتدائية، وأن إصلاح التعليم العام، وتدريب التلاميذ من نعومة أظفارهم على رؤية ما حولهم بعيون وعقول واعية قادرة على التقاط الأشياء والحكم عليها، أو التعامل معها بفهم، يقتضي وقتاً أطول وإعداداً سليماً لجيش من المدرسين المؤهلين الذين سيوكل إليهم أمر إعداد علماء المستقبل، وما تحتاج إليه الأوطان من خطط وبرامج قابلة للتنفيذ وقادرة على العبور بهذه الأوطان من وضعها الراهن إلى المستقبل والنهضة العلمية المنشودة وتقارن الدراسة بين منظور المجتمعات المتقدمة والمجتمعات العربية للبحث العلمى موضحة أن المجتمعات في الدول المتقدمة تدعم المؤسسات البحثية ماديًا ومعنويًا، ولا تبخل عليها بالمال أو الإمكانات، حتى إنه في كثير من الأحيان تنظم المسيرات والتجمعات مطالبة الحكومة بالإنفاق بسخاء لإجراء المزيد من البحوث العلمية في مجالات التنمية التي ينشدها الوطن بينما تنظرالمجتمعات العربية نظرة سلبية إلى البحث العلمي، وربما يرجع ذلك للتنشئة الاجتماعية التي جعلت من الشعوب العربية غير مدركة لخطورة تدهور البحث العلمي العربي، وتأخرنا عن ركب الحضارة .
خسائر باهظة
ويرى الدكتور عبد الله عبد العزيز النجار رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا التى تتخذ من دبى مقراً لها أن الخسائر الفادحة التى تحققها الدول العربية على الصعيد التنموى ترجع إلى عدم الاهتمام بالبحث العلمي خاصة التخلف والأمية والبطالة والمشاكل المجتمعية ويقول إنه ليس بوسع أحد أن يقدر هذه الخسائر في الأعوام الماضية ولكن يمكن إيعازها إلى عدم الاهتمام بالبحث العلمي فالتخلف الذي وقع بالمنطقة العربية وأدى الى انحسار فرص العمل وانحسار امتلاك التقنية مما أثر على قدرة الدول العربية على مواجهة التحديات العالمية في مجال الأمن القومي.
ويعتقد الدكتور النجار فى أن هناك فرصة لتدارك هذه الخسائر لأن الدورات التكنولوجية في الابتكار والاختراع محدودة الأجل وتظهر منتجات جديدة في السوق كل فترة زمنية قصيرة لا تتعدى ثلاث سنوات وبوسعنا ركوب أي حلقة من حلقات البحث العلمي بحيث نستطيع خلال 5 سنوات أن نطرح منتجات عربية في الأسواق المحلية ومن ثم في السوق العالمية.
معايير خاصة
ويطالب بسرعة وضع معايير خاصة تنموية للتقدم العلمي في المنطقة العربية لقياس أثر التغيير على المجتمعات العربية وذلك اتساقا مع المعايير التى وضعتها المؤسسات الدولية لقياس التقدم العلمى لا بد أن نطلع على ما ينفع ويفيد شبابنا وفى رأيه فإن تحقيق التكامل بين الدول العربية فى مجالات البحث العلمى بات من الضرورة بمكان لافتا الى أن على الرغم من أن تجارب تكاملية لم تنجح في المراحل السابقة إلا أن بعض علامات النجاح بدأت فى الظهور من خلال نجاح الشركات التي قامت المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا والتى تضم باحثين من جميع الدول العربية بتمويلها ومتابعة نشاطها فى البحث العلمى فى السنوات الأخيرة مبديا فى الوقت نفسه أسفه لأن معظم الصناديق التنموية العربية فشلت في تطوير نفسها لكي تتعامل مع المعرفة كمصدر تنمية ودائما تبحث عن المشروعات ذات الأثر المادي كشق الطرق وبناء المباني لتمويله .
حلقة الاقتصاد
وأسأل الدكتور النجار عن المعوقات التي تواجه البحث العلمي في الوطن العربي فيشير الى أنه لا توجد مشكلة في قلة البحث العلمي أو الضعف العلمي وإنما مشكلتنا دائما في اكتمال الحلقات التي توصل البحث العلمي إلى الاقتصاد وما ينقصنا هو أدوات الربط بين الجامعة والصناعة وحتى لو قمنا بعمل برامج وتحفيز لهذا المجال لا نستطيع أن ننجح والسبب أننا مازلنا في حاجة للبحث العلمي لربطه بالتنمية الاقتصادية لأنه معزول عن الاقتصاد.
تعييرات ومخططات
وحول التعاون بين المؤسسة والدول العربية لتبني مبادرة صنع في الوطن العربى وأسباب توقف هذه المبادرة يقول الدكتور النجار: إنه بعد قيام الثورات العربية أصابت المؤسسات العربية بعض المخاوف مما أدى إلى حصر أنشطة جميع المؤسسات وبرامجها حتى تستقر الاوضاع ولذلك فالتقدم العلمي لا يأتي إلا مع توفر الأمن والاستقرار والرخاء فهذه المرحلة شهدت العديد من التغيرات التى أدت بالفعل إلى التركيز على مخططات ما بعد استقرار الحكومات العربية لكن مازلنا في هذه المرحلة ولذلك ننتظر أن تستقر النظم والدول لكي نعيد بناء جسور التواصل مع المسؤولين ومتخذي القرار فيها، ولذلك كان لابد أن تتم مراجعة خطط المؤسسة واستغلال تجميد البرامج والأنشطة في الفترة الماضية لتطوير الأنشطة والبرامج المبنية على التنمية والبحث العلمي وقريبا سنعلن عن خطط جديدة للمؤسسة في المنطقة العربية ككل وبشكل رئيسي في مصر .
مخاوف «الربيع»
وحول ما اذا كانت ثورات الربيع العربى قد كشفت عن تزايد المخترعين في الوطن العربي وكيفية قيام المؤسسة بمساعدتهم يوضح محدثنا أنه ظهر بالفعل العديد من المخترعين والمبدعين مع قيام الثورات العربية ولذلك تحاول المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا حاليا الاستمرار في برامجها التي بدأتها في اكتشاف المخترعين وتشجيع الابداع وتحويله إلي اقتصاد وكان آخر مشروع في المؤسسة هو تأسيس الحاضنة الافتراضية للابداع والابتكارات العربية بهدف تسويقها وهى تتكون من عدة محاور منها محور تسويق انتاج العلماء العرب وتسويق انتاج الشركات المبنية على البحث العلمي ومحور لحل مشكلات الصناعة في الوطن العربي ،كما ستطلق المؤسسة برنامجا خاصا بمصر لتحويل نتائج البحث العلمى إلى اقتصاد لتوفير فرص عمل وإحداث تنمية حقيقية وتحسين مستوى المعيشة.
ويضيف : انتابنى قدر من القلق على الميزانيات المخصصة للبحث العلمي بعد التغيير الذي حدث في الوطن العربي وقيام الثورات العربية وتوقعت أن يحصل على أقل مما كان عليه من جانب الحكومات خاصة أن الحكومات تركز أكثر على المشروعات ذات الأثر الميداني والمرتبطة بالمجتمع لخلق فرص عمل والاسكان والقضايا الملحة التي أدت إلى هذه الثورات لكن ما لمسته بعد تشكيل الحكومات الجديدة أنها أكدت جميعها حرصها على ضرورة نهضة البحث العلمي ومصر مثلا خصصت صندوقا ب400 مليون جنيه لدعم البحث العلمي وهو ما حدث في تونس أيضا وفي باقي الدول العربية .
علماء المهجر
وفيما اذا كانت المؤسسة تتعاون مع العلماء العرب في المهجر يسارع الدكتور النجار الى القول : إن المؤسسة تمتلك أكبر شبكة من العلماء العرب داخل وخارج الوطن العربي ولذلك يزيد عدد الأعضاء بالمؤسسة عن 22 ألف عالم وهى تهتم فى هذا السياق بجبهتين, الأولى داخلية وتركز على تغيير ثقافة ممارسة البحث العلمي وتحويله إلى تنمية اقتصادية بينما تولى الجبهة الثانية الأهمية للاستفادة من العلماء العرب في المهجر لخلق قصص نجاح تؤدي إلى تنمية اقتصادية وتدعم التقدم العلمي داخل الأمة العربية وهو ما يمثل أحد برامج المؤسسة الواضحة للتعاون مع هؤلاء العلماء لكي يكرروا النجاح بالداخل من خلال ربطهم بالعلماء العرب المتواجدين بالداخل وتأسيس شركات معهم حيث قمنا مؤخرا بتأسيس شركة برأسمال 2.9 مليون دولار كأحد أدوات التعاون مع العلماء العرب في الخارج لكي نجعلهم في خدمة التنمية في داخل المنطقة العربية.
أسباب ووقائع
ولاشك أن أحد أهم الأسباب المؤدية إلى انخفاض معدل إنتاجية البحث العلمي في الوطن العربي مقارنة بالواقع العالمي -كما يقول الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة القاهرة - يرجع إلى عدم وجود استراتيجية واضحة للبحث العلمي في الوطن العربي، ونقص التمويل الذي تنفق نسبة كبيرة منه على الأجور والمرتبات والمكافآت والبدلات وغيرها، وعدم تخصيص ميزانية مستقلة ومشجعة للبحوث العلمية، إضافة إلى أن الحصول على منحة بحثية يستغرق إجراءات طويلة ومعقدة مع قلة في الجهات المانحة. بالإضافة الى ذلك فإن معظم الجامعات في الدول النامية تركز على عملية التدريس أكثر من تركيزها على البحوث العلمية بينما الدول المتقدمة ترصد الميزانيات الضخمة للبحوث العلمية لمعرفتها بالعوائد الضخمة التي تغطي أضعاف ما أنفقته فضلاً عن افتقار أغلب المؤسسات العلمية والجامعات العربية إلى أجهزة متخصصة بتسويق الأبحاث ونتائجها وفق خطة اقتصادية إلى الجهات المستفيدة مما يدل على ضعف التنسيق بين مراكز البحوث والقطاع الخاص. كذلك غياب المؤسسات الاستشارية المختصة بتوظيف نتائج البحث العلمي وتمويله من أجل تحويل تلك النتائج إلى مشروعات اقتصادية مربحة. إضافة إلى ضعف القطاعات الاقتصادية المنتجة واعتمادها على شراء المعرفة.
مشكلات عديدة
كما تعانى مراكز البحوث والجامعات العربية من مشكلات عديدة من بينها انشعال عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس في العمل الإضافي، وقلة عدد الباحثين والمختصين، وندرة تكوين فرق بحثية متكاملة، فالبحوث التي تجري بين جدرانها من جانب أساتذتها إنما هي بحوث فردية لأساتذة يحاولون الإنتاج العلمي بغية الترقي، أو النشر، وهي بحوث أضعف من أن تحل مشكلات المجتمع أو تعمل على تقدمه.
كما تعاني المراكز البحثية من الانفصال شبه الكامل بينها وبين المجالات التطبيقية خارج أسوارها أو معاملها، وكذا انفصام الصلة بين الجامعات وحقل الإنتاج، وابتعاد الجامعات عن إجراء البحوث المساهمة في حل المشكلات الوطنية، إضافة إلى عدم مشاركة المؤسسات الكبرى والشركات والأثرياء من الأفراد في نفقات البحث العلمي إضافة إلى عدم وجود حرية أكاديمية كافية كتلك التي يتمتع به البحث العلمي عند الغرب، والبيروقراطية والمشكلات الإدارية والتنظيمية، والفساد المالي والإداري في مؤسسات البحث العلمي الحكومية، إلى جانب تأخرعملية نقل المعلومة التقنية من الدول المتقدمة إلى الدول العربية، وبقاء كثير من مراكز البحوث العربية تحت قيادات قديمة مترهلة، غير مدركة لأبعاد التقدم العالمي في ميادين البحث العلمي لا سيما في العلوم التكنولوجية والفيزيقية، وإهمال التدريب المستمر للباحثين، بل وصل حال كثير من مؤسسات البحث العلمي إلى تهميش الكوادر البحثية التي لا تتفق وسياسية السلطة أوإمكاناتها، ومن ثم يتم تهجير أوهجرة هذه العقول العربية في مختلف التخصصات واستقرارهم في الدول الغربية، لتجد هذه العقول البيئة العلمية المناسبة لها، والمعززة لمواهبها، والداعمة لأفكارها الابتكارية ..
كما تؤشر المعطيات على أهمية الحرية الأكاديمية والبحث العلمي، باعتبار أن كلما ضاقت الحريات العامة، وتقلصت الممارسات الديمقراطية، وكثرت تدخلات الدولة في شؤون وقضايا الجامعة مما يجعلها الجامعة بالتالي تبتعد عن المشاركة في الشأن العام، وكلما ضاقت الحرية الأكاديمية وتقلص فعلها، ضاق معها البحث العلمي وتقلص مردوده وابتعد عن مهامه ورسالته.
مناخ طارد
ويحذر زايد من ظاهرة هروب الطلاب من الأقسام العلمية والتى تنذر بانقراض العلماء مستقبلا، كما أن المناخ العلمى فى مصر قد أدى إلى هروب الكفاءات العلمية إلى الخارج بحثا عن مناخ أفضل للمعيشة، والبحث العلمى ،نتيجة انخفاض الدخل المادى للباحثين مما يصرفهم عن بحوثهم، وعدم مواكبة التقدم العلمى فى الخارج، نتيجة استنزاف طاقاتهم فى توفير متطلباتهم الأساسية، وتحسين مستوى معيشتهم، وانتشار ظاهرة السرقات العلمية لأبحاث الأساتذة فى الجامعات المصرية، والكليات النظرية خاصة، وضعف التمويل المادى للبحوث، والدراسات الجادة، وعدم توافر الأجهزة، والمعامل اللأزمة فى مجال العلوم البحتة، ويستشهد» د. أحمد « بالتقارير التى صدرت عن الجامعة العربية، ومؤسسة العمل العربية، و الأمم المتحدة عام 2007، والتى تشير إلى أن المجتمعات العربية قد أصبحت بيئة طاردة للعقول العربية، والكفاءات العلمية إلى الخارج، وأن مصر وحدها قدمت فى السنوات الأخيرة ( 60% ) من العلماء العرب، و المهندسين إلى الولايات المتحدة، كما أن هناك نحو (7350 ) عالما تركوا بلادهم بسبب الأحوال السياسية و الأمنية، وإن هناك ( 450 ألف عربى ) يشكلون نحو ( 31% ) من المجتمع الغربى، منهم (5،4 %) من الطلاب العرب يعودون إلى بلادهم بينما يستقر الآخرون فى الخارج، وهناك (34% ) من الأطباء الأكفاء فى بريطانيا، وأكثر من مليون خبير، و اختصاصى عربى من حملة الشهادات العليا، أو الفنيين المهرة مهاجرون و يعملون فى الدول المتقدمة بالمجالات العالية التقنية مثل الجراحات الدقيقة، الطب النووى، والهندسة الإلكترونية، والميكروالكترونية، والهندسة النووية، وعلوم الليزر، وعلوم الفضاء .


البحث العلمي في الوطن العربي مقارنة مع دول الجوار
كشفت دراسة، أعدتها د.موزة بنت محمد الربان، مدير عام منظمة المجتمع العلمي العربي، عن خلل كبير في أرقام البحث العلمي بالدول العربية، مقارنة بدول أخرى، شرق أوسطية.. خاصة في السنوات العشرة الأخيرة.
الدراسة واحدة من سلسلة من الدراسات العلمية المُوثّقة، التي تقوم بها «منظمة المجتمع العلمي العربي» حول البحث العلمي في الوطن العربي، واقعه و تحليلاته و استشراف مستقبله..
في هذه الدراسة، سنتعامل مع الوطن العربي كوحدة واحدة، لكي يمكننا مقارنة البحث العلمي فيه مع دول الجوار، و نخص بها ايران، تركيا و اسرائيل. و تشمل هذه الدراسة الفترة الممتدة بين عامي 2000 - 2011. و سوف نستدل على مقدار البحث العلمي بعدد الأوراق المنشورة و التي تحتوي قائمة عناوين الباحثين فيها على عنوان واحد على الأقل للدول مدار البحث.
يبيّن الشكل أعلاه، أنه في عام 2000، كان انتاج الوطن العربي يفوق انتاج كلٍ من ايران و تركيا بشكل واضح. حيث بلغ حوالي 8667 ورقة علمية ،بينما كان انتاج ايران لا يتجاوز 1600 ورقة، و بلغ الانتاج التركي 5844 ورقة بحثية منشورة، أما اسرائيل فإن انتاجها كان حوالي 10,167.
يتضح أيضا من الشكل، أن الانتاج التركي ازداد بمعدل يفوق معدل زيادة كلٍ من الوطن العربي و ايران، و التي ازداد معدل انتاجها منذ العام 2005 بشكل واضح، لنصل في عام 2011 الى نتيجة مختلفة تماما عنها في عام 2000 .
لقد اقترب الانتاج التركي و الإيراني من الإنتاج العربي بشكل كبير ، فقد بلغ عدد الأوراق المنشورة من تركيا ، إيران و الوطن العربي على التوالي: 22895 ، 22657 ، 22668 ورقة منشورة .
وللمقارنة، فإن تعداد السكان من البنك الدولي ، في هذه الدول حسب احصائية 2008 يبيّنها الجدول التالي، حيث يتضح أن تعداد سكان جمهورية مصر العربية لوحدها يفوق تعداد كلٍ من ايران و تركيا ، فضلاً عن اسرائيل !

جامعة الملك عبدالله للعلوم (اليوم)
المملكة.. إضافات عملاقة في تشجيع البحث والاختراع
اهتمت المملكة بالبحث العلمي، منذ فترة طويلة، بل وجعلت منه هدفاً استراتيجياً في كل خططها وميزانياتها التنموية التي رصدها خادم الحرمين الشريفين، ضمن محاور النهضة الشاملة التي تعتمد سنوياً. وعلى سبيل المثال، تلعب مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين دورا كبيرا في الكشف عن الموهوبين وتنمية قدراتهم،وتقديم أقصي الخدمات المناسبة لهم، وتوفير الدعم المادي والمعنوي، بالإضافة إلى إعداد جوائز لتشجيع الموهوبين في مجالاتهم المختلفة مما يحفزهم على العمل والابتكار، وإصدار النشرات الإعلامية والدوريات المتخصصة لنشر الوعي والمعرفة في مجال الموهبة.
وأنشأت المؤسسة قسماً لدعم المخترعين والمخترعات السعوديين هدفه استقبال أفكارهم الابتكارية وفحصها بقصد التأكد من صحتها وجدواها، ثم البحث في قواعد مكاتب براءات الاختراع العالمية للتأكد من عدم تكرار هذه الأفكار، ثم العمل مع المخترعين السعوديين على الحصول على براءات اختراع.. وعلى تعريفهم بالمستثمرين من الأفراد والشركات، وبلغ عدد المخترعين الذين ساعدتهم المؤسسة أكثر من مائتي مخترع ومخترعة، وهو عدد ينمو باستمرار، كما يتم عقد مؤتمر سنوي للمخترعين السعوديين، ومعه معرض لمخترعاتهم، وهو الوحيد من نوعه في العالم العربي .
عدد من خبراء البحث العلمي في مصر أكدوا ل «اليوم» عل الدور الكبير الذي تلعبه مؤسسة الملك عبد العزيز في رعاية الموهوبين وتوفير احتياجاتهم وتنمية قدراتهم ،بالإضافة إلى دور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في الاهتمام بالبحث.
دور خادم الحرمين الشريفين
في البداية يؤكد د. طارق خليل رئيس جامعة النيل، أن المملكة العربية السعودية تشهد تقدُّما ملحوظا في البحث العلمي ولها دور كبير في رعاية الموهوبين، حيث يهتم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله برعاية المواهب الصغيرة، وهي تأتي في مركز اهتمام كبير ويعتني بها كثيرا، فهو حريص على كل شيء يخص صناعة المستقبل، حيث ينادي دائما بتأهيل الإنسان الكفء المسلح بالإيمان والعلم..
ويوضح خليل ،أن خادم الحرمين الشريفين ترجم كلّ ما يقوله عن المستقبل والعلم وذلك بإنشاء مؤسسة تعتني بالموهوبين وتكشف عنهم وتتابعهم، وهي مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين،مشيرا إلى أن الموهوبين هم قادة المستقبل في شتى المجالات وعلى الدول العربية كلها أن تهتم بهم وتنشئ مؤسسات ترعاهم وتكشف عنهم.
دعم مادي ومعنوي
وأشار الدكتور هاني محمود الباحث بالمركز القومي للبحوث، أنه متابع جيد لمؤسسة الملك عبد العزيز لرعاية الموهوبين وأنها لها دور كبير في صنع أجيال للمستقبل والنهوض بالموهبة في المملكة، حيث تهتم بأفرادها وتوفر لهم الدعم المادي والمعنوي وتقدم لهم المنح لتمكينهم من تنمية مواهبهم وقدراتهم، بالإضافة إلى إعداد البرامج والبحوث والدراسات العلمية في مجال اختصاصه.
جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا نموذج فريد للبحث العلمي والانفتاح على العالم
وشدد الباحث بالمركز القومي للبحوث على ضرورة اهتمام الدول العربية بالبحث العلمي وإنشاء مؤسسات مثل المملكة لرعاية الموهوبين لأنهم هم صناع المستقبل، واستقدام خبراء من الخارج لتدريبهم ورعايتهم وتنمية قدراتهم، متمنيا أن تساهم مدينة زويل للعلوم بالقاهرة مع مؤسسة الملك عبد العزيز لرعاية الموهوبين في تحقيق نهضة علمية بالوطن العربي.
نهضة علمية
ويقول الدكتور محمود ابراهيم عميد كلية العلوم الأسبق بجامعة القاهرة: إنه زار مؤسسة الملك عبد العزيز كثيرا وأنه يشعر بالسعادة والفخر أن تكون مثل هذه المؤسسة موجودة في الوطن العربي، مؤكدا على دورها الكبير في رعاية الموهوبين والكشف عن قدراتهم وتنميتها، لأن إبراز مواهب الصغار هو الطريق للنهوض بالمستقبل.
ويذكر عميد كلية العلوم الأسبق، أنه حضر معرض أقامته المؤسسة تعرض فيه أخر الاختراعات التي حققها العالم وكان ذلك أمام أعين الأطفال الموهوبين، وهذا يسبب لهم دافع قوي في اختراع أشياء مماثلة وأفضل منها، حيث رأيت في عيونهم غيرة من الاختراعات الموجودة، وقد تحدثت مع أحد الأطفال, وقال لي: لماذا هم أفضل منِّنا؟ إشارة منه إلى الدول الغربية، فقلت له: أنتم أفضل وسوف تخترعون مثل هذا وأكثر ،مشددا على ضرورة الاهتمام بالموهوبين والبحث العلمي مثل الاهتمام الذي توليه الدول الغربية لمواهبها.
الاهتمام بالبحث والمعرفة
ومن جانبه أكد علي حبيش رئيس أكاديمية البحث العلمي الأسبق، أن المملكة العربية السعودية تسعى جاهدة نحو وضع دعائم التقدم العلمي والاهتمام بالبحث واقتحام مجالات العلم والمعرفة، حيث أنشأت مؤسسات للبحث العلمي ومراكز لخدمة العلماء والباحثين في مختلف المجالات، وعملت على دعمها بما تحتاجه من الموارد والإمكانات من أجل تحقيق التنمية والتقدم ، واللحاق بركب العصر وتطوراته السريعة ، وتطوير الحركة العلمية. وعن دور مؤسسة الملك عبد العزيز لرعاية الموهوبين، أكد حبيش علي الدور الكبير الذي تبذله المؤسسة في تغطية حاجات الموهوبين وتنمية قدراتهم من أجل المشاركة في صنع المستقبل.
تجارب
من جانبه، يعتبر الدكتور رأفت غنيمى الشيخ عميد كلية الآداب الأسبق بجامعة الزقازيق ومستشار رابطة الجامعات الإسلامية، أن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا تعد نموذجا فريدا للبحث العلمي والانفتاح على العالم، مؤكدا أن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا تعد مشروعا حضاريا للانفتاح على العالم وتأكيد لدعوة الإسلام إلى تحصيل العلم النافع وهذا يمثل ردا على من يتهم الأمة الإسلامية بأنها منغلقة وهذا غير صحيح، وأنه لابد أن يكون هناك تعاون وتكامل عربي وإسلامي في القضايا العلمية بعيداً عن السياسة لأن الإعلام الغربي يركز على نقل مظاهر التخلف في العالم العربي والاسلامي حتى يصدق وصفه للعرب والمسلمين بأنهم متخلفين. وتابع قائلا: ونحن كمسلمين نؤكد أن العلم تراث عالمي وإنساني وينبغي على المسلمين الاستفادة من كافة التجارب ونتائج الأبحاث العالمية وان كل من يدرس الشريعة الإسلامية دراسة حقيقية يجد أن الرسالة الإسلامية رسالة منفتحة تحث على التواصل والتعاون وحل المشكلات التي تواجه البشرية وحلها ليس خاصاً بالمسلمين فقط بالرغم من أن لهم دينهم ورسالتهم الإلهية وأنها منفتحة وتتفق مع الرسالات السماوية السابقة ويستحيل أن تختلف الديانات فهي رسالات من أصل واحد وتدعو إلى عبادة البشر لخالقهم وإخلاص العبادة لله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.