سيطرت الأحداث السياسية الساخنة والوضع الملتهب الذي تشهده الأراضي الفلسطينية في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية الدموية على المؤتمرات الانتخابية التي يعقدها المرشحون في الانتخابات البرلمانية المصرية، حيث استثمر كافة المرشحين سواء كانوا ينتمون للأحزاب المختلفة أو المستغلين المناخ العام الذي تشهده مصر والدول العربية المتحفز ضد الممارسات الاسرائيلية والمذابح التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في القدس وعمل كل مرشح على أن يبدأ مؤتمره الانتخابي بالحديث عن القدس وضرورة تحريرها من أيدي الصهاينة، بعد ذلك يأتي الحديث عن البرامج والخطط والوعود الانتخابية. وفيما يأتي الحديث عن الأوضاع الفلسطينية المتدهورة على ألسنة المرشحين ليشكل ظاهرة جديدة في المعركة الانتخابية الجارية الا انها ليست الظاهرة الوحيدة التي أفرزتها هذه المعركة التي دخلت مرحلتها الحاسمة في أولى جولاتها التي تبدأ يوم 18 أكتوبر الجاري وذلك بعد اقفال باب الطعون والاعتراضات لينشغل المرشحون الذين وصل عددهم الى 4 آلاف و164 مرشحا بدعايتهم وكيفية السيطرة على دوائرهم الانتخابية وكسب الأصوات. هدايا وأغنيات وفي ظاهرة لافتة حملتها المنافسات الانتخابية تسابق المرشحون على تقديم الهدايا للناخبين، ورغم ان اسلوب الهدايا كان محدودا في الدورات السابقة وقاصرا على المقربين من المرشح الا ان الهدايا في هذه المعركة اتسع نطاقها ليشمل كل ناخبي الدائرة فهناك أجهزة المحمول والساعات الذهبية والفضية وأجهزة الراديو الترانزستور، ومن أمثلة ذلك ما قام به أحد المرشحين في احدى الدوائر بمحافظة أسوان من اعداد مسابقة لأهل دائرته وتوزيع أجهزة المحمول على الفائزين فيها، بينما قام المرشح المنافس بتوزيع أجهزة المحمول بدون عمل مسابقات وجوائز لاجتذاب الناخبين ناحيته لتستمر المنافسة وتزداد أجهزة المحمول في أيدي الناخبين. مرشح آخر من محافظة السويس قام بتوزيع عدد كبير من أجهزة الراديو الترانزستور على أهل دائرته لأنه يحمل رمزه الانتخابي بينما قام المرشح المنافس بتوزيع عدد من الساعات الذهبية والفضية رمزه للانتخابات أيضا واضافة للهدايا لجأ عدد كبير من المرشحين الى استخدام الكاسيت في دعايته الانتخابية حيث أسرعت بعض الشركات الفنية المتخصصة في انتاج الألبومات الغنائية لعمل تعاقدات مع المرشحين لانتاج ألبوم غنائي له يقوم بالغناء فيه مطرب من الدرجة الثالثة والرابعة وتحمل الأغنيات اسم المرشح ورمزه الانتخابي وبرنامجه ووعوده للناخبين، ويقوم المرشح بتوزيع نسخ من الكاسيت على عدد من القرى والمدن في دائرته الانتخابية كوسيلة للدعاية بجانب اللافتات وعقد المؤتمرات. الأخوة الأعداء وبجانب أساليب الدعاية المبكرة أفرزت انتخابات عام 2000م البرلمانية ظاهرة جديدة تشارك فيها العديد من الدوائر الانتخابية وهي ظاهرة الإخوة الاعداء حين يوجد في هذه الدوائر اثنان أو ثلاثة من الأشقاء يتنافسون على مقعد واحد داخل قبة البرلمان ففي محافظة القليوبية وفي دوائر شبين القناطر يقف حسن الوكيل ضد شقيقه الأكبر فتحي الوكيل، ولم يشفع للشقيق الأكبر انه نجح في الانتخابات الماضية كمستقل ضد مرشح الحزب الوطني مما يعني انه صاحب شعبية كبيرة وهذا لم يكن كافيا لاقناع شقيقه حسن الوكيل الموظف السابق بشركة النصر للاستيراد والتصدير ليتنازل عن الترشيح ضده وهو ما يرفضه الشقيق الأصغر مؤكدا ان التغيير واجب وقد قررت الترشيح منذ عام مضى وعلقت اللافتات قبل أي مرشح آخر وحاولت التفاهم مع شقيقي لكي يترك الفرصة لي ولكنه رفض. وبينما تشهد دائرة شبين منافسة ساخنة بين الشقيقين تشهد دائرة طوخ بنفس المحافظة منافسة ساخنة أيضا بين الشقيقين عبدالرحيم امام وهو عضو مجلس الشعب والانتخابات قبل الماضية وبين شقيقه ابو سريع امام وكل منهما يراهن على النجاح ويقدم المبررات لأهل الدائرة. فيقول الشقيق الأصغر انني قررت الترشيح منذ فترة، وان شقيقي لم يقدم شيئا للدائرة عندما كان عضوا في مجلس الشعب دورة 1990م بينما يؤكد الشقيق الأكبر انه الأجدر في هذه الانتخابات. وفي دائرة إبشواى قدم المرشح عمر كحك أوراق ترشيحه ضد شقيقته عواطف كحك المرشحة عن الحزب الوطني ورغم ان الاثنين يقيمان في منزل واحد وسبب هذه المنافسة يظل غائبا عن أهل الدائرة حتى الآن. ويلحق بظاهرة الأخوة الاعداء ظاهرة أخرى أطلق عليها البعض ظاهرة المقاعد الوراثية حيث يتنافس أفراد العائلة الواحدة للحصول على المقعد وما تشهده دائرة باب الشعرية وسط القاهرة من منافسة بين صبحي وهدان وكيل لجنة الاسكان السابق بمجلس الشعب ونجله يحيى وهدان ضابط أمن الدولة على مقعد الفئات ويأتي تصميم الأب على ترشيح نفسه بعد أن تخلى عنه الحزب الوطني واختار نجله، ويؤكد الأب انه سيخوض الانتخابات مستقلا وانه ما زال الأقوى من نجله. وفي محافظة سوهاج يقف أولاد العم في مواجهة بعضهم فيوجد فاروق عاشور ممثل الحزب الوطني في مواجهة سامح عاشور ممثل الحزب الناصري وعضو مجلس الشعب الحالي وكل منهما يرى نفسه الأجدر بالمقعد البرلماني. ويرى المراقبون ان الصراعات العائلية والصراعات بين الأشقاء من شأنها أن تؤدي لتفتيت الأصوات داخل العائلة نفسها مما يعطي الفرصة لأي مرشح آخر للفوز. الوطني والمرأة ورجال الأعمال من الظواهر الجديدة التي تشهدها المعركة الانتخابية أيضا هي المنافسة الشديدة بين مرشحي الحزب الوطني ذاته وهي ظاهرة تنامت عبر الدورات السابقة مع دخول المستقلين بعد نجاحهم للحزب الوطني وكانوا على أمل أن يقوم الحزب الوطني بترشيحهم هذه الدورة ولم يرشحهم فدخلوا الانتخابات بصفة مستقلين ضد زملائهم الذين رشحهم الحزب فضلا عن وجود مرشحين للحزب الوطني على مقعد الفئات يقيمون التحالف مع مرشحين مستقلين على مقعد العمال ضد مرشحي الوطنى على هذا المقعد وهو ما بدا في لافتات الدعاية المشتركة لبعض المرشحين المستقلين والتي ضمت معها أسماء للحزب الوطني واستفاد المرشح الآخر. يضاف الى الظواهر الجديدة كثافة تواجد المرأة في الانتخابات الحالية واللافت في هذه الظاهرة هو ترشيح جماعة الإخوان المسلمين لامرأة بمحافظة الاسكندرية اسمها جيهان الغرباوي ولم يجدوا غضاضة في هذا الأمر ولا مخالفة دينية ويساندونها بكل قوة في الوقت الذي يتصاعد فيه الصدام بين الحكومة وبعض قيادات الجماعة. كما ألقي القبض مؤخرا على زوج جيهان الغرباوي وهو الدكتور ابراهيم الزعفراني خلال تجمع انتخابي تنظمه زوجته والدكتور الزعفراني كان مرشحا سابقا في انتخابات 1984 و1987م ويشغل منصب الأمين العام لنقابة الأطباء بالاسكندرية. وبينما تستمر المنافسة الانتخابية تتجدد الظواهر القديمة مثل قيام كل مرشح بالتواجد مع أهل دائرته وقيامه برسم رموزه الانتخابية في شكل مجسمات حقيقية مثل قيام أحد المرشحين بصنع مجسم لدبابة بالحجم الطبيعي رمزه الانتخابي ووضعها عند مدخل قريته، كذلك قيام عدد كبير من رجال الأعمال بتمويل الحملات الانتخابية للمرشحين الذين يرغبون في فوزهم مثل ما يقوم به رجل الأعمال المعروف فرج الرواس من تمويل للحملة الانتخابية للدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب و15 مرشحا آخرين وذلك حسب ما أعلنه مؤخرا، وفيما يرى المراقبون ان كل انتخابات تفرز ظواهرها الانتخابية الا ان هذه المعركة لا تقف عند حدود وبتصاعد المنافسة ستتكشف العديد من الظواهر الأخرى فجراب المرشحين ما زال مليئا.