قبل عام تقريباً، كان الشاب محمد إبراهيم خضر محتجزاً في مقر أمني في محافظة السويس بعد أن هتف بسقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجله جمال خلال تظاهرة أمام مديرية أمن السويس نهاية تشرين الثاني نوفمبر 2010 احتجاجاً على تزوير الانتخابات البرلمانية آنذاك. لكن اليوم لخضر رسالة أخرى، هي توعية الناخبين باختيار البرامج لا الأشخاص في المرحلة الثانية من الانتخابات التي يبدأ الاقتراع فيها اليوم. وتركت السويس التي انطلقت منها شرارة الثورة المصرية وسقط فيها أول شهداء"25 يناير"، الاحتجاج موقتاً للتفرغ للانتخابات. وظل خضر يحفز المواطنين على تلبية نصائح ضابط في الجيش يجوب شوارع المحافظة بسيارة عسكرية ويدعوهم عبر مكبر للصوت إلى عدم الانخداع بالوعود البراقة للمرشحين وانتخاب المؤهلين للتشريع. وعبر الشاب العشريني ل"الحياة"عن سعادته بهذه الحملة التي يرى أنها موجهة ضد التيار الإسلامي بسبب استخدامه"شعارات براقة"لجذب الناخبين. وفي ميدان الأربعين الذي شهد أكثر الاشتباكات دموية بين الشرطة والمتظاهرين أيام الثورة، غطت الدعاية الانتخابية آثار المعركة البادية على جدران بناياته. وكما في محافظات عدة، كثف حزب"الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة"الإخوان المسلمين"، وحزب"المصريين الأحرار"الذي يقود تحالف"الكتلة المصرية"الذي يضم أيضاً حزبي"التجمع"و"المصري الديموقراطي"، من دعايتهما في السويس. أما حزب"النور"السلفي، فينشط في مساجد المحافظة، خصوصاً في حي فيصل الذي يعد معقل الإسلاميين في المدينة. وتتقاطع أصوات مكبرات الصوت المحمولة على سيارات في شارع الأربعين الذي يعد المحور الرئيس للمدينة، وتتردد عبرها لساعات شعارات وأغاني لدعم أحزاب ومرشحين مستقلين متنافسين في الانتخابات. والسويس عبارة عن دائرة واحدة، مخصص لها 6 مقاعد في البرلمان 4 منها بنظام القوائم ومقعدان بالنظام الفردي. ومرشح فيها 12 قائمة انتخابية و111 مرشحاً فردياً. وقال محمد حسين 34 سنة ل"الحياة"، وهو يرقب بنظره سيارة تحمل دعاية"الحرية والعدالة":"لن ننتخب إلا من جازف بحياته من أجل نجاح الثورة". وهو لا يرضى برفع راية تحمل شعار جماعة"الإخوان المسلمين"إلى جانب شعار الحزب. ويقول:"هذا مخالف لقواعد العملية الانتخابية، لأن فيه استخدام للدين في حين المفترض أن تكون المنافسة بين أحزاب سياسية". ولوحظ تمزيق عدد كبير من اللافتات الانتخابية لحزب"النور"في شوارع عدة، وهو أمر استنكره أمين لجنة شؤون عضوية الحزب في السويس محمود إبراهيم، قائلاً ل"الحياة"إن"تمزيق دعاية النور في المحافظة أشبه بالظاهرة، وبات ملحوظاً جداً، ما يؤكد أن أحد المنافسين يقف وراءه، لكن لا نستطيع اتهام أحد". ونفى استخدام المساجد في الدعاية الانتخابية، مشيراً إلى أن"شعبية النور في حي فيصل أمر طبيعي بسبب انتشار الدعوة السلفية في الحي". وقال إن"إطلاق التهم من أسهل ما يكون... البينة على من ادعى، ونحن ملتزمون بالقانون الذي يحدد ممارسة الدعاية الانتخابية". غير أنه لا يستطيع تقدير فرص فوز حزبه في السويس المعروف عن أهلها"المفاجآت".