تعد خطبة الجمعة وسيلة مهمة من وسائل الإرشاد والتقويم والتذكير لعموم المسلمين، حيث تعنى بمخاطبة مجموعة كبيرة من الناس في يوم مخصوص وهم يتفاوتون في مستوياتهم الإيمانية، والعقلية، والفكرية، والثقافية، والسلوكية. هذا ما أكده الشيخ عبدالعزيز بن محمد الحمدان إمام وخطيب الجمعة في جامع الأمير عبدالله بن محمد بحي عتيقة في مدينة الرياض الذي تعاهد منبر الجمعة ما يزيد على ثلاثة عقود، وقال: إن الناس يتباينون في الالتزام والتقوى والاستجابة والتأثر لما يقوله الخطيب، إضافة إلى ذلك تعدد المشكلات وتنوع القضايا التي يتطرق لها الخطيب في كل جمعة، بما أن فرصة الجمعة فرصة ثمينة له تتكرر مرة كل أسبوع للتأثير على ذلك العدد الكثير من الناس الذين يأتون راغبين غير مجبرين، وأنه وجب على كل خطيب أن يجتهد في إعداد خطبته وتنقيحها وتجويدها حتى تتحقق أهدافها المرجوة. وطالب الشيخ الحمدان - في حديث له عن خطبة الجمعة ودورها في علاج كثير من قضايا المجتمع المسلم الدينية والدنيوية - الخطباء بأن يجعلوا منابرهم منابر هداية وإرشاد وتوجيه لما يجمع الكلمة ويوحد الصف ويزيل العداوة والشحناء، ويحل المشكلات، وينفع الناس في دينهم ودنياهم، ويقع في دائرة اهتمامهم، ولا يخرجوا إلى موضوعات لا تفقهها العامة أو لا تهتم بها، مؤكداً فضيلته أن موضوع الخطبة هو لبها وروحها وبحسب الموضوع يكون أثر الخطبة، والخطيب الذي يقدر سامعيه ويحترمهم ويقدر أوقاتهم يحرص غاية الحرص على موضوع الخطبة ويجتهد غاية الاجتهاد في أن يكون موضوعها نافعاً للناس، مشيراً إلى أن خطبة الجمعة مناسبة أسبوعية ثابتة يتعين على المسلمين العناية بها والمحافظة عليها، والتأسي فيها شكلاً ومضموناً بهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشيراً إلى أن وظيفة خطبة الجمعة تتركز في ثلاثة أمور هي الوعظ والتذكير، وتعليم المسلمين دينهم عقيدة وشريعة وأخلاقاً، وإرشاد الناس وتوجيههم إلى ما فيه مصالحهم في حياتهم وأحوالهم المتجددة والمتعددة، مؤكداً على أن خطبة الجمعة هي دعوة إلى الله تعالى، فمن واجب القائمين بها أن يهتدوا فيها بالحكمة وبالأحكام المتعلقة بالدعوة، متمسكين في ذلك بنصوص الكتاب والسنة الواردة في الموضوع وبمقاصدها وهداياتها، ومن الفقه أن يجعل الخطيب خطبته في يوم الجمعة دعوة إلى أصول الخير وفروعه، ونهياً وتحذيراً من الشر أصوله وفروعه، دعوة إلى الإسلام في عقيدته وشريعته وأخلاقه وتعامله. واسترسل فضيلته قائلاً: إن من الفقه أيضاً أن يبتعد الخطيب عن إيراد الروايات المكذوبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والواهية مكتفياً بالثابت بمختلف درجاته، وليس كل موضوع يصلح أن تكون فيه خطبة جمعة، والخطيب الفقيه هو الذي يقدّر ذلك، داعياً خطيب الجمعة إلى ضرورة التركيز على الأصول والثوابت والأركان؛ لأن الاهتمام بالأصول والثوابت من شأنه أن يجمع الأمة على ما ينبغي أن تجتمع عليه من محبة لله وطاعته والتآخي والتعاون، وأن يجعل المصلين يخرجون بفائدة علمية محققة.