ميز المولى تبارك وتعالى صلاة الجمعة عن باقي الصلوات المفروضة بميزات عديدة من ضمنها الخطبتان التي بُنيتْ من أجلها المنابر ، والتي تسبق ركعتي الفريضة ، وقد أشارة النصوص الدينية إلى أن الخطبتين بمثابة الركعتين اللتين أنقصتا من الصلاة ، والتي يتوجب أن تتضمن زاداً أسبوعياً لما يحتاجه المسلم في حياته ، وهي من الوسائل الهامة في الإِرشاد والتقويم والتذكير ، فالخطبة هي : كلام منثور مسجوع ومرسل ، أو مزدوج بينهما ، غايته التأثير والإقناع ، لذا يجب على كل خطيب أن يحسن اختيار موضوع خطبة الجمعة بما يتناسب مع مجريات ذلك الزمن ، وقد ذكر فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد في أحد مؤلفاته - من المعلوم أن بواعث الاختيار متعددة ، والخطيب كلما كان صادقا في قصده ، مهتما بجمهوره وسامعيه ، جادا في طرحه محترما لنفسه ، فسوف يحسن الاختيار ، ويقدح زناد فكره بجدية نحو الابتكار وحسن الاختيار ، يضاف إلى ذلك الظروف المحيطة ، والأحوال المستجدة ، والأغراض الباعثة التي تستدعي الحديث عن بعض الوقائع والتعليق على بعض الأحداث والتفسير لبعض المواقف وتصحيح بعض المفاهيم ، ونظر الخطيب الحصيف يدله على تقديم بعض وتأخير بعض وحسن التفسير ونوع التعليق - فمثلاً ليس من المنطق أن تكون الجمعة بعد أيام التشريق ، ويختار الإمام خطبة تتضمن النار وعذابها الذي أعده الله لمن عصاه ، بل يتحتم على الإمام في مثل هذه المناسبة أن يجعل مفردات الخطبة تتحدث عن علامات القبول لمن حج أو صام الأيام المعلومات ، أو أن تكون مصادفه ليوم عيد ، ويتحدث عن الأمراض والأحزان وكيفية علاجها ، فالخطيب الواعي المستدرك لمحدثات الأمور يجتهد في إِعداد خطبته وتنقيحها وتجويدها حتى تحقق أهدافها المرجوَّة ، وهي فرصة لكل إمام أن يدخل البهجة والسرور لم يستمع إلى كلامه قال عليه الصلاة والسلام : ( إن من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على قلب المؤمن ) وقد جاء في توصيات مؤتمر رسالة المسجد المنعقد برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمّة في الفترة من 15-20 / 9 / 1395 ه فيما يتعلق بخطبة الجمعة أمور عده ينبغي على كل خطيب الاطلاع عليها لتكن القاعدة التي يبني عليها خطبه ، ومن تلك التوصيات أن تتضمن الخطبة على الوعظ والتذكير باللّه تعالى ، وبالمعاني الربانية التي تحيا بها القلوب ، وتفقيه المسلمين وتعليمهم حقائق دينهم ، وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإِسلام ، وردّ الشبهات والأباطيل بأسلوب مقنع حكيم بعيد عن المهاترات والسباب ، وربط الخطبة بواقع الحياة الذي يعيشه الناس ، ومراعاة المناسبات المختلفة التي تتكرر على مدار العام ، وأن يطعم متن الخطبة بأدلة وشواهد من الكتاب والسنة والسيرة ، والتاريخ الإِسلامي ، والأقوال المأثورة ، والشعر البليغ ، ولكي تَكُنْ الخطبة مكتملة الأركان ، واضحة البيان يتوجب أولاً وقبل كل شيء الاهتمام بالإمام الخطيب فإن حَسُنَ اختياره من خلال المؤهلات التي تُأهله للخطابة فسيكن مردود ذلك ظاهراً في مواضيع خطبه البنائه الهادفة . ومن أصدق من الله قيلاً { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تعلمون } . ناسوخ / 0500500313