في طبائع الغاب وإن كنا لسنا في (غابة) ولكن هناك ممن تمتلكه شراسة الغاب, مع فارق مسميات وميزات لكل ضارية من الضواري ما بين القوة والصوت, الشراسة والوداعة ,المكر والدهاء, الخسة والنجاسة.. وحتى الكلاب لها عواء وإن كانت ليست من فصائل الضواري, ولكنها الأكثر عواء وهراء مجرد هوهوة, أي نباح مثير مزعج لا يشكل بصوته خطورة على الإنسان, إلا حينما يصبه نوع من (الغلث) كما قيل في أمثالنا - الشعبية - أي الكلب (المسعور) المصاب بمرض معد ثم ينهش إنسانا فيصاب ذلك الإنسان بدوره بمس العدوى بداء الكلب بالهوهوة.. فهناك أناس أصحاء وذوي علم راق وثقافة ومكانة راقية, ولكن سلوكياتهم تخالف مسلكياتهم, حينما يخرجون عن طوعهم وطبعهم في انتهاج هذه المسلكيات المشينة في عوائهم وغثائهم فلا هم من فصيلة الضواري التي روضها الإنسان, بقدر ما هم من فصائل الهوهوة الآتية من نفوس متصحرة يكتنفها الجدب والندب في كل مناسبة وغير مناسبة, آناء الليل وأطراف النهار مجرد خواء صوت خباء ثم اختفاء.. تصحر النفوس كتصحر البيداء المخيفة مع فارق الطبع والطبيعة بينهما, فالنفوس إذا كانت متصحرة فيعني ذلك خلوها من الحب والوئام يحكمها سلوك بذيء أذي متعطش لإيذاء الآخرين قولاً أو فعلاً, همزًا أو لمزًا, فمثل هذه النفوس تحتاج لمداراة ومداواة. ولكن هيهات وقد غلب الطبع التطبع, بالتأقلم مع الأجواء النقية التقية فيما حولها وحوليها, حتى لا تتأثر بترهات وشذرات أقوالها وأفعالها وتفسد علاقات أناس وبلدان أقحمت بأشياء من لا شيء.. هذا ما كان من أمر تلك النفوس المتصحرة المجدبة.. أما ما هو في حالة تصحر البيداء وكونها مجدبة ومخيفة فإن الإنسان استطاع الاستئناس بعلمه وعالمه المعرفي أن يروض تصحر البيداء وينميها بمشاريع تنموية مبهجة قوامها اقتصاد مذهل وعالم زاخر بالعلم والمعرفة، ومجتمع يسوده الحب والوئام والاستئناس بالإنسان. فهل يغيظهم فيما نرفل به من نعم؟ ولا نكترث بهرطقتهم وموجبات الرد عليهم إلا فيما ندر, حينما لا نعير كثير التفاتة لهوهوة كلب بلجاجة, يلج للخوض بمواضيع شائكة تعكر صفو علاقات دول عربية فيما بينها, حينما تكون هذه اللجاجة بفجاجة متعسفة معروفة الأهواء والأهداف بالإسفاف بالكلام الذي حينما يكون لكل شيء ثمن, الثمن الذي يأتي على حساب الانتماء والولاء للأوطان في سبيل المكاسب الشخصية, فيما هو واضح عند أولئك المتاجرين المؤجرين حناجرهم في هوهوة بورصة الكلام (المرغي) فنحن بحاجة كأمة عربية لميزة التميز برجاحة العقول والترفع عن الصغائر في تنقية الضمائر من الشوائب, وسماع صوت العقل المتعقل لصوت الإنسان المحق في قول الحق المستحق! فماذا تجني الأوطان وشعوبها من هؤلاء الذين سمتهم الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق غير الكوارث والمحن, من افتعال الحروب النفسية والتي هي أشد وأمضى من فتك السلاح الممض.. حينما تعطب النفوس لتكون أكثر جروحًا وإيلامًا وتبقى غائرة لن تندمل مع مرور الأيام والسنون, أليس المثل يقول: بعض الكلام (أمضى من الحسام المهند) والذي حينها لا ينفع الحيف عند الانزلاق لمهاوي الردى.. لماذا الهجوم على بلادنا من قبل هؤلاء الشرذمة!؟ من بعض كتاب ورواة ومفكرين, عبر صحفهم وفضائياتهم ذات التمويل المشبوه, ومحاولاتهم الدائمة من النيل من هذه البلاد التي لم تتدخل يوما بشؤون أي دولة عربية, وهل يعيبها مساعدة الأشقاء في السراء والضراء؟ وهل تؤخذ بجريرة رأب الصدع العربي؟ أم محاولة غمط حق فيما تقوم به من مساعدات خيرة لكل بلد عربي تستدعي الحالة مساعدته؟ كثيرة هي الأمثال والشواهد من الأدوار الايجابية التي تحتسب في موازين صالح بلادنا, لا في موازين السلبية الناكرة الجاحدة العاقة لبلدانها قبل بلدان الآخرين, من قبل الأبواق الرادحة الصادحة التي كلما ارتفع صداها الماكر كلما زادت نسبة عمولة عملاء الفتن على حفيف ورغيف العملات الصعبة المغموسة بترياق مذاق الريا والنفاق والشقاق والخديعة!! [email protected]