** لا أعتقد أن مدينة سعودية تم «التغزل» بها مثل مدينة جدة بدءاً من شاعرها حمزة شحاتة وقصيدته الشهيرة «النهى بين شاطئيك غريق» مروراً بأديبها الراحل أ. محمد صادق دياب -رحمه الله- وانتهاء بكاتبها الشهير أ. عبدالله خياط والعشرات من كتابها وشعرائها الذين طالما حلَّقوا في فضاءاتها يتأملون زرقة بحرها لينسجوا أجمل وأرق الكلمات فيه وفيها. وكما أن لجدة فرادة التغزل بها إلى ما قبل سنوات محدودة، فقد حظيت جدة بمعلقات الهجاء في الفترة الأخيرة بسبب «الكارثتين السّيليتين» اللتين حلّتا فيها وهي وإن كانت محنة فإن فيها منحة فلو لم تأت هذه المشاكل لظل تراكم المشاكل فيها.. ولكن جاءت هذه الكارثة لتوقف كوارث قادمة ولتبدأ «جدة» بحول الله عهداً جديداً من سلامة وجودة المشاريع، ولعل آخر ما سعد به سكان «العروس» التعاقد مع إحدى أكبر الشركات العالمية لإدارة مشروع تصريف السيول وتطوير البنية التحتية التي ستنتهي من تنفيذ الحلول العاجلة خلال أشهر ثم يتم طرح المشاريع الدائمة بحول الله، ومعروف أن مشكلة جدة ليس عدم اعتماد أو قلة المشاريع ولكن كانت مصيبتها الكبرى عدم إنجاز هذه المشاريع وجودتها والأمانة في تنفيذها، والفساد الذي صاحبها. *** قبل فترة كنت في جدة، وقد أخذت جولة سريعة على بعض شوارع «العروس» وأحيائها.. وقد أسعدني أنني رأيت أن جدة - رغم ما مرّ عليها - لا تزال جميلة وأنها بدأت تتعافى وتتطلع بعين الفأل إلى مستقبلها الأجمل وقد بدأ يتحقق بعض ما كان ينتظره سكان جدة وزوارها وأولها: التحسينات الملحوظة التي رأيتها في مطارها بعد التطوير الذي طال صالاته وهي خطوة أولى حتى انتهاء المطار العالمي المتنظر وتنتهي معه مشاكل الزحام بالصالات، ومشاكل التأخير والانتقال بالباصات التي أضحت من العهد القديم بالمطارات إلخ..، وأهل جدة وزوارها يتمنون عاجلاً إنهاء مشكلة «الباصات» المتعبة واستبدالها بالجسور الموصلة إلى الطائرات، ولو بشكل مؤقت حتى يولد المطار الجديد الذي يحتاج إلى سنوات. *** أما في جولتي على الحبيبة جدة، فقد رأيت أن عدداً من الشوارع التي كانت تعاني من الزحام الشديد بدأت -نسبياً- تتحقق فيها مرونة بالسير بعد الأنفاق والجسور التي تم إنشاؤها في هذه الشوارع، فضلاً عن اختفاء مشكلة بحيرة المسك العريقة، وأخيراً البدء بتطوير شرق جدة بمبلغ قارب 700 مليون ريال.. هذا في جانب الإيجابيات. *** أما السلبيات - وهي غير سلبيات وآثار السيول والصرف الصحي فسأقتصر على بعضها ومنها: ما شاهدته بحكم سكني في هذا المكان، لقد كنت ساكناً في الحمراء في موقع فيه فنادق كبيرة وأسواق ومطاعم، لقد رأيت «الكورنيش» هنا بلا خدمات ولا زراعة ولا أرصفة فيه بل أرض جرداء تجاور البحر، وكيف لمدينة هي مقصد السياح يكون أحد أهم أجزاء كورنيشها على هذا الوضع. وثاني الملاحظات الارتفاع الكبير في أسعار فنادقها وخدماتها حيث تضاعف أغلب أسعار فنادقها وخلال فترة وجيزة، ولم نر أدنى تحرك لهيئة السياحة رغم صدور تنظيم التصنيف. وثالثها: تشوه بعض الشوارع وسوء سفلتتها، فضلاً عن عدم تنظيم الإشارات فيها وتعديل أرصفتها للمساعدة في مرونة السير. بقي الشيء الأجمل بل الذي لا يتغير مهما جارت الأيام بكلكلها ومشاكلها على جدة.. ألا وهم أهل جدة وناسها فلا زالوا هم وجهها الأبهى. *** وبعد! استشرف أن نرى في «عروسنا» وقريباً إنجاز المشروعات الجديدة والمشروعات المتعثرة المتعلقة بالخدمات والبنية الأساسية وأن نرى استكمال المشروعات الكبرى سواء فيما يتعلق بالقضاء على مشاكل الخدمات فيها وتصريف السيول، والصرف الصحي، فضلاً عن إنجاز العديد من الأنفاق والجسور وأخيراً تنفيذ المشروعات العمرانية العملاقة التي رعاها -في فترة سابقة- خادم الحرمين الشريفين والتي يقوم على متابعتها والإشراف عليها أمير المنطقة الحازم الأمير خالد الفيصل. [email protected] فاكس: 4565576