والاجتهاد سنة.. والسنة قدوة.. والاقتداء منهج الفالحين... فمن هم المجتهدون في حرث وزرع وإرواء نبات التجربة الآن..؟ إنهم الشباب من الجنسين، الذين في غمضة عين, وجدناهم يقتحمون المجتمع، في زواياه وأركانه، في صدارته, ووسائل اتصاله، عند مداخل أبنيته، وأروقة مؤسساته، في المرسم، والمحفل، والتدريب، والتعليم... هم المذيعون والمذيعات.., خلف اللاقطات في المذياع، أو على الشاشات في قنوات الفضائيات .. وهم المقتحمون بوابات المحاولة، في مراكز التدريب، وفي قاعات التدريس، في البحث, والتجريب، في المشاريع الصغيرة النامية، وفي مراسم التشكيل، والابتكار، في التصميم، والكتابة، في الفضاء الإلكتروني، وفي مؤسسات المجتمع كلها... كلهم حماس، وبذل, يتراكضون... بفورة الدم في عروق النبع في طلعته،... وفي مواكب المتطلعين لمواقع باصمة لأسمائهم، حاضنة لاجتهاداتهم .. فدعوهم ولا تحبطوا هممهم .. دعوا المذيع منهم المتعثر في كلامه، المكثار تداخلاته، المرتبك في موقفه، منهم ومنهن ليخوض التجربة .. دعوا شباب أرواحهم وأجسادهم في انطلاقته... إنهم يتعلمون من تجاربهم، ويتفقهون بمواقفهم، ويكتسبون في سيرهم، إنهم يلتقطون من كبارهم، ويضيفون من ذواتهم ..بتلقائية محضة.. فكل صغير لا محالة سيكبر...، وكل كبير لا محالة سيتراخى،.. والمستقبل لهم..كما سيؤول منهم لغيرهم.. دولاب الحقيقة والناموس.. دعوا الباحث منهم عن الشهرة فسوف ينالها، والراكض وراء مكانة فيهم فسيحققها، وقليل الخبرة منهم ستتسع له خبرته، والطامح بينهم ليدرك مرماه، والمتسرع فيهم فستهدأ فورة سرعته.. كل صغير كبر منكم، وكل طامح نجح فيكم، وكل متطلع نال وجهته ذات امتداد .. فلهم هؤلاء الشباب، أن يخوضوا المعترك، ويركبوا موج الطموح، ويتسارعوا نحو مرافئ أحلامهم .. ولكن، خففوا عنهم سخط نقدكم، .. وملاحقة عدم رضاكم،.. واحجبوا عنهم رذاذ حسراتكم إن زل أحدهم، أو تقاصر عن بلوغ مرادكم... فإن استطاع أحدكم أن يتزحزح عن مكانه ليهبه لهم فليفعل .. إنهم قتاد المستقبل، وإنهم بناة أركانه، وإنهم شداة أحلامه .. وإنهم أنتم الذين كنتم وسيكونون من بعدكم.. ربما يكونون امتدادا لكم, لكن لا تقرروا ذلك،.. فلكل منهم ذاته، واستقلاله،... إنهم يجتهدون، فلا تحملوا عليهم معاول الهدم، لأنكم في الصدارة والوجاهة والإمكان، فقد بنيت تجاربكم عند محكات الحياة، وكبرتم بدفقها المتواصل، وتمكنتم من قدراتكم وحصدتم ثماركم، في طريق يتشابه، وإن اختلفت فرصه، وتباينت مفازاته، فليكن المشعل بأيديهم، وعليه فأوقدوا ..لا تطفئوا.. ولتكن الساحة متاحة لهم فامنحوهم من قلوبكم ما يرطب جفافها، وينير ظلامها، ويقوي من عزائمهم .. لم تقف القافلة عند من سبقوكم، ولن تقف عند أعتابكم.. إنها تمر بمحطاتها، تفرغ وتحمل.. تابعوهم بإحسان، وتقبلوهم بصبر.. علموهم بإخلاصهم .. وامنحوهم الفرص بأريحية.. ووسعوا لهم الدرب.. وتقبلوهم بصدق.. وتجاوزوا عن هفواتهم برحابة وإيثار.. إنهم ثروة القادم .. وحصاده.. إنهم هؤلاء الشباب الذين من حولنا يركضون, فرحين، باذلين, مجتهدين .. على ضآلة زوّاداتهم، ويسر مؤونتهم.. لكنهم واسعو الطموح، وزادهم الصبر .. فذات فرح سيكونون على منابر من نور... إنهم الآن يجتهدون.. اللهم وفقهم وخذ بأيديهم .. وأعنهم بتوفيقك وحفظك .. إنهم المجتهدون من الشباب في أنحاء, وجهات, وساحات الوطن. الفالحون بإذن الله تعالى...